23 ديسمبر، 2024 1:59 ص

المجرب يجرب من هندسة النفط إلى هندسة السياسة

المجرب يجرب من هندسة النفط إلى هندسة السياسة

حين أراد الرئيس الامريكي الجديد طمأنة  اعضاء مجلس الشيوخ الممتعضين من ترشيح ريكس تيليرسون  رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة إكسون موبيل النفطية العملاقة وزيرا لخارجية الولايات المتحدة، وحملة الاوصاف التي تقلل من خبرته السياسية ،  لم يتحدث عن دهائة السياسي ، و معلوماته التاريخية ، وقراءاته للكتب واصول الدين والعلوم السياسية ، فقط قال لهم : “هذا الرجل جلب لنا استثمارات من دول كنا  في يوم ما على خلاف معها” . بمعنى آخر قال لهم : إنّ شروطكم الغائبة فيه لاقيمة لها ازاء شروطي الحاضرة فيه ، وبين الشروطين ، يكمن التعريف الجديد للسياسة الامريكية المقبلة   .كانت التحليلات السياسية الحصيفة وأجهزة الاستطلاع المخابراتية والقومية في كل دول العالم تجهد كثيرا وتخرج سعيدة باكتشاف سر أن السياسة الامريكية أو سياسات الغرب عموما انما تدار باجندة شركات النفط  والاقتصاد العملاقة  ، وان رؤوس الاموال هي المحرك الرئيس لتسلم المناصب في العالم /  اليوم هذه ايضا بطلت وتعطلت /، لان رئيس اكبر شركة نفط  هي اكسون موبيل  تشغّل من الاساسيين  82000 شخص في  أنحاء العالم،  ولديها فقط بمكتبها الرئيس   4000  موظف ، يتسلم منصبا سياسيا كبيرا في امريكا ،  فقد فضله ترامب على ثلاثة مرشحين للمنصب يعدون  من دهاة السياسة الامريكية (سابقا ) وهم نيوت جينجريتش  رئاسة مجلس النواب الأمريكي السابق  و بوب كوركر  العضو البارز في الحزب الجمهوري ورئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الأعيان الأمريكي وجون بولتون هو السفير السابق للولايات المتحدة الأمريكية في منظمة الأمم المتحدة،  ليسلمه حقيبة امريكا الدبلوماسية ، رئيسُه واحد من اثرياء العالم ، ومعاونوه يعرفون بالضبط كم بئر نفط في العالم ،  

كم حرب اطعموها حطبا ، واي الجماعات دعموها ، واي الاسلحة باعوها ولمن صدّروها،  وكم فقير أفقر بسببهم وكم غني تعاون معهم  وكم من باعة الضمائر والذمم فرطوا ببلدانهم ،  اي انهم باختصار  يعرفون السياسة من أواخرها ومن نتائجها وليس  من عبارات الاستهلال ومقدماتها . ولأن أميركا  فارس يختار حصانا وليس العكس كبلداننا جرب  اعتلاء صهوتها الفاشلون وتجار الاديان والنفط والدم . فان حصانها في السباق للمستقبل اليوم،هو النجاح المباشر ، المجرّبون بكيفية الخروج من المآزق، مديرو رؤوس الاموال التي تصنع السياسيين ،  وهم يتقدمون بانفسهم لصناعة القرار السياسي ، وسط كوارث اقتصادية ضخمة تهز العالم ، وعواصف من حروب تختلط فيها المبررات بالمؤامرات بتهديد منابع الطاقة في العالم . الخيول الامريكية الجديدة مجرّبة وتحسب حساب الناتج قبل  الحصاد وقبل البذر .  

وتجني المحاصيل  بعناية وصلافة حتى وان كان ذلك  بعيدا عن الاعراف واللغة  والسياسية.فما يصلح في السياسة ويعد حلالا، قد يكون محرما في الاقتصاد لكن العكس ليس صحيحا ،  بدليل ان عبارة ترامب التي امتدح بها تيليرسون “هذا الرجل جلب لنا استثمارات من دول كنا  في يوم ما على خلاف معها” ويقصد علاقاته مع روسيا  يعد في السياسة (غير الترامبية ) خيانة عظمى وتخابر وتعاون مع الاعداء ، هاهي تتحول الى مد للجسور وعدم تفريط بمصالح مالية واقتصادية للامّة .  أين الصح وأين الخطا في هذه المعادلة ؟ اين الصح في أن رجلا لم يتبوأ منصبا حكوميا ولم يات من دهاليزالمخابرات والملفات السرية والمناصب الحكومية  يتسلم قيادة دبلوماسية العالم ؟، واين الخطأ في ان رجلا  مجرّبا  قضى كل حياته ناجحا ، الهدايا والمكرمات التي نالها من شركته وحدها تقدر ب 240 مليون دولار،  الذي يعرف معدلات الاحتباس الحراري والطاقة والاوكسجين والفوائد التي تجنيها عمليات البحث في المريخ او عما تبقى من نفط العرب،  يعتلي صهوة السياسة الخطرة ، متسلحا بحكمة  امريكا ام العجائب ودرسها الجديد ،في ان رجال السياسة القادمين الى صناعة القرار لن ياتو بعد الآن من مقاهي المعقّدين ودواوين الليل والاحزاب السرية والعقائدية والمنشورات  السياسية ، بل سياتون  من ميادين العمل ، ومكاتب الشركات  ومختبرات التجارب التطبيقية  ، وايضا، من مساطر العمال .