23 ديسمبر، 2024 9:33 ص

المجد للاول من ايار.. عيد العمال العالمي

المجد للاول من ايار.. عيد العمال العالمي

ايه ايها المتعبون.. ايها المنهكون.. ايها المستضعفون في الارض و الباحثون عن الرغيف و العيش الهني و الحالمون بالسعادة و المأوى.. هذه مطاليبكم و حاجاتكم و لا شئ اكثر من سواها و هي حق لكم منذ ان كان يحلم بعض زملائكم العمال باستراليا عام ١٨٥٦ عندما كنتم تتمنون ان يكون لكم يوم تستريحون و تحتفلون فيه و ان تحدد فيه ساعات عملكم بثمانية لا اكثر و انتم مكبلون بقيود المستثمرين لا بل كنتم ملكاً لهم كما هي حال ملكية الالات البسيطة في ذلك الزمن و كانوا يتفننون بالتحكم بكم و استغلالكم و اضطهادكم و جعلكم كالالة تماماً تكدحون طوال الساعات و سعيد منكم من كان يعمل منذ طلوع الشمس حتى غروبها و لا يحصل الا على فتات لا تكفي الا قوته اليومي لا اكثر و نتيجة للضغوط الكبيرة و القهر الواسع تطورت مطاليبكم و توسعت حاجاتكم في استراليا حيث حددوا اول الامر يوم ٢١ نيسان كيوم عطلة للراحة و الاستجمام تتخللها الاحتفالات و المهرجانات و قد حفزت هذه المطاليب و الافكار لان الاضطهاد و الظلم و قيود الاستعباد لا وطن لها و لا ارض… افكاركم انتشرت و امتدت الى امريكا بلد العم سام حيث قرر العمال عام ١٨٨٦ ان يكون الاول من ايار يوم يتوقف العمل فيه بالكامل و ليؤكدوا ذلك (فقد ترك العمل ٢٠٠ الف عامل في ذلك اليوم) و كانت باكورة مطالبهم ان يكون العمل ثمان ساعات فقط فبدأت مضايقات الشرطة و المحاكم و صدرت القوانين التي تقيد حرية العمال انذاك و لعدة سنوات و في عام ١٨٨٨ جددت المطاليب و اعتبر العمال الاحتفال القادم سيكون في الاول من ايار عام ١٨٩٠ و بهذا فقد انتشرت الدعوات بعد ظهور حركات عمالية متعددة في البلدان الاوروبية الصناعية و عند عقد المؤتمر العمالي العالمي عام ١٨٩٠ و بحضور ٤٠٠ مندوب حيث قرروا ان يكون يوم العمل ثمان ساعات كما قرر مندوب العمال الامريكان عام ١٨٩٠ ان يكون الاضراب في الاول من ايار و هو يوم للاحتفال العالمي للعمال و ذلك بعد قمع مظاهرات شيكاغو من قبل الشركة الامريكية و حدوث اصابات و وفيات و لمواجهة الاطماع الشرهه للملاك و المتحكمون من رجال الاستكبار و الاحتكار و القهر كرموز للاضطهاد و لذلك اعتبر هذا اليوم للذكرى و التظاهر لجميع المضطهدين في جميع البلدان مع التوسع بالمطاليب الاجتماعية.
و مع بداية الثورة الصناعية ظهرت توجهات سياسية مختلفة تتركز على كيفية قيادة العمال بالبلدان الراسمالية و الاحزاب كذلك مع وجود اختلاف بوجهات النظر و الفلسفات و طرق متباينة و حركات متعددة منها الحركات الطوباوية و الفابية و الفوضوية و الاصلاحية الماركسية و الوطنية و القومية و قد ضاعت الحقوق الاساسية في ضل تلك الصراعات السياسية و وجهات النظر العديدة في التفسير و الادلجة فكل يدعي وصلاً بليلى.. و على قول المرحوم ابو كاطع ينطبق المثل على وصف العمال ايضاً:( كل يوم يطلعلهم ابو!).
اما في بلادنا فمع وجود العمال ظهرت الحركة العمالية في بداية عام ١٩٣٦ و كانت موجودة اصلاٍ بحكم اتجاهات العمال و تاثر البلد بما يدور في الخارج و مع ان بكر صدقي انكر وجود العمال كطبقة و اكد وجود صناعات محدودة و اعمال متواضعة لا تقارن بالبلدان الاوروبية في ذلك الوقت و كان حديثة يمثل رداً على بيان جمعية مكافحة الاستعمار في ١١ اذار عام١٩٣٥ بقولة ( اين هي مصانعنا و اين هم العمال) و قد حدثت اضرابات مطلبية في مناطق متعددة منها مثلاً في موانئ البصرة، عمال السجائر الوطنية في بغاد، شركة النفط العراقية في كركوك و اضرابات متعددة مطالبها معروفة كما حدثت اضرابات في مواقع ضخ النفط و ورش السكك الحديدية و اصحاب حرف الحياكة في النجف و هكذا اما الحركة النقابية بصورة بارزة فقد ظهرت بعد ثورة ١٤ تمور عام ١٩٥٨ حيث اقرت الدولة القوانين المنصفة للعمال و مع هذا فان النقابات اتجهت بمنحى سياسي اكثر من كونها نقابات مهنية غير ان عدوى الصراع السياسي في تلك الفترة انتقل ليصيب النقابات فاحدث شروخ كبيرة في جسد الحركة العمالية برز ذلك كمثال فقط بانتخابات مصانع المشروبات الغازية عندما فازت القائمة العربية في بعض المصانع على القائمة المهنية للحزب الشيوعي حيث قرر البعض مقاطعة شراء المشروبات كرد على القائمة الفائزة (نتذكر موضوع مشروب المشن) و عند احداث المظاهرات في ذلك الوقت فق حمل المتظاهرون تابوت وضعوا فيه عامل بسيط يدعى (قاسم شخنوب) و عند تفريق الشركة للمتظاهرين تركوا التابوت على الارض و هنا حدثت المفاجأة حيث نهض من التابوت رجل و هرب! و عند الامساك به اجاب (همه خلوني بالتابوت و الله اني كلشئ ما اعرف)!
اذكر الحادثة هذه كحقيقة لم انساها مع مضي اكثر من خمسة عقود عليها.. و هناك الكثير من الشواهد و الاحداث حيث كانت صحف ذلك الزمان تذكرها للتندر او للنكاية و هكذا اصبحت الحركة النقابية في العراق اسيرة للتجاذبات السياسية عند استيلاء البعثيون على الحكم عام ١٩٦٣ كانت النقابات تحت سيطرتهم و عندما انتهى دور البعثيين و حل حكم العارفيين كانت النقابات ذات توجه قومي و هكذا تتبادل الحركة النقابة وفقاً لتغيرات الدولة (كل يوم يطلع للنقابات ابو)!
لا نود ان نطيل او نبحث المواجع المؤلمة انما نود التاكيد على الجوانب المشرقة فنحن لا نمدح و لا نقذح بل نترك للتاريخ ان يحكم و حكمة هو الفصل لكن الموضوع الذي تكثر النقاشات فيه حتى يومنا هذا يتمحور بالاستفسار التالي : هل يفضل العامل ان يكون موضفاً وفق القانون ١٥٠ لسنة ١٩٨٧ مع اجراء تعديلات؟ ام يفضل ان لا يكون؟ و هنا تطالب بعض احزاب الوصاية على الطبقة العاملة لكي يستخدم لاغراض و طموحات سياسية سبق و ان مزقت البلد من اجل كسب سياسي بائس و هذا ما حدث في بلادنا و نتمنى ان لا يتكرر مع ان مجالات استحصال الحقوق و اسلوب المطالبة قد تغيرت كثيراً سواء في اساليبها او في دوافعها و كذلك في طرق المطالبه بها.. فلنتحتفل جميعاً بعيد الاول من ايار عيد الربيع و الحب و الدفاع عن حقوق الطبقة العاملة من اجل حياة كريمة.. و سنرى..