18 ديسمبر، 2024 4:48 م

المجتمع السومري قبل وبُعيد الطوفان

المجتمع السومري قبل وبُعيد الطوفان

الصراعات الايدلوجية بين معتنقي الاديان وكذلك بين معتنقي الافكار جعلت تزوير الحقائق التأريخية امراً مألوفا وخطيرا وشائعا , لا سيما ان معظم تأريخ البعثات التنقيبية في العراق ادارته الماكنة اليهودية منذ القرن الثاني عشر على يد احد الحاخامات ( بنيامين بن يونس[1] ) وحتى القرن العشرين ( صموئيل نوح كريمر ) , لذلك كان من اللازم على الباحث ان يتحلى بذوق وحس خاصين لتمييز الحقيقي عن غيره , او على الاقل لرسم ملامح عامة للحقيقة . ولعل تبني اليهود منذ قرون دراسة الآثار العراقية شكل تهديدا واقعيا لتأريخ وحضارة هذا البلد .

ان المؤسسات والمراكز التي أشرفت على بعثات التنقيب في العراق ومصر أخفت الكثير من المكتشفات الآثارية , وربما غيبت المهم من الحقائق . فيما الآثاريون الغربيون ترجموا النصوص السومرية والمصرية بشكل متأثر باعتقاداتهم وتصوراتهم الشخصية وبيئتهم المحيطة يهودية او مسيحية في أحسن الأحوال . وربما ان هؤلاء العلماء لم يكشفوا الا اقل القليل مما وجدوا . لذلك هم قاموا بتشويه الحقيقة التي لم ادرك انا شخصيا الا بعض ملامحها .

لذا يجد باحث كبير كالأستاذ ( طه باقر ) صعوبة بالغة في تحديد ماهية الديانة التي كانت عليها شعوب وادي الرافدين القديمة ، ومن هنا نراه لم يخفِ عجزه عن الإشارة لديانة بعينها تخص سكّان وادي الرافدين القدماء في كتابه ( تاريخ العراق القديم )[2] ، رغم انه جزم في كونهم لم يشاركوا او يشابهوا الشعوب البدائية الهمجية في ديانات مثل ( الطوطمية ).
المجتمعات الايمانية الأولى :
( عن ابن عباس أنه قال : أول المرسلين آدم ، وآخرهم محمد … وعليهم … وكانت الانبياء مائة ألف وأربعة وعشرين ألف نبي ، الرسل منهم ثلاث مائة ، وخمسة منهم اولو العزم : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد (ص) ، وخمسة من العرب : هود ، وصالح ، وشعيب ، وإسماعيل ، ومحمد صلى الله عليهم. وخمسة سريانيون : آدم ، وشيث وإدريس ، ونوح ، وإبراهيم : وأول أنبياء بني إسرائيل موسى ، وآخرهم عيسى. والكتب التي انزلت على الانبياء : مائة كتاب وأربعة كتب ، منها على آدم خمسون صحيفة ، وعلى إدريس ثلاثون ، وعلى إبراهيم عشرون ، وعلى موسى التوراة ، وعلى داود الزبور ، وعلى عيسى الانجيل ، وعلى محمد الفرقان ، صلى الله عليهم )[3] .

لاشك ان مراد الحديث من سريانية الخمسة الأول انهم من امة السريان السالفة , التي هي الامة السومرية او الآرامية , ومن عربية الأربعة غير محمد المجتمع الأخلاقي الذي كوّن المنظومة العربية وتكلّم أولى اشكال العربية المتولدة عن اللغات القديمة . ولم يكن بإمكان المحدّث مخالفة قاعدة ( كلّم الناس على قدر عقولهم ) .

و ( عن أحمد بن محمد الهمداني ، عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه ، عن محمد بن الفضيل ، عن الثمالي ، عن أبي جعفر قال : إن الله عز وجل عهد إلى آدم (ع) أن لا يقرب الشجرة ، فلما بلغ الوقت الذي كان في علم الله تبارك وتعالى أن يأكل منها نسي فأكل منها ، وهو قول الله تبارك تعالى : « ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما » فلما أكل آدم من الشجرة اهبط إلى الارض فولد له هابيل واخته توأم ، وولد له قابيل واخته توأم ، ثم إن آدم أمر هابيل وقابيل أن يقربا قربانا ، وكان هابيل صاحب غنم ، وكان قابيل صاحب زرع ، فقرب هابيل كبشا وقرب قابيل من زرعه مالم ينق ، وكان كبش هابيل من أفضل غنمه وكان زرع قابيل غير منقى ، فتقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربان قابيل ، وهو قوله عزوجل : « واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر » الآية ، وكان القربان إذا قبل تأكله النار ، فعمد قابيل فبنى لها بيتا ، وكان أول من بنى للنار البيوت ، وقال : لأعبدن هذه النار حتى تقبل قرباني ، ثم إن عدو الله إبليس قال لقابيل : إنه تقبل قربان هابيل ولم يتقبل قربانك ، وإن تركته يكون له عقب يفتخرون على عقبك ، فقتله قابيل ، فلما رجع إلى آدم قال له : يا قابيل أين هابيل؟ فقال : ما أدري وما بعثتني له راعيا! فانطلق آدم فوجد هابيل مقتولا فقال : لعنت من أرض كما قبلت دم هابيل ، فبكى آدم على هابيل أربعين ليلة. ثم إن آدم سأل ربه عزوجل أن يهب له ولدا فولد له غلام فسماه هبة الله ، لان الله عز وجل وهبه له ، فأحبه آدم حبا شديدا ، فلما انقضت نبوة آدم واستكمل أيامه أوحى الله تبارك وتعالى إليه أن يا آدم إنه قد انقضت نبوتك ، واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار النبوة في العقب من ذريتك عند ابنك هبة الله ، فإني لن أقطع العلم والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار النبوة من العقب من ذريتك إلى يوم القيامة ، ولن أدع الارض إلا وفيها عالم يعرف به ديني وتعرف به طاعتي ، فيكون نجاة لمن يولد فيما بينك وبين نوح ، وذكر آدم نوحا وقال : إن الله تبارك وتعالى باعث نبيا اسمه نوح وإنه يدعو إلى الله فيكذبونه فيقتلهم الله بالطوفان ، وكان بين آدم ونوح عشرة آباء كلهم أنبياء الله ، وأوصى آدم إلى هبة الله : أن من أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه وليصدق به فإنه ينجو من الغرق. ثم إن آدم مرض المرضة التي قبض فيها فأرسل إلى هبة الله فقال له : إن لقيت جبرئيل أو من لقيت من الملائكة فاقرأه السلام وقل له : إن أبي يستهديك من ثمار الجنة ، ففعل ، فقال له جبرئيل : يا هبة الله إن أباك قد قبض ، وما نزلت إلا للصلاة عليه فارجع ، فرجع فوجد أباه قد قبض ، فأراه جبرئيل كيف يغسله فغسله حتى إذا بلغ الصلاة عليه قال هبة الله : يا جبرئيل تقدم فصل على آدم ، فقال له : جبرئيل : يا هبة الله إن الله تبارك وتعالى أمرنا أن نسجد لأبيك في الجنة ، وليس لنا أن نؤم أحدا من ولده ، فتقدم هبة الله فصلى على آدم وجبرئيل خلفه وحزب من الملائكة وكبر عليه ثلاثين تكبيرة ، فأمر جبرئيل فرفع من ذلك خمس وعشرون تكبيرة ، فالسنة البوم فينا خمس تكبيرات ، وقد كان يكبر على أهل بدر سبع وتسع. ثم إن هبة الله لما دفن آدم أتاه قابيل فقال له : يا هبة الله قد رأيت آدم أبي قد خصك من العلم بما لم أخص به ، وهو العلم الذي دعا به أخوك هابيل فتقبل قربانه وإنما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي فيقولون : نحن أبناء الذي تقبل قربانه ، وأنتم أبناء الذي لم يتقبل قربانه ، وإنك إن أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئا قتلتك كما قتلت أخاك هابيل ، فلبث هبة الله والعقب منه مستخفين بما عندهم من العلم والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة حتى بعث نوح وظهرت وصية هبة الله حين نظروا في وصية آدم فوجدوا نوحا قد بشر به أبوهم آدم فآمنوا به واتبعوه وصدقوه ، وقد كان آدم أوصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يوم عيد لهم ، فيتعاهدون بعث نوح في زمانه الذي بعث فيه ، وكذلك جرى في وصية كل نبي حتى بعث الله تبارك وتعالى محمدا (ص) وإنما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم وهو قول الله تعالى : « ولقد أرسلنا نوحا » إلى آخر الآية ، وكان ما بين آدم ونوح من الانبياء مستخفين ومستعلنين ، ولذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسموا كما سمي من استعلن من الانبياء ، وهو قول الله تعالى : « ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك » يعني من لم يسمهم من المستخفين كما سمى المستعلنين من الانبياء. فمكث نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، لم يشاركه في نبوته أحد ، ولكنه قدم على قوم مكذبين للأنبياء الذين كانوا بينه وبين آدم ، وذلك قوله : « كذبت قوم نوح المرسلين » يعني من كان بينه وبين آدم إلى أن انتهى إلى قوله : « وإن ربك لهو العزيز الرحيم ». ثم إن نوحا لما انقضت نبوته واستكملت أيامه أوحى الله عز وجل إليه : يا نوح قد انقضت نبوتك واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك عند سام ، كما لم أقطعها من بيوتات الانبياء الذين بينك وبين آدم ، ولن أدع الارض إلا عليها عالم يعرف به ديني ، وتعرف به طاعتي ، ويكون نجاة لم يولد فيما بين قبض النبي إلى خروج النبي الآخر ، وليس بعد سام إلا هود ، فكان بين نوح وهود من الانبياء مستخفين ومستعلنين. وقال نوح : إن الله تبارك وتعالى باعث نبيا يقال له هود ، وإنه يدعو قومه إلى الله تبارك وتعالى فيكذبونه ، وإن الله عز وجل مهلكهم ، فمن أدركه منكم فليؤمن به وليتبعه ، فإن الله عز ذكره ينجيه من عذاب الريح ، وأمر نوح ابنه ساما « سام خ » أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة ، ويكون يوم عيد لهم فيتعاهدون فيه بعث هود وزمانه الذي يخرج فيه ، فلما بعث الله تبارك وتعالى هودا نظروا فيما عندهم من العلم والايمان وميراث العلم والاسم الاكبر وآثار علم النبوة فوجدوا هودا نبيا قد بشرهم به أبوهم نوح ، فآمنوا به وصدقوه واتبعوه ، فنجوا من عذاب الريح وهو قول الله : « وإلى عاد أخاهم هودا » وقوله : « كذبت عاد المرسلين * إذ قال لهم أخوهم هود ألا تتقون » وقال الله عز وجل : « ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب » وقوله : « ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا » لنجعلها في أهل بيته « ونوحا هدينا من قبل » لنجعلها في أهل بيته ، فآمن العقب من ذرية الانبياء من كان قبل إبراهيم لإبراهيم ، وكان بين هود وإبراهيم من الأنبياء عشرة أنبياء وهو قوله عز وجل : « وما قوم لوط منكم ببعيد » وقوله : « فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي سيهدين » وقوله تعالى : « وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم » فجرى بين كل نبي ونبي عشرة آباء وتسعة آباء ، وثمانية آباء كلهم أنبياء ، وجرى لكل نبي ما جرى لنوح ، وكما جرى لآدم وهود وصالح وشعيب وإبراهيم صلوات الله عليهم حتى انتهى إلى يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم ثم صارت بعد يوسف في الاسباط إخوته حتى انتهت إلى موسى بن عمران وكان بين يوسف وموسى بن عمران عشرة من الانبياء ، فأرسل الله عز وجل موسى وهارون إلى فرعون وهامان وقارون ، ثم أرسل الله الرسل تترى « كلما جاء امة رسوله كذبوه فأتبعنا بعضهم بعضا وجعلناهم أحاديث » فكانت بنو إسرائيل تقتل في اليوم نبيين وثلاثة وأربعة ، حتى أنه كان يقتل في اليوم الواحد سبعون نبيا ، ويقوم سوق بقلهم في آخر النهار فلما انزلت التوراة على موسى بن عمران تبشر بمحمد وكان بين يوسف وموسى من الانبياء عشرة ، وكان وصي موسى بن عمران يوشع بن نون ، وهو فتاه الذي قال فيه عز وجل ، فلم تزل الانبياء تبشر بمحمد وذلك قوله : « يجدونه » يعني اليهود والنصارى ، يعني صفة محمد واسمه « مكتوبا عندهم في التوراة والانجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر » وهو قول الله تعالى يحكي عن عيسى بن مريم : « ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد » فبشر موسى وعيسى بمحمد صلى الله عليهم أجمعين كما بشرت الانبياء بعضهم بعضا حتى بلغت محمدا (ص) ، فلما قضى محمد (ص) نبوته واستكمل أيامه أوحى الله تبارك وتعالى إليه : أن يا محمد قد قضيت نبوتك ، واستكملت أيامك ، فاجعل العلم الذي عندك والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة عند علي بن أبي طالب ، فإني لن أقطع العلم والايمان والاسم الاكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة من العقب من ذريتك ، كما لم أقطعها من بيوتات الانبياء الذين كانوا بينك وبين أبيك آدم ، وذلك قوله تعالى : « إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم » فإن الله تبارك وتعالى لم يجعل العلم جهلا ، ولم يكل أمره إلى ملك مقرب ، ولا إلى نبي مرسل ، ولكنه أرسل رسولا من ملائكته إلى نبيه فقال له كذا وكذا ، فأمره بما يحب ونهاه عما ينكر ، فقص عليه ما قبله وما بعده بعلم فعلم ذلك العلم أنبياؤه وأصفياؤه من الآباء والاخوان بالذرية التي بعضها من بعض ، فذلك قوله : ولقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما « فأما الكتاب فالنبوة ، وأما الحكمة فهم الحكماء من الانبياء والاصفياء من الصفوة ، وكل هؤلاء من الذرية التي بعضها من بعض ، الذين جعل الله تبارك وتعالى فيهم النبوة وفيهم العاقبة وحفظ الميثاق حتى ينقضي الدنيا ، فهم العلماء ولاة الامر ، واستنباط العلم والهداة ، فهذا بيان الفضل في الرسل والانبياء والحكماء وأئمة الهدى والخلفاء الذين هم ولاة أمر الله ، وأهل استنباط علم الله ، وأهل آثار علم الله عز وجل من الذرية التي بعضها من بعض من الصفوة بعد الانبياء من الآل والاخوان والذرية من بيوتات الانبياء ، فمن عمل بعلمهم انتهى إلى إبراهيم فجاء بنصرهم ، ومن وضع ولاية الله وأهل استنباط علمه في غير أهل الصفوة من بيوتات الانبياء فقد خالف أمر الله ، وجعل الجهال ولاة أمر الله والمتكلفين بغير هدى ، وزعموا أنهم أهل استنباط علم الله ، فقد كذبوا على الله وزاغوا عن وصية الله وطاعته ، فلم يضعوا فضل الله حيث وضعه الله تبارك وتعالى فضلوا وأضلوا أتباعهم ، ولم يكن لهم يوم القيامة حجة ، إنما الحجة في آل إبراهيم لقول الله تبارك وتعالى » : ولقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما فالحجة الانبياء وأهل بيوتات الانبياء حتى تقوم الساعة ، لان كتاب الله عز وجل ينطق بذلك ، ووصية الله خبرت بذلك في العقب من البيوت التي رفعها الله تبارك وتعالى على الناس فقال : « في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه » وهي بيوت الانبياء والرسل الحكماء وأئمة الهدى ، فهذا بيان عروة الايمان التي نجا بها من نجا قبلكم ، وبها ينجو من اتبع الهدى قبلكم وقد قال الله تبارك وتعالى في كتابه : « ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهرون وكذلك نجزي المحسنين* وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين * وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين * ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم * اولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين » فإنه وكل بالفضل من أهل بيته من الانبياء والاخوان والذرية ، وهو قول الله عزوجل في كتابه : فإن يكفر بها امتك يقول : فقد وكلنا أهل بيتك بالإيمان الذي أرسلتك به فلا يكفرون بها أبدا ، ولا اضيع الايمان الذي أرسلتك به ، وجعلت أهل بيتك بعدك علما عنك وولاة من بعدك ، وأهل استنباط علمي الذي ليس فيه كذب ولا إثم ولا وزر ولا بطر ولا رئاء ، هذا تبيان ما بينه الله عزوجل من أمر هذه الامة بعد نبيها ، إن الله تبارك وتعالى طهر أهل بيت نبيه ، وجعل لهم أجر المودة ، وأجرى لهم الولاية ، وجعلهم أوصياءه وأحباءه وأئمته في امته من بعده ، فاعتبروا أيها الناس وتفكروا فيما قلت حيث وضع الله عز وجل ولايته وطاعته ومودته واستنباط علمه وحجته فإياه فتعلموا ، وبه فاستمسكوا تنجوا ، ويكون لكم به حجة يوم القيامة والفوز ، فإنهم صلة بينكم وبين ربكم ، ولا تصل الولاية إلى الله عزوجل إلا بهم ، فمن فعل ذلك كان حقا على الله أن يكرمه ولا يعذبه ، ومن يأت بغير ما أمره كان حقا على الله أن يذله ويعذبه. وإن الانبياء بعثوا خاصة وعامة ، فأما نوح فإنه ارسل إلى من في الأرض بنبوة عامة ورسالة عامة ، وأما هود فإنه ارسل إلى عاد بنبوة خاصة ، وأما صالح فإنه ارسل إلى ثمود قرية واحدة وهي لا تكمل أربعين بيتا على ساحل البحر صغيرة وأما شعيب فإنه ارسل إلى مدين وهي لا تكمل أربعين بيتا ، وأما إبراهيم نبوته بكوثى ربا، وهي قرية من قرى السواد فيها مبدأ أول أمره ، ثم هاجر منها ، وليست بهجرة قتال ، وذلك قوله تعالى : « وقال إني مهاجر إلى ربي سيهدين » فكانت هجرة إبراهيم بغير قتال. وأما إسحاق فكانت نبوته بعد إبراهيم ، وأما يعقوب فكانت نبوته في أرض كنعان ثم هبط إلى أرض مصر فتوفي فيها ، ثم حمل بعد ذلك جسده حتى دفن بأرض كنعان ، والرؤيا التي رأى يوسف الاحد عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين ، فكانت نبوته في أرض مصر بدؤها ، ثم كانت الاسباط اثني عشر بعد يوسف ، ثم موسى وهارون إلى فرعون وملائه إلى مصر وحدها ، ثم إن الله تعالى أرسل يوشع بن نون إلى بني إسرائيل من بعد موسى ، نبوته بدؤها في البرية التي تاه فيها بنو إسرائيل. ثم كانت أنبياء كثيرون : منهم من قصه الله عز وجل على محمد ، ومنهم من لم يقصه عليه. ثم إن الله عز وجل أرسل عيسى بن مريم إلى بني إسرائيل خاصة فكانت نبوته ببيت المقدس ، وكان من بعده الحواريون اثني عشر ، فلم يزل الايمان يستسر في بقية أهله منذ رفع الله عيسى ، وأرسل الله تبارك وتعالى محمدا (ص) إلى الجن والانس عامة ، وكان خاتم الانبياء ، وكان من بعده الاثني عشر الاوصياء ، منهم من أدركنا ومنهم من سبقنا ، ومنهم من بقي ، فهذا أمر النبوة والرسالة ، وكل نبي ارسل إلى بني إسرائيل خاص أو عام له وصي جرت به السنة ، وكان الاوصياء الذين بعد محمد (ص) على سنة أوصياء عيسى ، وكان أمير المؤمنين على سنة المسيح ، وهذا تبيان السنة وأمثال الاوصياء بعد الانبياء. )[4] .

 

ومن خلال الاطروحات الآثارية المصرية , اذا اعتبرنا اتفاقاً مع المنهج الفلسفي العقلي انّ الاله ( نُون ) هو الذي أفاض الحياة وكان وجوداً متفرداً ، سيكون لزاماً علينا اعتبار ( أتوم ) هو المخلوق الاول ، الذي ظهر على التل الأزلي ( تاتنن )[5] . ومن ( أتوم ) ظهرت باقي الآلهة او المخلوقات . انّ هذا المعنى يقابله في الخطّ الديني الرسولي العام المخلوق الاول ( آدم ) . وقد ربط بعض الباحثين بينهما فعلاً كما ذكر ياروسلاف تشيرني ، باعتبار انّ ( آتوم ) هو لهجة مصرية عن ( آدم ) ، وكذلك اسم ( آتوم ) في اللغة المصرية القديمة أخذ معنى ( الكامل )[6] ، وربما هو ما يشير الى فكرة الاصطفاء التي جاءت في القران الكريم لآدم واختياره (( انّ اللَّهَ اصطفى آدم )) ، وهو كذلك يشير الى معنى وجود انواع اخرى من البشر أقلّ اكتمالا من آدم ، لذلك تمّ اختياره دونهم لاصطفائه بالرسالة الإصلاحية واستعمار الارض ، وتم زقّه بالعلوم والمعرفة ، فكان هو مصدر الفيض المعلوماتي لبني الانسان ، فربطته الأسطورة المصرية بالإله مباشرة .

وقد وصفت الادبيات المصرية القديمة ( آتوم ) بالأوحد والأقدم والذي أتى الى الوجود بنفسه ، كذلك أطلقت عليه ( سيد الجميع ) . وفي تاسوع ( هليوبولس – منف ) كان ( آتوم ) هو اللسان والقلب ، حيث كانت بداية الخلق من اللسان والقلب ، ومظهر ذلك الخلق كان الإلهين ( حورس ) و ( تحوت )[7] . وأنّ ( آتوم ) كان هو من نطق الأسماء الاولى للأشياء[8] . وهذا المعنى الأخير ورد في النص القراني كذلك (( وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِـئونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صادِقِينَ )) .

انّ ( تحوت ) الذي هو مظهر من مظاهر ( آتوم ) يقابله في الادبيات الإبراهيمية ( إدريس ) عليه السلام ، حيث أعطت الأساطير المصرية له ذات الخصائص التي تم اعطائها لإدريس في العقيدة الإبراهيمية . لقد جاء في المصريات القديمة انّ ( تحوت ) كان اله ( الحكمة والمعرفة ) و ( العارف ) و ( المتمرس بالمعرفة ) ، كما وصفته ب ( سيد السحر ) و ( المجلل بالأسرار )[9] ، وهذان الوصفان الأخيران ربما كانا تلخيصاً للعلوم التي زقّها ادريس في عصره دون ان يكون لها سابق فأخذت معنى غامضا . كما وصفت الأسطورة المصرية ( تحوت ) بانه مخترع الكتابة وواضع القوانين وكذلك الناموس التقليدي للكتب المقدسة [10]. انّ هذا الوصف لتحوت قابله في النص الإبراهيمي الوصف الخاص بإدريس ، حيث جاء ما مضمونه ( انّ ادريس اولّ مَن خطَّ بالقلم ) ، كما نقل صاحب بحار الأنوار ، الذي أضاف انّ اليونان يسمونه ( هرمس الحكيم ) ، وما يؤيد كلام صاحب البحار انّ الإغريق أطلقوا اسم ألههم على مدينة ( الاشمونين ) التي تمّ فيها تقديس ( تحوت ) فسمّوها ( هرموبوليس )[11] . وقد اطلعت لهرمس على كتاب فيه حكمته وعقيدته وفلسفته ، حيث أخذت أثراً من عقائد الماضين على مختلف اصقاعهم كما آورد صاحب كتاب ( متون هرمس ) . كما أشار صاحب بحار الأنوار – ومصادر اخرى – انّ اسم ادريس أيضاً ( اخنوخ ) ، وقد وجدتُ لأخنوخ قصصا وأساطير في عقائد تاريخية عديدة . وينقل العلامة المجلسي عن السيد ابن طاووس انه قال : ( وجدت في كتاب مفرد في وقف المشهد المسمى بالطاهر بالكوفة عليه مكتوب ( سنن ادريس ) عليه السلام وهو بخط عيسى نقله من السرياني الى العربي عن ابراهيم بن هلال الصابئ الكاتب … ) . وجاء ايضا ( مسجد السهلة بيت ادريس عليه السلام الذي كان يخيط فيه ) .

فيما ذكر ابن النديم في كتابه الفهرست ما نصه ( أنه زعم أهل صناعة الكيمياء، وهي صناعة الذهب والفضة من غير معادنها، أن أول من تكلم عن علم الصنعة هو هرمس الحكيم البابلي المنتقل إلى مصر عند افتراق الناس عن بابل، وإن الصنعة صحّت له، وله في ذلك عدة كتب، وإنه نظر في خواص الأشياء وروحانيتها )[12] ، وقال ايضاً ( ذكر هرمس البابلي: قد اختلف في أمره فقيل انه كان أحد السبعة السدنة الذين رتبوا لحفظ البيوت السبعة وأنه كان اليه بيت عطارد وباسمه يسمى فان عطارد باللغة الكلدانية هرمس وقيل انه انتقل إلى أرض مصر بأسباب وانه ملكها وكان له أولاد عدة منهم طاط وصا واشمن واثريب وقفط وانه كان حكيم زمانه ولما توفى دفن في البناء الذي يعرف بمدينة مصر بأبي هرمس ويعرفه العامة بالهرمين فان أحدها قبره والآخر قبر زوجته وقيل قبر ابنه الذي خلفه بعد موته )[13] .

ومن ملاحظة هذه الإيرادات جميعا نستشف وجه تقديس ادريس عليه السلام – بمختلف مسمياته – لدى شعوب الارض ، فهو من علّمهم الخط ، وكذلك من زقّ المعرفة والعلوم . ويمكننا بعد ذلك حلّ الإشكال التاريخي بين مصر والعراق حول الذي كتب الحرف الاول ، فكلا الشعبين يريان انّ ( ادريس / تحوت / هرمس / اخنوخ ) هو من فعل ذلك .

ومن قصة تحوت يمكننا ان نلج الى ما يدعم الرأي القائل بأنّ ( آتوم ) هو ذاته ( آدم ) حيث التشابه العجيب بين قصة ابني آدم التي أوردتها الأديان الإبراهيمية وبين أسطورة اوزيريس وست الإلهية المصرية . فقد ورد في القران الكريم (( وَٱتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ٱبْنَىْ ءَادَمَ بالحق إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ ٱلْءَاخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ )) . فيما جاء في أسطورة ( اوزيريس وإيزيس ) المصرية ما مضمونه ( انّ اوزيريس كان يحكم في سالف الزمان على الارض ، ونشر في أرجائها أعماله الخيرة ، لكن شقيقه ست دبّر له مؤامرة واغتاله خلسة . وبعد ذلك جمعت اختاه إيزيس ونفتيس اشلائه من المواقع التي وجدت فيها ، واستطاع ان يُمنح قوة التناسل بمفعول السحر الذي برعت فيه إيزيس . وكان من نتائج هذا السحر ان حملت منه إيزيس وانجبت له ابنهما الاله حورس ، الذي هربت به خوفاً من عمه الاله ست وشروره . حتى كبر وأصبح قوياً كفاية ، فانتقم لأبيه بمساعدة أمه ، فحكم مكانه . وقد خاض حورس مع عمه معارك عنيفة جداً ) .

انّ الأصل المشترك للقصتين يمكن فهمه من معرفة انّ الوسيط الذي أنهى هذا الصراع الكبير هو الاله ( تحوت / ادريس ) ، بحكمته عمد الى تهدئة النزاع بين الإلهين المتقاتلين ( حورس وست )[14] ، وهو كذلك من شافى عين حورس لتعود بارئة[15] .

ولفهم اكبر يمكننا تلخيص مجمل القصة بالمعنى الذي أورده السيد سامي البدري – ذلك الباحث الفذ – عن نشوء الحضارة القابيلية قبالة الحضارة الآدمية الشيتية . حيث انّ ( قابيل ) و ( شيت ) في الموروث الإبراهيمي هما ابنا آدم ابي البشر ، وقد كان قابيل ( يقابل ست في الموروث المصري ) قد قام بقتل أخيه هابيل ( يقابل اوزيريس ) ، وكان شيت الابن الاخر لآدم ، والذي يقابله في الأسطورة المصرية ( حورس ) . انّ قابيل بعد قتله لاخيه لم يعد له مكان في الجماعة الصالحة الآدمية ، لذلك انتقل لتأسيس جماعة خاصة به ، وهو على كونه ابناً لآدم وقد أخذ من علومه لكنّه حمل بذرة الانحراف بعد مقتل أخيه ، الذي أنشئه الحسد والأنانية ، فكان من المنطقي قيام حضارة قابيلية تجمع بين مظاهر التوحيد الآدمية وبين نتائج الانحراف النفسية لقابيل ، فبدأت أولى الحضارات المنحرفة العقيدة . وقد كانت هذه الفرصة ذهبية لاختراق عالم الادميين من قبل حضارات وجماعات اخرى ظاهرة او خفية ، متقدمة علمياً او بدائية ، فبدأ قيام الحضارة الدينية العكسية ، التي تجمع بين الموروث القابيلي والموروث البدائي والموروث غير البشري ، فكان ما أنتجته خليطاً عجيباً وملوثاً ، ومن الطبيعي ظهور الطقوس المبتدعة والصفات المغلوطة للاله . في المقابل كانت هناك الحضارة النقية الآدمية التي يقودها شيت ، والتي ارادت دفع الحضارة القابيلية بعيداً للوقاية من شرورها ، فنشأ الصراع الحضاري الكبير والعنيف بينهما ، حيث ارادت الحضارة القابيلية أيضاً السيطرة وفرض معتقداتها ، وطمس الجرح الكبير في مسيرة الادميين الذي أوجدته فعلة قابيل بقتل أخيه . وقد استمرّ الصراع كما يبدو طويلاً ، وبصورة عنيفة ، حتى ظهر ( ادريس ) وعمل على إيقافه وتهدئة قادته ، من خلال حكمته ، ولأنه كان يحمل هدفاً أسمى في توحيد البشرية وتهذيبها ، لذلك تجاوز قساوة المجتمع القابيلي ، رغم انه شخصياً كان جزءاً من المجتمع الشيتي الآدمي [16]. وما يؤيد ان ( تحوت = ادريس = هرمس = اخنوخ ) لم يكن مصرياً بل اجنبياً عن تلك البلاد انه لُقّبَ عند المصريين ( سيد البلاد الأجنبية ) وكان عارفاً بلغات الشعوب الأخرى[17] , فيما اعتبره الاغريق شخصية عالمية تخصهم كما مرّ آنفاً , وحضارة الاغريق نشأت معرفياً بتأثيرات عراقية سورية مشتركة .

عن أبي عبدالله قال : ( قال أبوذر : يا رسول الله كم بعث الله من نبي؟ فقال : ثلاث مائة ألف نبي وعشرين ألف نبي ، قال : يا رسول الله فكم المرسلون ؟ فقال : ثلاث مائة وبضعة عشر ، قال : يا رسول الله فكم أنزل الله من كتاب ؟ فقال : مائة كتاب وأربعة وعشرين كتابا : أنزل على إدريس خمسين صحيفة ، وهو اخنوخ ، وهو أول من خط بالقلم ، وأنزل على نوح وأنزل على إبراهيم عشرا ، وأنزل التوراة على موسى ، والزبور على داود ، والانجيل على عيسى ، والقرآن على محمد (ص) )[18] .

و ( نوح ) ابن ( لامك بن متوشالح ) بن ( اخنوخ = ادريس = هرمس ) بن ( يارد بن مهلائيل بن قينان بن انوش ) بن ( شيث ) بن ( آدم )[19] . واخنوخ او ادريس قد ترك سفراً معروفاً باسم ( سفر اخنوخ الحبشي ) , فيه من الإشارات والاخبارات المستقبلية الكثير , وهو ليس من الاسفار التي تعترف بها الكنيسة أكيدا . لقد شغلت عصور ما قبل التاريخ 99 % من حياة البشر , فيما العصور التاريخية المعروفة لا تتجاوز 6000 سنة [20] , ومع ذلك هي فترة مجهولة ومغيّبة عن الذاكرة البشرية الحاضرة , لا سيما في المجال العقائدي .

التصوير القرآني لمجتمع ما قبل الطوفان :

ان القرآن الكريم لم يتناول المجتمعات الانسانية من منظور آثاري , بل من منظور العبرة والموعظة , لذلك لم يشرح الصورة الاجتماعية والسياسية والعمرانية بطريقة الآثاريين . لكننا يمكن ان نستشف من بعض الآيات الكريمة شيئا من ملامح ذلك المجتمع الذي عاشه نوح قبل الطوفان .

( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) ، بمعنى ان مجتمع نوح كان على المستوى الرسمي كافرا لا يعبد الله ( أن أنذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم قال يا قوم إني لكم نذير مبين ) ، وهنا ندرك انهم كانوا يأتون اعمالا قرّبت العذاب اليهم . (فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ ) ، اي ان مجتمع نوح كان طبقيا , تحكمه النخبة , وتديره مجموعة من الشخصيات , الا ان المعيار الطبقي كان يعتمد على النفوذ والقوة . ( فكذبوه فأنجيناه والذين معه في الفلك وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا إنهم كانوا قوما عمين ) ، والفهم انهم كانوا يجهلون المعاني التوحيدية حد العمى . ( وقوم نوح من قبل انهم كانوا هم اظلم واطغى ) , الامر الذي يعني انهم امة بلغت حداً كبيراً من الطغيان . ( ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون ) ، ولا يمكن لأحد القول ان نوحاً وحده من بلغ هذا العمر المتقدم جداً , لانها ستكون معجزة تثير تساؤل قومه , غير انهم – بحسب الظاهر – كانوا معتادين على العمر ذي الالف سنة . وهذا ما تؤكده المكتشفات الآثارية – كما سيأتي – وهو من عجائب القرآن وآياته .
التصوير الآثاري :
من النصوص القديمة التي تشير الى تأريخ ما قبل الطوفان وثيقة ( قائمة الملوك السومرية ) , التي عثرت عليها بعثات التنقيب عن الآثار في العراق , وقد جاء فيها وفق اصدارات ( كريمر ) ما يأتي :
) ( بعد ان هبطت الملكية.