18 ديسمبر، 2024 8:00 م

المجاهد سعد لكن البطل سعيد!

المجاهد سعد لكن البطل سعيد!

قصتنا تبدأ السنه1957 عندما ولد لعائلة فقيرة ولد أسموه سعد، وفي الطرف الاخر من المدينة وبنفس السنة واليوم والساعة، ولد سعيد لعائلة ميسورة الحال، انه بالفعل سعيد  حتى قبل ان يولد ، وعندما ولد كانت هناك ملعقة من ذهب بأنتظاره، فالعائلة كانت ارستقراطية لها طقوس خاصة، مثل تجمع صالونات الثقافة، حفلات ملكات الجمال،مزادات الانتيكه.
كذلك لعائلة سعد طقوس ايضآ منها، اجتماع امه مع جاراتها في زقاقهم الضيق، و الصغار حولهن  يلعبون في مجرى النهر الذي يقسم الزقاق، وتتعالى اصواتهن كلما قفز احد الملاعين في هذا النهر الضيق، وسرعان مايعودن لاصل “السالفة” أما سعد فيجتمع مع رفاق البؤس بعد يوم طويل وشاق في العمل، يتبادلون اطراف الحديث فقط، لان التعب أخذ مأخذه منهم، فلا يستطيعون اللعب.تمضي السنوات وقد بلغ كلا من سعد وسعيد حجم رأسيهما ملئ حيز خوذة،الا أن سعد لبس خوذة الحرب، وسعيد لبس قبعة الغولف!
بدأت الحرب “العراقية الايرانية” بأكل أجمل سنين سعد، وفي المقابل بدات الحياة تفتح ابوابها على مصراعيها لسعيد بعد ان سافرت عائلته أبان الحرب الى أمريكا.
هناك بدأ باستثمارات واسعة وتنامت ثروة العائله بشكل كبير ،أما سعد استطاع ان يستغل سبات الحرب بعد اليأس من انتهائها الى تكوين اسرة تشاركه البؤس،تزوج وانجب ولد وحيد، كذلك سعيد رزقته الحياة بأولاد سعداء.
ثمانيه اعوام عمر الحرب التي انهكت سعد، وعند سماعه خبر وقف اطلاق النار وانتهائها، خالجه بعض الفرح وراح يفكر بما فاته فهو الى الان يسكن في بيت العائلة القديم المتهالك، في حين استقبل سعيد الخبر وفي يده سيكارته “الجروت” وكأنه خبر عن الطقس، ومضى ﻹكمال يومه. لكن سرعان مالاحت حرب جديدة في الافق، أي ضياع ﻵحلام مؤجلة، وحاضر مهدم ومستقبل مجهول، اندلعت “حرب الخليج” وزادت الطين بله، فلم يملك سعد اﻷ ان يلبي نداء الوطن .الوطن الذي لا يحلو له الا طعم الموت بنكهه الشباب، قفل سعد محله الجديد الذي لم يتسنى له الترزق منه، كالعادة مر الحدث مرور الكرام على سعيد ﻹنه في بلاد الديمقراطية”أمريكا” ومايجري في العراق ليس من شانه.بزغ فجر التاسع من نيسان عام 2003 أستيقظ سعد على صوت غريب، وكأن قطيع من الفيلة قد هجم على الحي، سارع الى مصدر الصوت، ليرى قطيع من الدبابات اﻷمريكية قد انتظمت في خط مسير طويل، والناس بين ملوح لهم وبين تهليل اهبل، أما سعد فقد وقف متحير مما رأى، ولم يخطر بباله ان القادم من اﻷيام أسوء عما مضى.
سار سعد بعد هذا المشهد لفتح باب رزقه “قهوته” التي تجمع فقراء الاحلام. في حين جاء سعيد مع حلفائه اﻷمريكان بوصفه معارضآ وقد عانى من سنوات الغربة الطويلة.
مضت ثلاثة عشر عامآ وسعد مازال يعاني شظف العيش، وقد حنت ظهره السنون العجاف، أما سعيد فقد لمع نجمه أكثر واصبح وجهأ تلفزيونيآ مألوف الا انه غير محبب، اصطفت أمامه المايكروفونات، لتصريحاته النارية عن الوضع والحكومة وادائها المتردي، لدرجه يجعل المشاهد في حيرة من أمره هل هو مع الحكومة ام مع المعارضة، فاعل مع الازمات، عنصر خامل في الانفراجات، أول الحاضرين في جلسات اقرار رواتب النواب، متغيب أغلب ايام السنه!
هب ابن سعد لنداء المرجعية للدفاع عن الوطن، وصار ضمن صفوف الحشد، كذلك ابن سعيد هب لنداء “الروشة” والتمتع بنسمات شطآنها العليلة، أستبسل ابن الحشد في الذود عن الوطن، وكذلك استكلب أبن سعيد على ملذات الحياة، وﻷن الابطال لا تسعهم الحياة ولا يرضون بالهوان استشهد ابن الحشد “ابن سعد” وهو على الساتر، وفي ذات الوقت كان ابن سعيد في اول صف الحفلة “vip”للمطرب الفلاني.
حين بدأ الحراك أخيرا لانصاف ابن سعد “ابناء الحشد” واقرانه، واقرار قانون الحشد وقف سعيد معارضا لهذا القانون وبقوة !