ربما الحسنة الوحيدة لهذه الطبقة السياسية الرئة المتحكمة برؤوس العباد والبلاد ، انها في سلوكها ، العلني والمخفي ، تؤكد قناعات الشارع الشعبي العراقي من انها طبقة المحابس والمسبحات وليس كما في شعاراتهم التي صدّعت رؤوسنا عن مصالح الناس واحتياجاتهم !
عندما قاطع اكثرية من يحق لهم التصويت انتخابات البرلمان ومجالس المحافظات ، إنما عبرّوا ليس عن عدم ثقتهم بهذه الطبقة السياسية فقط وانما معرفتهم العميقة بأهداف ومصالح وتوجهات هذه الطبقة التي عادة ماتكشفعوراتها بصراعاتها على المناصب والمغانم بل بعدم اكتفائها بشراء اصوات الناخبين وانما في تسافل مهين بتبادل بيع وشراء الاصوات تحت قبة البرلمان ، حسب اعترافات الكثير منهم ، وبالتكالب الاكثر اهانة ، على مناصب مجالس المحافظات ، من المحافظ الى رئيس المجلس ونواب الرئيسين !
ولم يكن الشارع العراقي بحاجة الى مشاهدة استعراضات كشف المعادن ليعرف المعدن الحقيقي لهذه الطبقة التي تحاول ان تجدد جلدها ، كما تفعل الافاعي ، تحت مسميات الازاحة والتجديد والاصلح ، لتنتج لنا هذه الشعارات حقيقة تدوير النفايات التي بات يعرفها الشارع بكل تفاصيلها متسلحا بالمثل الشعبي العراقي ” الميت ميّتنه ونعرفه شلون مشعول صفحه ” !!
هذه الطبقة التي صدّعت رؤوسنا بالكفاح والجهاد من أجل اخراج الأميركان ، لكنّهم أكدوا قناعات الشارع العراق عن العشق المتبادل بين الاميركان وهذه الطبقة التي استنكفت حضور جلسة مجلس النواب ” التداولية ” ، وبالتحديد النواب من الاطار التنسيقي رافع لواء المقاومة ، مؤكدين قناعة الشارع العراقي من انهم اساتذة بيع الكلام ، غير مدركين ان الماء لايباع في حارة السقّايين !!
هذه الطبقة التي قالت للجمهور مناصبنا تكليفاً وليس تشريفاً ، بينما يعرف هذا الجمهور يقيناً ان مناصبهم فرصة ذهبية للحصول على الامتيازات والمناصب !!
هذه الطبقة التي وعدت باخضاع الدولار والتغيير الوزاري واعادة الاموال المنهوبة وتحسن احوال المتقاعدين ، نكثت بكل وعودها من السيد السوداني وانت نازل !!
هذه الطبقة التي تغنّت بالسيادة فانحدرت السيادة الى أدنى مستوياتها ، بل عجزوا حتى الحفاظ على ماموجود منها فصارت بغداد واربيل والانبار اهدافا مشاعة لأميركا وايران وتحولت البلاد الى ساحة صراع دامٍ بين ” حليفين ” !!
هذه الطبقة التي رفعت شعار الضرب بيد من حديد على رؤوس الفاسدين ، ليسخر الجمهور منها وهو العارف الادق بأن الفاسدين أحراراً طلقاء فيما تحولت السيوف الى سيوف خشبية لاتصلح لمعركة الفساد !
هذا جزء من واقع الحال الذي وصفه الرصافي في اربعينيات القرن المنصرم قائلاً:
هذي حكومتنا وكلُّ شموخِها
كذِبٌ، وكل صنيعها مُتكلَّف
..
وجهان فيها باطنٌ متستر
للأجنبيِّ وظاهر متكشِّف
..
عَلَمٌ ودستور ومجلس أمةٍ
كلٌّ عن المعنى الصحيح مُحرَّف
والعاجل اليوم : مجلس النواب العراقي يعقد جلسته الاعتيادية ويناقش تعديلقانون زرع الأعضاء البشرية !!