18 ديسمبر، 2024 5:04 م

المجالس الحسينية ــ الجزء الاول ــ في زمن الطغمة البعثية

المجالس الحسينية ــ الجزء الاول ــ في زمن الطغمة البعثية

مدينة البصرة قدمت فلذات اكبادها لأجل ديمومة المجالس الحسينية . وهذا كلفها كثيرا . حيث ابتلعت ثرامات الامن العامة واحواض التيزاب اجساد المؤمنين المتمسكين بشعائر الحسين{ع}. الان كلفني بعض المؤمنين ان اكتب عن تجربتي مع المنبر في زمن فراعنة العراق الصداميين.

الذي علمني حب الحسين {ع} اثنان الاول العائلة. والثاني المرحوم الشيخ عبد الزهراء الكعبي طاب ثراه. ولذلك حفظت مقتل الحسين{ع} بطريقته وتقليد صوته تماما خلال سنوات شبابي . وكانت الفرصة التي ارتقيت المنبر عام 1972م حين كان يقرأ الشيخ حميد المهاجر في حسينية حاج كاظم البغدادي في الفاو. ورفض ان نقرأ يوم العاشر مقتل ابي مخنف. ولعدم وجود من يعرف قراءة مقتل الحسين بطور الشيخ الكعبي رحمه الله. هنا بادرت امام والدي والقائمين بخدمة الحسينية اني انا اقرأ مقدمات المقتل للشيخ المهاجر. وبعد كلام وتجربة طريقتي تمت الموافقة.

في يوم العاشر من عام 1972 كانت الانطلاقة بقوة. وقتها لا اعرف اقرأ أي مجلس سوى المقتل الحسيني. واتذكر ان الشيخ المهاجر اشار لي بالاستمرار حين وصلت الى مصرع العباس{ع} وكنت متخوفا كثيرا. وتوقفت عند مقتل عبد الله الرضيع. علمت اني حققت نجاحا واثنى كثير من الحاضرين على قرائتي.

استمريت بقراءة المقتل في الفاو لغاية الحرب العراقية الايرانية. وانتقلت للبصرة هربا من الحرب. حصلت على شقة في شقق الفاو. وشاركت بقراءة المقتل في جامع السهلاني عام 1981..على اثرها تم البحث عني من قبل الامن ليلة الحادية عشر فهربت من البصرة صوب النجف الاشرف . وتركت عملي في الموانئ. في النجف لم اكن معروفا وبسبب الاسلوب البوليسي من ميليشيات البعث . التي كانت تفتك بكل نفس حسيني. لذلك لم اتمكن قراءة المقتل عدى في السيارة 18 راكب التي نستأجرها يوم العاشر كل عام يتجمع فيها نخبة من اهل الفاو . فاقرأ المقتل بالسيارة بين النجف وكربلاء . ومن ثم تعلمت بعض المجالس. خلال شراء بعض الاشرطة من مكتب خاص في النجف يبيع للثقة.تعلمت بعض المجالس المسجلة للشيخ احمد الوائلي والسيد جاسم اغائي والشيخ فاضل المالكي.

بعد عودتي للبصرة من النجف تكررت نفس الحادثة في جامع سيد نور ال شبر رحمه الله . عندما اصر الخطيب مغادرة البصرة ليلة العاشر بعد المجلس . واصبح السيد نور واصحاب المجلس في حرج من سيقرأ المقتل يوم العاشر..؟كان وقتها من المستحيل ايجاد قارئ تلك الفترة الرهيبة بعد اعدام المئات من الشباب الحسيني. فتقدمت للسيد نور وعرضت خدمتي بقراءة المقتل. فوافق بكل سرور .في اليوم العاشر من عام 1995 كما اتذكر .. كنت في خدمة سيد الشهداء. وفقني الله والحسين {ع} بالقراءة بشكل لم اتوقعه. عرفتني البصرة من ذلك المجلس.!!

وطلب مني السيد نور رحمه الله ان اقرأ في المناسبات لانه لم تقم مجالس بالبصرة تلك الفترة .لكني رفضت . سالني عن السبب قلت لاني لا يوجد عندي كتاب عن حياة ائمة اهل البيت{ع} عندها اخذني الى بيتهم , وعرض مكتبة والده السيد عباس شبر في خدمتي. صرت انتقي الكتب وانكبب عليها انهل من نميرها. ولا انسا المرحوم الحاج اكبر علوان رحمه الله حين علم بعدم وجود مكتبة عندي . عرض علي مكتبته كذلك واهدى لي بعض الكتب.

استمرت قرائتي ليالي الجمع والمناسبات في مسجد ال شبر لأكثر من عام .تم على اثرها استدعائي في جامع الحاوي في التميمية . وبنفس الوقت في جامع البراضعية الكبير عند الميرزا هادي جمال الدين رحمه الله. وفي حسينية حمدان بجانب المنظمة الحزبية .وانتقلت بمرور الايام الى حسينيات في حمدان{ حسينية السادة} وكذلك في حسينية سكة الصكاروه .واستدعاني الحاج عبد الحسين ابو الجت رحمه الله لخمس سنين. وشاءت الصدف ان قرات في احد البيوت في ابي الخصيب وكان المرحوم الحاج صادق عبيد العبود من منطقة كرمة علي. حاضرا فتم الاتفاق معي لأقرأ في حسينيتهم في كرمة علي بقيت سبع سنوات . في هذه الحسينية قدمت اجمل المجالس في شرح القران الكريم .. كان من اكثر المجالس حضورا, بعدها انتقل الى خمسة ميل في حسينية المرحوم عبد الزهرة المالكي ابو احمد ثم مسجد الامام علي بنفس المكان . ذلك المجلس استقطب جمهورا كبيرا . مما استدعى المرحوم الحاج صدام والد الشيخ صبري البيضاني ان يستدعيني للقراءة في جامع البيضان في خمسة ميل. ويتذكر اهالي المنطقة حيث كانت الشوارع تغص بالمستمعين. بقيت في جامع البيضان خمس سنوات. وتشرفت بقراءة في حسينية حلاف السويجت في العالية,

في ليلة من ليالي شهر رمضان حضر المرحوم السيد علي عبد الحكيم الصافي رحمه الله الى مجلس البيضان وسألني عن بعض الامور واقترح ان اقرأ ايام الجمع والمناسبات ظهرا في جامع الابلة. وانتقلت الى جامع الابلة لايام الجمع لثلاث سنوات.وامرني السيد علي الصافي ان اذهب الى النجف لدراسة اللغة العربية والجزء الثالث من المنطق. وبعض المقدمات الفقهية وكلف السيد حسنين ان يزكيني في مدرسة كاشف الغطاء في النجف..

في تلك الفترة تم اغتيال بعض الفقهاء والشهيد السيد محمد صادق الصدر. طاب ثراه. وحدثت في البصرة حركة عسكرية يوم 17/3/1999 فتأزمت الامور واصبحت القراءة الحسينية حرجة جدا. رغم الوضع المتأزم طلبت من معتمد السيد الشهيد الصدر ان اقرأ مجلس لروح السيد محمد صادق الصدر بعد اسبوع من اغتياله. وقصة ذلك المجلس ذكرتها بمناسبة شهادته الخامسة والعشرين.

لم تقتصر المجالس على محافظة البصرة بل امتدت الى كربلاء في بيت المرحوم خادم الحسين الحاج منهل التميمي . وفي بعض المواكب الحسينية بكربلاء وكان الحاج منهل فدائيا في وقت كان الناس يخافون ان تصل تقارير الى المنظمة بوجود مجلس حسيني في بيوتهم .بل البعض يخاف ان يحضر للمجالس..

ومن المجالس التي اتذكرها مجلس في حمدان حسينية يديرها احد السادة والاخ جعفر الفيتر واخوته عباس رحمه الله وحسنين. حتما سيذكرني بعض القراء بمجالس في مناطقهم . كوني تخونني الذاكرة يشهد الله لم اتعمد اهمال احد المجالس. قبل سقوط النظام قرات في حسينية السيد نزار في شط العرب . وفي شهر رمضان ظهرا كنت اقدم محاضرات لسنوات عديدة في حسينية الحاج راضي التميمي في شارع المدائني وفي جامع المؤمنين في شارع ابو الاسود .وفي حسينية الحاج ابو ستار رحمه الله لمدة طويلة .. هذا ما اتذكره لفترة قبل سقوط النظام . وساتكلم في حلقة ثانية عن الفترة التي تلت سقوط نظام صدام . استودعكم الله.