20 ديسمبر، 2024 5:23 م

المجالس الثقافية بين المبدع المتخصص والمدعي المتقمص

المجالس الثقافية بين المبدع المتخصص والمدعي المتقمص

كانت كتاباتي دليل هويتي .. والحرف فيها شاهد متشهد 
لم يترك الفساد العام المستشري في العراق ميدانا ألآ وأفسده شكلا ومضمونا , ومن أكثر الميادين المتضررة هو  ميدان الثقافة والفكر , ذلك لآن الفكر نشاط أيجابي فعال للنفس كما يقول المفكر الشهيد محمد باقر الصدر صاحب كتاب ألآسس المنطقية للآستقراء .

والثقافة هي هوية ألآمة الوجودية , أذا ضاعت أو شوهت , ضاعت ألآمة .

والتقدم العلمي بأنواعه : الصناعية , والزراعية , والتجارية , والتربوية , والصحية , والبيئية , والفضائية , هو نتاج خزين ثقافي للفرد والجماعة التي تنتمي لوطن أو لحاضنة علمية لاتجعل الجنسية شرطا , بل ألآبداع قبل الجنسية وقبل ألآنتماء العرقي , وهذا ما فعله رسول الله “ص” عندما أعلن : سلمان منا أهل البيت . وسلمان رجل فارسي , ولم يتوقف رسول الله “ص” عند حدود ألآفراد , وأنما فتح ألآفاق لآحتضان كل الطاقات البشرية عندما قال : العربي من تكلم العربية ؟

هذه هي المرتكزات الثقافية التي أعلنها نبي ألآسلام , لتكون ألآمة ألآسلامية أمة وعي ثقافي وأنفتاح عالمي , وتسامح أنساني , والوعي والآنفتاح والتسامح هو ثلاثي القيادة لمن يعرف فن السياسة .

ليس عيبا أن تسبقنا بعض ألآمم والشعوب والدول في مضمار الصناعة وفروعها , ولكن العيب كل العيب أن تسبقنا ألآمم والشعوب في الميدان الثقافي , لآن الثقافة مرتبطة بالقيم , ومن لايحرص على سلامة القيم وأنتظامها في حياة الفرد وألآسرة والجماعة والشعب وألآمة يكون قد فرط بعقد الوجود وضيع هويته , ومن لاهوية وجودية عنده فهو الغائب المستثنى من الحضور في المشهد الدولي بكل ميادينه : السياسية , والثقافية

مؤسساتنا بلا قيم , دوائرنا الحكومية بلا قيم , تجارتنا بلا قيم , سياستنا بلا ترشيحاتنا ألآنتخابية بلا قيم  , مجالسنا الثقافية وندواتنا ومراكزنا الثقافية بلا قيم . 

أن ألآعتداء على الثقافة في العراق تقف ورائه أحزاب , وفضائيات , وجماعات طفيلية  تحركها غرائزها وليس عقولها لآنها تعاني من سبات العقول , فالمجالس الثقافية التي أنتشرت في بغداد وبعض المحافظات أصبحت مختطفة من قبل دعاة حب الظهور ممن يمتلكون المال منهم التاجر الباحث عن الوجاهة , ومنهم النائب الباحث عن شعبية مفتقدة , ومنهم من أتخذ مما يسمى بمنظمات المجتمع المدني عنوانا ووسيلة للتقرب من الجهات الحكومية والحزبية , وهذا كله جعل المجالس الثقافية هياكل فارغة من المضمون لغياب المثقف المبدع , وحضور المتصنع المتقمص لآدوار هي ليست له , وما يقال عن المجالس الثقافية يقال عن طباعة الكتاب الذي أصبح ميسورا لمن يملك المال لالمن يملك الفكر , ونفس الشيئ يقال عن مايسمى بالمراكز الثقافية التي أصبحت حكرا على السياسيين من أصحاب السلطة يوظفونها دعاية لآنفسهم مستعملين فيها ممن هم غرباء على الثقافة , والى جانب ذلك تكتمل صورة ألآعتداء على الثقافة من خلال بعض الفضائيات التي لاتعرف ثقافة ألآستوديو ولا ثقافة المراسل والمقدم , ولا ثقافة البرامج المنوعة فتتحول الى همروجة أعلامية يكثر فيها الجهلة والصخب وتفتقر الى ثقافة المفكرين وأبداع النخب , أن التقمص وألآدعاء يحاصر ثقافتنا وهو أرهاب خطير لايقل خطورة عن ألآرهاب التكفيري الذي أبتلينا به نتيجة ضياع هويتنا الثقافية.

أحدث المقالات

أحدث المقالات