23 ديسمبر، 2024 5:29 ص

المجالس الثقافية الخاصة.. أنا والمجلس ألخاقاني الثقافي

المجالس الثقافية الخاصة.. أنا والمجلس ألخاقاني الثقافي

في إحدى أمسيات شتاء العام 1995 دعاني الصحفي في جريدة الجمهورية سلام الشماع لحضور مجلس ألخاقاني الثقافي.. الواقع في منطقة المحيط في مدينة الكاظمية.. ذهبنا سوية لأجد المجلس حافلاً بعمالقة الثقافة والأدب والاجتماع وثلة من أساتذة الجامعات وبعضاً من الفنانين والصحفيين المعروفين.. وكان الزحام على أشده.. فالواقفون أكثر من الجالسين.. وليس غريباً أن يسود تلك الجلسة جو من المناقشات والحوارات الغنية بالمعلومات ..
وقبيل انتهاء الجلسة دعاني العلامة الجليل الدكتور حسين المحفوظ.. الذي كان يدير الجلسة الى المشاركة في محاضرة في الجلسة المقبلة.. لبيتُ الدعوة وأبلغتهٌ بموضوع محاضرتي حيث كان عنوانها: (الصراع على السلطة بين عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف).. وهي جزء من كتابي (عبد الكريم قاسم ..الحقيقة) الصادر العام 1990.. فرحبً جميع الحضور بذلك.. وأشادوا بالموضوع وعلميتي ..
بعد يومين التقيتُ الزميل أكرم علي حسين مدير تحرير جريدة العراق.. وجرى الحديث عن المجالس الثقافية الخاصة.. وحدثتهُ عن محاضرتي أعلاه.. فقال كان المفروض أن ننوه عنها في الجريدة.. لكن هناك توجيهات مركزية مشددة من الحكومة بعدم نشر نشاطات المجالس الثقافية الخاصة ..
المهم قبل يوم واحد من محاضرتي هذه.. حضرً أحد طلابي القدامى في كلية العلوم السياسية إلى بيتي اسمه (ضاري) لا أتذكر اسم أبيه.. وتحدثً معي عن احترامه وتقديره العالي لأساتذته الأفاضل وخاصة (أنت أستاذي العزيز).. وأردف قائلاً: أستاذي أرجوكً أن لا تذهب غداً لإلقاء محاضرتكً في مجلس ألخاقاني.. قلتُ له: لماذا ؟ قال: (أنت تحت المتابعة المستمرة.. وينتظرون أية سقطة بسيطة منكً.. لتدخل ولن تخرج !!).. فسألته: (وكيف تعرف بهذه المعلومات ؟!!) ردً عليً: (إنني أعمل في قسم المعلومات في مديرية الأمن العامة).. وسلمً عليً وغادر بسرعة ..
لم يكن أمامي سوى الاتصال هاتفياً بسلام الشماع.. المواظب أسبوعياً على الحضور في هذا المجلس.. ليعتذر بدلاً عني بعدم إمكانيتي الحضور.. ومن يومها لم أحضر خلال العهد السابق أي مجلس ثقافي خاص.. فقد علمتُ من نفس الطالب في لقاء أخر إن الصحفي (ي ـ ح) يعمل وكيلاً لدائرة الأمن العامة.. ويحضر كل جلسات تلك المجالس.. وينقل كل شاردة وواردة تطرح فيها ويرسلها إلى دائرة الأمن العامة !! ..
وتمر السنين.. وفي العام 2010 وأنا أتجول في شارع المتنبي.. التقيتُ الصحفي (ي ـ ح) صدفة فوجدتهُ طائفياً وحاقداً بشكل لا يصدق.. نظرتُ إليه باحتقار.. حاول محادثتي.. فقلتُ له: (لمن ستكتب تقريراً عن محادثتنا هذه).. نظرً إليً بإندهاش.. فقلتُ له: (شنو اشتغلت بالأمن من جديد).. احمرً وجههُ وتركني ..
شاهدته مرة أخرى صيف العام الماضي يراجع نقابة الصحفيين فتجاوزته.. وتوجهتُ الى القاعة لإجراء اختبارات الكفاءة المهنية للصحفيين.. لحقني وقال ليً: (دكتور: أنا أقرأ كل خميس مقالتك عن الشخصيات العراقية في جريدة المستقبل العراقي.. أرجو أن تكتب عن شخصية عراقية فذة (……………..).. نظرتُ إليه.. وقلتُ له: سأكتب عنه لأنه كان من
أوائل الطائفيين والسراق للمال العام).. حاول الرد عليً.. تركته.. وهو يدافع عن تلك الشخصية.. وفعلاً نشرتُ حلقة عنها فضحتُ فيها طائفيته المقيتة بالوثائق.. فهو أول رئيس وزراء يتباهى بأنه منعً علنياً المواكب الحسينية بقوة السلاح والنار.. واعتقل ونفى علماء الشيعة في الكاظمية في الثلاثينيات من القرن الماضي.. فقامت الدنيا عليه.. وأخيراً أسقطً انقلاب بكر صدقي حكومته.. فمات كمداً على السلطة.. غير مأسوفٍ عليه ..