18 ديسمبر، 2024 8:13 م

المجئ الثاني للمسيح .. أضاءة

المجئ الثاني للمسيح .. أضاءة

 

مقدمة :
شخصية المسيح تشكل حدثا لاهوتيا عظيما ، كسيرة وحياة ، فالمسيح من الولادة العجائبية ، الى الصلب فالقيامة والصعود الى السماء ، ليس من الأحداث الطبيعية لأي نبي أو رسول ، فهو عقائديا كلمة الله ” في البدء كان الكلمة ، والكلمة كان عند الله ، وكان الكلمة الله / إنجيل يوحنا 1 الآية 1″ ، وأسلاميا أيضا ( إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته 171 سورة النساء ) ، وهو الحي ، فقد جاء في أنجيل القديس لوقا 24: 1-12 ( وفي يَوْمِ الأَحَد .. أَتَت النسوة إِلَى القَبْرِ يَحْمِلْنَ الطُّيُوبَ … فَوَجَدْنَ الـحَجَرَ قَدْ دُحْرِجَ عَنِ القَبْر . وَدَخَلْنَ فَلَمْ يَجِدْنَ جَسَدَ الرَّبِّ يَسُوع .. وفِيمَا هُنَّ مُتَحَيِّرَاتٌ مِنْ ذلك ، إِذَا رَجُلانِ في ثِيَابٍ بَرَّاقَةٍ وَقَفَا بِهِنَّ .. فَقَالا لَهُنَّ : ” لِمَاذَا تَطْلُبْنَ الـحَيَّ بَيْنَ الأَمْوَات ؟ هُوَ لَيْسَ هُنَا ، بَلْ قَام ” ) ، وكذلك قد جاء في سورة مريم 33( وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا ) ، وهو الموعود بمجئ ثان ، والمجئ الثاني هو موضوع بحثنا ، سأسرده بشكل مختصر : يهوديا ، مسيحيا وأسلاميا ، ثم سأعرض قراءتي الخاصة للمجئ .

الموضوع : 1 . في اليهودية : أن المسيح معتقديا لم يأتي بعد ، فاليهود في أنتظار مجيئه ” الأولي ” . وأنقل من موقع كنيسة تكلا ، التالي حول المفهوم اليهودي للمسيح : عند اليهود المسيا מָשִׁיחַ هو المخلص المُنتظَر ، وهو قائد مُعَيَّن من قِبَل الله ، وقد يكون ملكًا لإسرائيل لأنه يجب أن يخرج من صُلب داود الملك ، وهو الذي سيحكم الشعب اليهودي ، ويُوَحِّد أسباط إسرائيل ، ويُعلن عن بدء العصر المسياني Messianic Age ، والذي سيكون فيه – من وجهة نظر اليهود – العدل والسلام والحرية على الأرض بدون أي حروب أو جرائم أو فقر .. وحسب نظر اليهود من خلال التلمود Talmud والمدراش
Midrash وغيره ، فإن المسيا المُنتظر سيأتي قبل سنة 6000 من خلق العالم ( وحاليًا عام 2010 مثلًا يُقابل سنة 5770 للخليقة حسب العقيدة اليهودية والنتيجة اليهودية ) ، فاليهود ينظرون إليه كرسول من الله وليس أنه هو الله أو ابن الله .. وهم ينتظرون ملك أرضي يجعلهم فوق جميع الشعوب لكونهم مازالوا يعتقدون أنهم شعب الله المُختار .. * هنا نحن أمام معتقد يهودي حول المسيح ، يختلف بمضونه عن المسيحية وعن الأسلام معا ، وهذا ما سنطلع عليه لاحقا.

2 . ولكن طائفة من اليهود ، لها معتقد أخر ، يطابق – بشكل أو بأخر المعتقد المسيحي ، فقد جاء في مقال ل أحمد ناصر / في موقع عربي بوست ، بعنوان ” اليهودية المسيحانية.. ومحاولة التوفيق بين دينين ” ، التالي ( طبقا لرواية التحالف اليهودي المسيحاني في أمريكا ؛ فمن قبل ألفي عام كان يسوع المسيح يهودياً يعيش بين الشعب اليهودي ، وكان يُطلق عليه اسم “يشوع” وهي المرادف لكلمة “يسوع” في اللغة الآرامية والتي تعني أيضاً “المخلّص” ، التي دُعي بها يسوع خلال فترة وجوده على الأرض. حفظ ودرس يشوع التوراة وهي شريعة موسى والمعروفة عند المسيحيين باسم “العهد القديم”. وعند موت وقيامة المسيح ازداد عدد أتباعه وأٌنشئت معابد يهودية مسيحانية في جميع أنحاء الإمبراطورية الرومانية ، وبذلك اعتبر اليهود المسيحانيون “يشوع/ يسوع” هو المسيح المرسل لخلاص إسرائيل والعالم بأسره الذي تحدثت عنه الشريعة اليهودية. ) ، وعدد هذه الطائفة في أزدياد ، ويكمل المقال أن عددهم يبلغ ( يُقدر التحالف اليهودي المسيحاني في أمريكا عدد المسيحانيين في أمريكا بـ1.2 مليون ، وهناك نحو 400 تجمع يهودي مسيحي في جميع أنحاء العالم ، إلا أنهم أقلية في إسرائيل ) وهذا العدد لا يستهان به ، خاصة أذا علمنا أن عدد اليهود يبلغ ( قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية ، وفق تقديرات الوكالة اليهودية ، إن أعداد اليهود في العالم تبلغ 14.7 مليون نسمة. / وفق موقع RT ) .

3 . أما في المسيحية ، فأن المسيح جاء وصلب وقام من بين الأموات ، وهناك مجئ ثاني للمسيح ، (( تنبأ الأنبياء في القديم عن مجيء المسيح الأول ، وتمت النبوات تماما طبق الأصل ، في مولده وحياته وموته وقيامته ، وتنبأ الأنبياء عن مجيئه الثاني . يقول إشعياء النبي عن قضاء المسيح عند مجيئه : فيقضي بين الأمم وينصف لشعوب كثيرين فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل . لا ترفع أمة على أمة سيفا ولا يتعلمون الحرب فيما بعد (إشعياء 2: 4) وعن عدالة المسيح حين يعود ليحكم الأرض ، وعن السلام الذي يسود يقول : ويقضى بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الأرض ويضرب الأرض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه . ويكون البر منطقة متنيه والأمانة منطقة حقويه فيسكن الذئب مع الخروف ويربض النمر مع الجدي والعجل والشبل معا وصبي صغير يسوقها والبقرة والدبة ترعيا معا . تربض أولادهما معا والأسد كالبقر يأكل تبنا . ويلعب الرضيع على سرب الصّلّ ويمد الفطيم يده على جحر الأفعوان . لا يسوؤون ولا يفسدون في كل جبل قدسي لأن الأرض تمتلئ من معرفة الرب .. (إشعياء 11: 4 – 9) / نقل من موقع الكنيسة المسيحية الألكترونية )).
4 . أما في المعتقد الأسلامي ، أيضا هناك نصوص تؤكد نزول المسيح الثاني ، فمن موقع / حبل الله ، أنقل بأختصار بعض أحاديث مجئ المسيح الثاني : ( قَالَ رَسُولُ اللَّهِ فَيَكُونُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَام فِي أُمَّتِي حَكَمًا عَدْلًا وَإِمَامًا مُقْسِطًا يَدُقُّ الصَّلِيبَ وَيَذْبَحُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَيَتْرُكُ الصَّدَقَةَ فَلَا يُسْعَى عَلَى شَاةٍ وَلَا بَعِيرٍ وَتُرْفَعُ الشَّحْنَاءُ وَالتَّبَاغُضُ وَتُنْزَعُ حُمَةُ كُلِّ ذَاتِ حُمَةٍ حَتَّى يُدْخِلَ الْوَلِيدُ يَدَهُ فِي فِي الْحَيَّةِ فَلَا تَضُرَّهُ وَتُفِرَّ الْوَلِيدَةُ الْأَسَدَ فَلَا يَضُرُّهَا وَيَكُونَ الذِّئْبُ فِي الْغَنَمِ كَأَنَّهُ كَلْبُهَا وَتُمْلَأُ الْأَرْضُ مِنْ السِّلْمِ كَمَا يُمْلَأُ الْإِنَاءُ مِنْ الْمَاءِ وَتَكُونُ الْكَلِمَةُ وَاحِدَةً فَلَا يُعْبَدُ إِلَّا اللَّهُ وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ) .. ( وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ قَالَ الْأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ دِينُهُمْ وَاحِدٌ وَأُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ وَإِنَّهُ نَازِلٌ .. وَيُعَطِّلُ الْمِلَلَ حَتَّى يُهْلِكَ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمِلَلَ كُلَّهَا غَيْرَ الْإِسْلَامِ وَيُهْلِكُ اللَّهُ فِي زَمَانِهِ الْمَسِيحَ الدَّجَّالَ الْكَذَّابَ وَتَقَعُ الْأَمَنَةُ فِي الْأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الْإِبِلُ مَعَ الْأُسْدِ جَمِيعًا وَالنُّمُورُ مَعَ الْبَقَرِ وَالذِّئَابُ مَعَ الْغَنَمِ وَيَلْعَبَ الصِّبْيَانُ وَالْغِلْمَانُ بِالْحَيَّاتِ لَا يَضُرُّ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَيَمْكُثُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَمْكُثَ ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّيَ عَلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ وَيَدْفِنُونَهُ ) .

القراءة :
أولا – بالرغم من كل تنبؤات العهد القديم التي تؤكد مجئ المسيح / مقال مطول في موقع الأنبا تكلا يمكن الأطلاع عليه ، وأخرهم النبي يوحنا المعمدان ، الذي قال ( أَنَا أُعَمِّدُكُمْ بِمَاءٍ لِلتَّوْبَةِ ، وَلكِنِ الَّذِي يَأْتِي بَعْدِي هُوَ أَقْوَى مِنِّي ، الَّذِي لَسْتُ أَهْلًا أَنْ أَحْمِلَ حِذَاءَهُ . هُوَ سَيُعَمِّدُكُمْ بِالرُّوحِ الْقُدُسِ وَنَارٍ / مت 3: 11. ) . ولكن غالبية اليهود ، لا زالوا يقولون بأن المسيح لم يأتي بعد ! – كما ذكرنا في الفقرة (1) أعلاه . بالطبع عدا اليهود المسيحيانيين / كما هو موضح في الفقرة (2) أعلاه .

ثانيا – ولكن الموضوع الذي يحوي الكثير من التقاطعات والأشكالات هو مجئ المسيح وفق المعتقد الأسلامي ، وسأحاول أن أسرد بعضا من هذه التساؤلات : (1) الرواية الأسلامية جاءت مشابهة بالعموم للنص المسيحي – في بعض من مؤشراتها ، والتي تؤكد على نشر العدل في زمن المسيح ، وبعض المفردات نقلت تماما ك ” اللعب بالحيات ” و ” تعايش الحيوانات المفترسة مع الداجنة ” .. وغيرها . (2) المسيح الذي صلب على الصليب ، وحادثة الصلب التي تمثل فداء المسيح للبشرية ، كيف للمسيح أن يكسر صليبه ، الذي حمله ليصلب عليه ! ، وما مغزى قتل المسيح للخنزير ! . (3) وفي موقع الأسلام سؤال وجواب ، يقول أن الأمام المهدي يسبق المسيح ( المسلمون يعتقدون أنه في آخر الزمان يكون رجل صالح اسمه المهدي ، يجمع المسلمين ويقودهم ، ويكون مقدمة لنزول عيسى ابن مريم ، وأي غرابة في أن ينتظر المسلمون شخصين لا شخصا واحدا ؟! أحدهما رجل صالح ، وإمام من أئمة المسلمين ، وهو المهدي ، والآخر نبي ورسول من أولي العزم ، وهو عيسى ) . وهذا الأمر غير مجمع عليه أسلاميا ، فالشيخ د . علي جمعة – ينكر ذلك (( أن مفتى الديار المصرية الأسبق د.على جمعة ، صرح من قبل فى حلقة 26 أكتوبر 2014، من برنامجه “والله أعلم” ، مؤكدا أن منهج أهل السنة ليس به ما يسمى “المهدى المنتظر” ، قائلًا : «المهدى مش منتظر عندنا ، ده منتظر عند الشيعة ، إحنا معندناش المهدى المنتظر ده ، لكنها كلمة جرت على ألسنة الناس ، يقولك مثلًا (القول المختصر فى المهدى المنتظر) وهو منتظرش ولا حاجة لأنه ممنوع الانتظار والاستحضار ، لا يوجد ما يسمى بالمهدى المنتظر فى عقيدة أهل السنة . )) . ولا أعتقد أن شخصية بمستوى د . جمعة أن يقول كلاما على هواه ! ، وهذا الأمر ينسف معتقدا شيعيا ! . (4) ولكن أحاديث الرسول تقاطع أيضا أقوال مفتي مصر الأسبق – حول موضوعة المهدي ( وفي حديث جابر قال : قال رسول الله : ” ينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم المهدي تعال صل بنا ، فيقول : لا إن بعضهم أمير بعض تكرمة الله لهذه الأمة ” ، وقال ابن القيم في المنار المنيف (1/147) إسناده جيّد . وهذا يدل على أن المهدي قبل عيسى ، وأن عيسى يصلي خلفه ، ثم يكون الحكم لعيسى . / نقل بأختصار من موقع حبل الله ) .. فهذه كلها تقاطعات وأشكالات معقدة ! ، والتساؤل هنا ، ما هي صلاة المسيح التي سيصليها بالمسلمين ، والمسيح يتكلم أرامي والمسلمين يتكلمون عربي ! . (5) ومن موقع / التاريخ الأسلامي ، سأنقل بعضا مما ورد عن مجئ المسيح ، معلقا على كل فقرة منها : ” بعد نزول يسوع سيؤمن به المسيحيون كرسول لله لانهم الان غير مؤمنون به الأن ” – وهنا يجب أن نكون موضوعيون ، بمن يؤمن المسيحيون الأن ! ، أيؤمنون مثلا بموسى ! ، ولكني أعلل هذه النقطة لأن وفق المعتقد الأسلامي أن المسيحيين كفرة ، وبعد مجئ نبيهم الذي يؤمنون به أصلا ، سيكونوا مؤمنون ، وهذا الأمر خلاف للعقل والمنطق تماما ! . ” اما اليهود فسيحاربون يسوع مع المسلمين السنة و يبيدهم المسلمون السنة يقودهم يسوع المسيح ” – وهنا تساؤلات منها ، لم يكن يسوع محاربا يوما ، ولم يقد معارك ! ولم يقتل أحدا ، بل كان محاربا فقط للخطيئة ! ، ولم السنة وليس الشيعة . ” يكسر الصليب وَيَضَعَ الجِزْيَةَ : الجزية مبلغ صغير سنوي يدفعه المسيحيون و اليهود الذين يعيشون في الدولة الإسلامية مقابل حمايتهم وعدم خدمتهم في الجيش الإسلامي ” – أما كسر الصليب فقد عللتها في أعلاه ، ولكن كيف يضع المسيح الجزية على قومه ! ، فهل من منطق أن يطبق المسيح نصوصا قرآنية على قومه وهو نبيهم ! . ” لا يقبل يسوع الا الاسلام ” – وهنا يوقعنا الموروث الأسلامي في أشكال أخر ، فكيف للمسيح أن لا يقبل ألا الأسلام دينا وهو ” المسيح “. (6) أما قضية دفن المسيح من قبل المسلمين ، فهو أمرا يخالف العقيدة المسيحية ، لأن المسيح ، صلب ومات ودفن وقام في المجئ الأول ، وسيبقى حيا ، وحتى أسلاميا فالأمر لا يستوي لأن المسيح حي ( يَوْمَ وُلِدتُّ .. وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا /33 سورة مريم ) ، فكيف لمن يبعث حيا عندالله أن يتوفى مرة أخرى ! .
خاتمة :
أني أرى أن المسيح سيأتي وفق العقيدة المسيحية ، التي كرسها ، ليست كدين وممارسات ، بل كأسلوب حياة ، أما عقائد الأخرين ، فأرى أن يفتوا في عقائدهم ، وأن لا يفتوا في عقائد قد كفروها ، ولا يؤمنون بها أصلا ، ويعتبروها محرفة ! .