18 ديسمبر، 2024 11:58 م

المثقف بعيون مصريه

المثقف بعيون مصريه

ناقدٌ اجتماعيٌّ، “همُّه أن يحدِّد، ويحلِّل، ويعمل من خلال ذلك على المساهمة في تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، نظامٍ أكثر إنسانية، وأكثر عقلانية”، كما أنه الممثِّل لقوَّةٍ محرِّكةٍ اجتماعيًّا، “يمتلك من خلالها القدرةَ على تطوير المجتمع، من خلال تطوير أفكار هذا المجتمع ومفاهيمه الضرورية”.

هكذا يُعرف المثقف بالمفهوم الاصطلاحي ،وقد يعرف أيضا بأنه :الذي يعرف شيء من كل شيء. يضع العديد من الكتاب والفلاسفة الكثير من التعريفات للمثقف وصوره ودوره في المجال السياسي والاجتماعي والثقافي . يأتي في مقدمة الكتاب، الفيلسوف المصري الكبير زكي نجيب محمود شارحا في كتابه (مجتمع جديد أو متخلف ) عدة تعاريف عن المثقف واصفا إياه : بأنه شخص يحمل في ذهنه أفكار من إبداعه هو او من ابداع سواه ،يعتقد ان تلك الافكار جديرة بأن تجد طريقها الى التطبيق في حياة الناس فيكرس جهدة لتحقيق هذا الامل .كأن يتصور المثقف نظاما يتناسب مع ما يحتاجه الناس في تغير وتجديد حياتهم، حيث تكون مسؤوليته عدم الوقوف والسكوت، بل بالعكس يجب ان يجد ويدعوا لهذا النظام وان لا يعيش في عالم الخيال المحض .لا يقف عند هذا التعريف فقط حيث يصف المثقف أيضا: بأنه الشخص الذي يروج للقيم العليا سواء كانت أخلاقية او جمالية .وهذا الفرق بين المثقف والمتخصص حيث ان مجرد التحصيل العلمي لا يدل بذاته على اي الاشياء واي المواقف هي الافضل لحياة الناس .اما المثقف فهو لا ينشر الفكر لمجرد انه فكر وكفى .بل ينشره لأنه في نظره هو الفكر الذي ينتج حياة أفضل وأجمل .مرة ثالثه يضع المثقف في خانة الربط بين الماضي والحاضر والقدرة على فهم ودراسة الماضي بعيون الحاضر والاستفادة من تجارب التاريخ بعيون الناقد والباحث وليس بذهنية التلقي والتسليم .بالإضافة الى وعي التاريخ والماضي. يضع لنا زكي نجيب تعريفا اجمل للمثقف او جماعة المثقفين كما يحب ان يصفهم :على أنهم من يختزلون حقيقة الانسان وحقيقة الكون في صيغة محكمة مترابطة .هذا ما نراه فيما تصنعه الفلسفة او الفن او الادب .متصورا الكون والانسان في حالة تطور جدلي صعودا نحو الكمال والرقي .وهذا ما يصنعه النحات حين يختصر الالاف من التفاصيل الحسية في عمل تمثال او منحوتة لتضعك امام صيغة تختصر لك الكثير من الافكار .كذلك الشاعر والموسيقي يقدم لك الجمال على شكل لوحه شعرية او لحن يسمو بروحك نحو الجمال مختصرا الالاف من الساعات والايام ليقدمها كترنيمة حياة .لا يتوقف كاتبنا عند هذا الوصف للمثقف بل يضعه ايضا في خانة التميز عن الناس في قدرته على معرفة الفوارق الدقيقة الكائنة في ظلال الفكرة الواحدة او الافكار الجديدة التي تأتي للمجتمع فتكون وضيفته تمحيص هذا الافكار وغربلتها والتأكيد على الافكار والمعاني التي تقدمها .قدم زكي نجيب محمود تقسيمات الغاية منها وضع المثقف بصورته الكبرى في داخل المجتمع معتبرا اياه الروح والقلب النابض بكل ما هو نبيل مدافعا عن كل القيم الاخلاقية والجمالية .لكن السؤال الاهم هل في زمن الانسان السبراني او البدوي الالكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي .هل بقي للمثقف صوت هل يستطيع أن يقدم ما يقدمه المثقف سابقا ؟ام انتهى زمن المثقف العضوي كما يصفه غرامشي، ليتصدر المشهد مثقفو وسائل التواصل الاجتماعي .

ومضة :

من خرج يبحثُ عن الحقيقة ..حكم على نفسه بأن يبقى دائماً في الطريق.

رسول حمزا توف