6 أكتوبر، 2024 6:16 م
Search
Close this search box.

المثقف السومري وقداسة اللغة العربية في الميزان/1

المثقف السومري وقداسة اللغة العربية في الميزان/1

العراق السومري وطن بلاثقافة ومثقفين ولاهوية على مر الأزمان والعصور، إلا ثقافة النسب إذ يقال أن أجدادهم مثقفين إخترعوا الكتابة المسمارية، لكن أرجوكم دعونا من  *فنتازياتكم *( كلمة معربة ومصرفة عربياً).

انا أفهم أن الهوية الوطنية تترجم وتصك بقوالب ثقافية سلوكية ذات طابع  يميزها عن غيرها، ولا تهين نفسها  أو تستهين بإرثها  الإنساني والثقافي والحضاري، أوترتمي بأحضان القوافل الإستعمارية مستعينة بها،  لتقتص من بعض أقوامها بالذبح والصلب والنار. الهوية الوطنية هي تلك الهوية التي ينصب إهتمامها على ثقافة هوية الأنسان، فهو الوطن، وهو الزمان وهو المكان، كما هو الماضي والحاضر والمستقبل.

 ماهي صورة وحقيقة هوية شعب السومريين والبابليين بالتقريب …..!!!؟
بالمثال يستقيم المقال…..

 شعوب العراق  متقانلة لاترتضي بحكم  أحد وإن كان ملاكاً أو نبياً  عالماً بحكم  العدل وخبيرا، لآن لاأحد يعترف بأصل  أحد فهم   في الغالب  وليس بالمطلق  بالطبع، هم شعوب تستغرب بعضها البعض ويكفينا هذا دليل على كثرة الغرباء أو الكل غرباء عن هذه البقعة  التي إستوطنوها قادمون من مشارب عديدة من مناطق بعيدة أو مجاورة قريبة، سواء من شعوب الإمبراطوريات المتحكمة بتلك البقعة لقرون ، وزادت عليها مخلفات الفتوحات الإسلامية ، ونَفايات دولية إستعمارية قريبة وبعيدة ( ولا أقصد نِفايات بكسر النون) قديمة وحديثة بإعتبار العراق كان ولازال طريقاً ومرتعاُ خصباً لقوافل المستعمرين كما هو شعب الجزيره العربية في غابر الزمان، فهم شعوب متعددة الأديان والأقوام واللهجات، تغزوا وتسبي بعضها البعض دون أي مراعاة للإنسانية، والقرآن خير مؤرخ وشاهد، عليها وعلى أخلاقها، كما لم يسجل لها  القرآن أو التاريخ أية حدود أو أية هوية إنساميو راقية، وشبيهها في الحال هم  أقوام العراق سابقاً واليوم.

 العراق بأقوامه قبل الإسلام بعدة بقرون وفي فترة حكمه وبعدها، يتَحَسَّنَ أو يتدهور طالعه حلزونياً، بالنصب والسيطرة عليه من قبل أحدى هذه القوافل الأستعمارية، التي تعمل على تكريس  ثقافتها ومراكزها كقوى ذراعية وفكرية لما يخدمها ويثبت أركان ركائز حكمها ـ كما فعلت القافلة الرومانية أو الفارسية مثلاً، والأخيرة هي أفضل أزمان الفكر والثقافة التي مرت بها ساحة الأقوام العراقية قبل (الفتح) الإسلامي وبعده ـ ولكن بعد رحلات حربية تأريخة على الأرض العراقية بأسم الخلافة الإسلامية، بينها وبين العثمانية وغيرها من المغوليين، إنتهى الصراع بعهود ومواثيق وحدود، سُلِّمت فيها لحية ثقافة الأقوام العراقية، بيد ثقافة القوافل العثمانية، فحلت  فيهم إرث ثقافة  قداسة اللغة العربية التي ولدت وترعرعت في رحم المثقفون الفرس من الكتاب الفقهاء العلماء الذين دخلوا الإسلام ووهم من أحيوه واشعلوا  فيه جذوة ثقافة اللغة العربية المقدسة من نفس القائل وهو الله، وكله من وحي التساؤل عن حقيقة  وكيفية الإعجاز اللغوي، هل في اللفظ أم في المعنى أو في التركيب والنظم ، أو في أحكامه وشرائعه..الخ ، لتنشأ من خلالهم جدلية اللفظ والمعنى بين مدرستي المعتزلة والأشاعرة. هذا الإرث الفكري إستغل كحجة لمنع الطباعة باللغة العربية  بحجة القدسية لها في زمن الحكم العثماني لغاية في نفس يعقوب فمنعوا الطباعة لقرون بعد إكتشافها في أوربا ، فلاطباعة أو ترجمة لفكر وثقافة عراقية  وعربية في عصر العثمانيين إلا  ما ندر في القرن الأخير من حكمهم، إذ إقتصر على مطابع لكتب القواميس والنحو ولم تزد على ٦٠ كتاباً، إهتم بها أصحاب الدواوين وأولادهم من المثقفين والباحثين المقربين لديوان الحاكم. فحلت مكان الأحزاب والمثقفين ثقافة الشقاوات والزعيم، ومكان الفنون الجميلة والرسم والنحت ثقافة الخط الإسلامي الموجه ، والذي من خلاله نشهد فنون الرسم والتجسيم الممنوع يتنفس بصورها وكذلك  جند الشعر مشاعر الحب لها وفيها، بل كل المجهود الفكري العقلي لمصانع فقه اللغة القرآنية وفلسفتها التي تخدم قدسيتها.
 أضف الى ذلك  ثقافة العصا والضرائب وسياسة  المولى الذي يسوس قوافل العبيد  والأماء والجواري، وليغرق  شعب العراق في الظلام الفكري والجحيم. ولاننسى  تدعيم الفكر الديني الجهوي ، بافكار شيوخهم المتأسلمة العنصرية الشعوبية، لتثبيت الحكم العثماني السني، إستلهاماً لثقافة قافلة الحكم الصفوي السابق في توطيد دعائم الحكم الشيعي عقائدياً في إيران وخدمته في روح القتال، فبنت  أغلب القوافل المستعمرة أوطانها على معاناتنا  ونهب ثرواتنا، وخراب عقولنا وأنفسنا وأرضنا ومالنا وعرضنا، حتى أصبحنا شعباً، همج رعاع ، ثقافتنا جوامعية ، جهوية ، مسيرة، جنسيتنا العثمانية.

لكل خلافة وإمبراطورية شعوب مهاجرة ، كما تهاجر الناس اليوم الى اوريا وأمريكا، ولكن الطامة الكبرى، هو أن المهاجرين قد تأسلموا، وهم جارلأمبراطورية ما، لا تنفك عن التقاتل للفوز بحكم أرض العراق ونهب خيراته وجعله سوق لها دون أي إعتبار لآنسانية ناسه، لذلك أصبح العراق خان وطريق تطرقه أية قافلة من أية ثقافة دون إستأذان.

  بالتالي كنتيجة لحياة الخان المفجعة والجهوية للأديان والأحزاب، ضعفت الأقوام العراقية وتمزق شملهها فعبدت مصالحها وأقامت لها الأصنام، لذا أصبح هذا الشعب بتقادم أجياله وتقادم التجهيل والتشتيت الفكري له، فاقداً للهوية والثقة بالنفس، منزوٍ متقوقع، متشعب الثقافة والسلوك والأعلام، والفنون والأنماط الحيواتية، يموت فيه الحوار الفكري الراقي، وتطغى عليه الجهالة والخرافة، والعصبية بقوة الألفاظ المتسرحة بين القواطع الفكية المتعطشة لإمتصاص الدماء .

 إذ من النادر في العراق، أن تجد دار يحوي على مكتبة بسيطة غير كتاب القرآن للتبرك فيه وبثواب قرائته وحفظه دون فهم او حتى بفهم ولكن لا أثر لهذا الفهم في الواقع بمثل أثر المحتكرون للتفسير له من أهل الذكر.
 ولا زال فهمه مستعصياً على بلغاء اللغة وفقهائها . فثقافة القراءة ثقافة منبوذة بسبب التجهيل وعقلية الإرهاب اللغوي المقدس، إلا الثقافة السمعية المنبرية الجوامعية، كونها المقود الديني الشرعي الصالح للإطعام العقلي، وللتجييش الجهادي، كما ولتجسيم العقيدة المذهبية، بنمط معين من الشعائر والأداب العزائية أو الفرحية، بمقامات شرقية ذات مسميات فارسية أو تركية .

فطوق النجاة للتحرر الفكري من هذه القداسة اللغوية وبلاغتها المزعومة بالتحديد، تكمن بالتوعية اللغوية وحقيقتها، لقلع جذور التبعية الفقهية ومخلفاتها الفكرية وآثارها على حياة الإنسان وعقله ومصيره كما هو في مصير العراق  وكل العرب والمسلمون اليوم ، ولكي لايتمسك بمقودها  مراجع( أهل العلم) علماء السلاطين من أي قافلة إسلامية .

 الشعب  العراقي اليوم ككل، فيه قليلاً من الوعي ونهضة فكرية بسيطة  تساعده على أن يتفهم الحال وأقلم نفسه على العيش والتعامل مع تراكمات فقهاء قوافل الماضي والحاضر، بما فيها الأحزاب، فيضطر للتواصل الإجتماعي الإنساني بثوب المجاملات الشكلية والتي تختفي مع أول شرارة  حوار مضطرب، ليحل محلها ثقافة التنميطات والتصنيفات القومية والحزبية والمنشأية، فيما عدا التجاوزات الشرفية والتكفيرية المذهبية، وهذا مايكشف حقيقة  الشعب وصورة هوية وثقافة منبره، القادمة من إرث منقول على سلم معسول، ولهذا لايمكنك  أن تسميه شعب ليتساوى مع كلمة شعب يقيم لآفراد شعبة قيماً إنسانية  تلمس في شحناتها السلوك والثقافة الإنسانية السوية.

 فالعراق وقسم كبير من شعوبه تجار وسماسرة، وعيون، وسوق، وساحة ميدان للقوافل ( الفاتحة) المسلمة وغير المسلمة.
يذود اليوم كل شعب بنفسه عن شعبه ومذهبه وقوميته، وتتضامن معه بعض الشعوب الأخرى المضطهده خوفا من أن تبقى ضعيفة تغزوها الأقوام الأخرى، كما كان الأمر في مكة والحجاز وطرق القوافل التجارية التي كانت معرضة للغزو من أقوامها المجاورة لها في أية لحظة، ولذلك تلجأ هذه الأقوام الضعيفة بالألتصاق  بالقوي لحمايتها وحمايتة قوافلها مقابل ماتدفعه له، كما إلتصقت بالرسول محمد ودخلت دينه وإنضمت اليه بعد إن شعرت بأن قوى عوده وأصبح قادر على حمايتها.
 فلم تكن القضية قضية إيمان أو إكتشاف  للغة الله العربية الخطيرة  وإعجازها العظيم، كون أغلبهم  أميون لايفقهون بإعتراف القرآن، فالجاهل لايمكن أن يقيم حكمه على علم لايفقهه. ولذلك الكثرة في الدخول للإسلام لم تكن إيمانياً  معرفياُ لغوياً لفهم إعجاز الله فيها، بل لآسباب أُخر ليس محلها. وإن كان فيهم علماء لغويون، فهم لم يولدوا بعد، وبفرضهم كما هو في فرض المحال، لايمكنهم أن يشكلوا قوة  (تفتح ) بها الأمصار، ومن  هؤلاء لايمكن أن يأخذ منهم  أو يفهمهم الجهال في العراء، وشاهد الحال خير شاهد. ولكن جعلوا فهمها  مستعصياً، لاحقاً  على اجيال لاتعرف لليوم كيف كانت اللغة العربية شفاهياً إعرابياً فما بالك بلاغياً.! أكاد أفقد الوعي من  الغضب على جهالة القوم في فهم هوية اللغة العربية وحقيقتها الشفاهية والبلاغية. يتبع في الحلقة الثانية..

أحدث المقالات