18 ديسمبر، 2024 5:08 م

الشخص المُدان بتهمة الهرطقة والزندقة والإلحاد وازدراء الأديان، المحكوم عليه بالشّتم واللّعن والطّرد وحتى القتل.
وذلك من قِبَلِ المؤسسة الدينية، متمثلة ببعض كهنة المعابد ورجال الدين.
ليس بالضرورة أن يكون أحد هؤلاء الثلاثة الذين أصابوا نرجسية الإنسان وغروره بطعنات قاتلة، وذلك على حد تعبير سيغموند فرويد في مقال له نشره عام 1917, وهم كل من :
1 – العالِم البولندي كوبرنيكوس.
ترك جُرحاً كَونياً على نرجسية الانسان.
حيث ذهب في نظريته إلى مركزية الشمس للكون وليس الأرض كما كان شائعاً لقرون، وأن لا شيء يميز الأرض.
2 – تشارلز داروين.
ترك جُرحاً بايولوجياً على نرجسية الانسان.
حيث جَرَّد الإنسان من أصله الراقي المزعوم، لِيَجد نفسه مجرد كائن تطوَّر من كائنات أدنى منه، نوع تطور من فصيلة القِردة العليا المنتمية بدورها للمملكة الحيوانية الكبرى.
وبالتالي، فلا فخر في أصل الإنسان وتكوينه.
3 – سيغموند فرويد.
ترك جُرحاً سايكولوجياً على نرجسية الانسان.
وذلك عندما أرجع أغلب أفعال وقرارات الإنسان وتصرفاته إلى اللاوعي.
كتعبير عن دوافع ورغبات مكبوتة في قعر اللاشعور، تُسيّر حياتنا وأفعالنا تحت ستار من الوعي الزائف.
إنه ليس فريدريك نيتشه أيضاً، الذي أعلن موت الإله.
تاركاً الإنسان مرعوباً من صمت الكون، بعيداً عن أية رعاية سماوية.
أو كارل ماركس، الذي أرجع كل إنتاج الإنسان الثقافي والفكري وحتى الديني و …
للظروف المادية والاقتصادية فحسب، ولا شيء آخر.
ولا حتى نيوتن، ديكارت، كانط، سبينوزا أو الراهب مارتن لوثر أو…
المتهم هو :
# كل من يحمل فكراً حراً، يؤدي دور رسول العقل والتنوير.
# كل من يميل إلى المنهج التجريبي، حيث احتمال الخطأ والصواب.
# كل من يرفض السير على خطى القطيع، ولا يسمح للآخر أياً كان بالتفكير نيابة عنه.
# المتهم باختصار :
هم كل الفلاسفة والمفكرين الذين حاولوا ومازالوا يحاولون الإعلاء من شأن العقل في مقابل الخرافة.
بدءاً بسقراط، مرورا بِفلاسفة عصر التنوير، وصولاً إلى يومنا هذا و …
أدناه، بعض من أولئك الذين قدموا أنفسهم قرابين على مذبح الحقيقة.
# – جاليليو غاليلي :
محكمة التفتيش الرومانية إتّهمته بالهرطقة، لِتحكم عليه بالسجن إلى أجل غير مسمى، وبقي تحت الإقامة الجبرية حتى موته عام 1642.
# – جوردانو برونو :
في عام 1600 حوكم بالهرطقة من قِبَل محاكم التفتيش الرومانية، وعوقب حرقًا في روما في ساحة كامبو دي فيوري.
# – ويليام تاندال :
عام 1535 تم اعتقاله وحبسه، ثم محاكمته بتهمة الهرطقة والخيانة، وبعد ذلك شنق وتم حرقه على وتد.
# – ابن المقفع :
اتهم بالزندقة، وقُتل بعدها، حيث تم صلبه وتقطيع لحمه قطعة قطعة.
والقائمة تطول بأسماء هؤلاء العِظام، الذين رفضوا ارتداء القناع والظهور بوجهين.
لكن يبقى السؤال :
هل توجد هنالك ولو محطة واحدة من محطات التاريخ تثبت تبادل الأدوار.
أعني، هل يمكن العثور ولو على موقف واحد، يثبت أن كهنة المعابد ورجال الدين، هم الذين تعرضوا إلى الشتم واللّعن والطّعن والتعذيب، وذلك على يد الفلاسفة والمفكرين العقلانيين ؟!!…
لا أظن ذلك.
========
بهزاد بامرني