23 ديسمبر، 2024 10:07 ص

المتقعرون المتقعرون

المتقعرون المتقعرون

-1-
المتقعرون موجودون في كل زمان ومكان .

وكُتب التاريخ والأدب نقلتْ لنا عن المتقعرين ، بعضَ النصوص الكاشفة عن قدراتهم في اللف والدوران ، واظهار العجز عن فهم المراد من الكلام … كل ذلك من أجل إبراز براعاتهم اللغوية ومعرفتهم العميقة بلغة الضاد …!!

انهم يريدون أنْ يبنوا لهم مجداً على حساب الآخرين، من خلال المراوغات الكلامية الباهتة ..!!

-2-

” قال المبرد :

قال رجل لهشام بن عمرو الفوطيّ :

كم تعدّ ؟

قال :

من واحد الى أكثر من ألف .

قال :

لم أُردْ هذا ، كم لك من السنّ ؟

قال :

اثنان وثلاثون سنّاً .

قال :

لم أرد هذا ، كم لك من السنين ؟

قال :

مالي منها شيءٌ كلّها لله .

قال :

فما سنّك ؟

قال :

عَظْم

قال :

فابن كم أنت ؟

قال :

ابن أبٍ وأمٍ .

قال :

فكم أتى عليك ؟

قال :

لو أتى عليّ شيءٌ لقتلني

قال :

فكيف أقول ؟

قال :

قل : كم مضى من عمرك “

تاريخ الاسلام للذهبي / ج16 ص263 – 264

أقول :

ان السؤال المطروح على “هشام” لم يكن معقداً ، ونحن على يقين بانه قد فهم المقصود منه ، ولكنه ابتدأ رحلة الهرب من الجواب السريع ، وتجوّل في العديد من الدهاليز حتى نطق بالجواب …

وهذا هو التقعر بعينه …

-3-

والتقعر السياسي هو أبشع ألوان التقعر على الاطلاق …

ومن النادر جداً أنْ تعثر على سياسيّ واحد من ” سياسي الصدفة ” بعيد عن التقعر ..!!

ومن هنا كانت البلية عظيمة في العراق الجديد لأنَّ هناك كمّاً هائلاً من سياسي الصدفة ، لا يروق لهم الاّ التقعر الممجوج ..!!

-4-

ومن التقعر الذميم الإثارات التي تشيع الفتنة ، وتزرع البغضاء ، وتحرّض على الفصام النكد بين أبناء الوطن الواحد …

-5-

انّ العراق اليوم – وهو يخوض غمار المواجهات الساخنة ، مع عصابات داعش – التي لا تعرف الا القتل والحرق والعدوان على الانسان والأديان والقيم والحضارة والتحجر والخرافات – بامس الحاجة الى الخطاب التوحيدي، البليغ في جمع الكلمة، ورص الصفوف، وتلاحم

القوى ، والتوعية بمخاطر الهجمة الداعشية البربرية ودحرها، والتوجه المشترك الفاعل لتطهير تراب الوطن من دنسها …

-6-

لا مكان في قاموس ” الوطنية ” لأيّ لون من ألوان التقعر السياسي الذي يفت في العضد ، ويمزق النسيج العراقي ، ويحدث الثغرات في جدار التلاحم الوطني .

-7-

وهكذا تبرز أهمية الالتفات الى خطورة الكلمات والتصريحات، فضلاً عن المواقف والخطوات المتخذة ازاء ما يمر به الوطن من المحن …

[email protected]