23 ديسمبر، 2024 10:01 ص

المتقاعدون ما بين العاطفة والقانون

المتقاعدون ما بين العاطفة والقانون

يمثل المتقاعدون شريحة مهمة من شرائح المجتمع, وهم عصب الحياة للخبرة والاستشارة التخصصية وكذلك المجتمعية.
المتقاعد هو شخص افنى عمره في اداء الخدمة العامة في دوائر الدولة, واعتاد على روتينها, وتفاعل مع مشكلاتها, وتحمل اعباءها, وعاشها بحلوها ومرها وببردها وحرها, والمتقاعد هو الموظف الذي عاش نمطا حياتيا منتظما امتد لعشرات السنين وبعض منهم ادمن العمل حتى صار شغله الشاغل.
يواجه الموظفون مشكلات جمة عند وصولهم الى سن التقاعد, وما ان يُعلن عن تقاعد الموظف حتى يتغير نمطه في الحياة, فيبتعد عن الروتين الذي اعتاده, وتتغير ساعات نومه, وتتبدل اهتماماته, وتسير حياته بخط شروع جديد يصعب عليه التأقلم معه, ويضيف تقدمه بالعمر عبئا اضافيا عليه.
اول مشكلة تواجه الموظف المحال على التقاعد هي انجاز معاملته التقاعدية, ومرورها بدوامة من الروتين الممل والمذل والمعقد, فالموظف الفاني عمره بالوظيفة العامة يواجه صرامة القوانين وبيروقراطية المكاتب وتعالي “بعض الموظفين”, كما ان الموظفين المسؤولون عن انجاز المعاملة التقاعدية للموظف ينسون انهم سيواجهون نفس الامر, وسيشربون من نفس الكأس عند بلوغهم سن التقاعد, ومع ذلك تجد ان اغلبهم متجهمون ينزعجون من الموظف المتقاعد ومن الحاحه احيانا.
امر اخر يواجه الموظف المحال عل التقاعد وهو الالم النفسي الذي سيصاحبه عند تركه لمكانه الذي اعتاده لسنين طوال, وسيعاني من صعوبات في تقبل واقعه الجديد, كما ان طبيعته المجتمعية من علاقات وروابط والتزامات ستلقي بضلالها ايضا عليه, مما قد يسبب لكثير منهم ارتدادات نفسية موجعة.
يجب ان تَحظى شريحة المتقاعدين بأهمية بالغة, فهم الشيبة المحترمة في المجتمع, وهم كبار السن الذي خَبَرُوا الحياة وصقلتهم التجارب, ومنهم يستفيد الشباب في مواجهة الحياة.
يجب مراعاة المتقاعدين اولا من ناحية انجاز معاملاتهم التقاعدية, ونقترح في هذا الصدد ان يتم التمهيد من دائرة الموظف قبل سنة من استحقاقه التقاعد, لغرض ان يصل الى يوم انفكاكه من الوظيفة وقد اكمل معاملته التقاعدية, وتقوم دائرة التقاعد العامة بصرف مستحقات التقاعد خلال مدة لا تتجاوز الاسبوع من انفكاك الموظف المتقاعد كي لا يواجه ظروف الحياة الصعبة والقاسية وهو من غير مورد, فنحن نرى ان في اغلب الاحيان يستمر انجاز المعاملة التقاعدية لحين صرف المستحقات لعدة شهور وتصل الى اكثر من سنة احيانا.
اما من ناحية التأهيل النفسي والاجتماعي للموظف المتقاعد, فنقترح ان يتم التمهيد له من دائرته بمدة تتراوح بين السنة الى السنتين, حيث يتم تخفيف تكليف الموظف الذي سيحال على التقاعد بالمهام, وايضا زيادة ايام العطلة له, فمثلا يمنح يوما اضافيا لاستراحته مضافا ليومي الجمعة والسبت الرسميتين, وايضا يعطى دعم نفسي ومعنوي للمتقاعد من خلال زجه بورش ومحاضرات تأهيل نفسي واجتماعي تمكنه من تقلل واقعه الجديد والتكيف معه سريعا من دون اي اثار نفسية او اجتماعية.