18 ديسمبر، 2024 6:47 م

المتقاعدون … بين الشيخوخة والشباب

المتقاعدون … بين الشيخوخة والشباب

يشهد الأنسان خلال حياته الأعتيادية العديد من المراحل العمرية ، ويعيش أيجابيتها وحلاوتها ونعومتها ، كما يعيش سلبياتها ومرارتها وقسوتها ، ولكن المهم كيف يستطيع أن يستثمرهذه المراحل لصالح تكوين شخصيته وأثبات كيانه وهويته ووجوده الأنساني وتحديد مستقبله وأبراز دوره الأيجابي بين عائلته والمجتمع المحيط به ، فحينها يشعر بالمعان السامية للحياة والتي من خلالها يمكن أن يحقق الأهداف التي يرضاها لنفسه ، والأفكارالصحيحة التي يرسمها وفق حساباته الدقيقة ونظرته الثاقبة للمستقبل .

حينما تقترب أعمار الموظفين والعمال والعناوين الأخرى الى ( 60 ) عاما يكونو قد اقتربو من الأحالة على التقاعد ، ويصبحو أحرارا طلقاء دون أي رقابة أو تقييد أو التزامات عليهم ، ويتم أنهاء خدماتهم سواء كانو على الملاك الدائم أو العقود أو العاملين في المعامل والشركات الأهلية أو الحكومية ، كما أنهم يمنحون العديد من الامتيازات بعد هذا الجهد الكبير والعطاء المتميز الذي بذلوه من خلال الخدمة الوظيفية للسنوات الماضية من أعمارهم ، وبهذا يكون لدى هؤلاء الوقت الكاف لممارسة الرياضة اليومية لأعادة النشاط والحيوية الى أجسادهم ويكونو بعيدين عن الكسل والخمول .

ولكن !! بعد أحالتهم على التقاعد تراهم منقسمون على بعضهم البعض ، منهم من يصمم على أنه ما زال شابا من خلال ممارسة الرياضة اليومية والمشي المتواصل لساعات طويلة وهو بهذا العمر المتقدم ليحصل على جسم سليم ونظام غذائي معتدل مما يشعره بوجوده في الحياة ، وأن الحياة لا تنتهي بأنتهاء مرحلة معينة ، وأنما بالسعي الجاد والأستمرار في مشواره دون توقف وأستغلال الوقت لصالحه ، كون الجمال والسعادة يكمنان في نظرة الانسان الأيجابية في كل الأشياء الجميلة ، أما القسم الاخر من المتقاعدين فأنهم يختارو البقاء على مرحلة الشيخوخة ويصممون على انهم مرضى ويصيبهم الكسل والخمول والكآبة ويصرون على البقاء في البيت ليكون هذا المكان هو ملاذهم الآمن ليلا ونهارا ، ويقضون أغلب ساعاتهم بين النوم الطويل وتناول الادوية والمهدءات ، غير قادرين على عمل شيئا قد ينفعهم في حياتهم المقبلة من عمرهم المتبقي .

قد يفقد المتقاعد الآمل في الحياة ويصاب بالكآبة بعد أحالته على التقاعد ، وقد يشعر انه اصبح من الذين لا فائدة لهم وغير فعال وغير مهم في هذا المجتمع ، ولكن الجميع يعرف ان التقاعد هي مرحلة واقعية وحقيقية يمر بها كل موظف أو عامل ‘ فلا بد من أن يأتي يوما ما يترك فيه العمل لأشخاص أخرين من أجل أن تكتمل الحياة دون توقف ، والمثل العربي يقول ( لو دامت لغيرك لما وصلت اليك ) ، والتقاعد مرحلة طبيعية في الحياة وعلى الموظف أدراك هذه الحقيقة وان يستعد لها فأنها آتية لاريب ، وأن التقاعد هو ليس نهاية الحياة بل بداية مرحلة جديدة ومختلفة ويجب ان نستغلها والعيش في هذه المرحلة دون توقف مهما بغلت الاسباب ، وكلنا يعلم ان الانسان كلما تقدم في السن كلما قلت حركته وأحس بصعوبة بالغة في القيام بأعماله الحياتية اليومية المعتادة ولكن الاطباء يؤكدون هنا ان رياضة المشي تكون مهمة لكبار السن وانها تزيد من كفاءة عمل القلب وتحسن الدورة الدموية وتقاوم هذه الرياضة تصلب الشرايين وتحفظ الاوعية الدموية وتزيد من كمية الاوكسجين الواردة الى انسجة الجسم ، وان الاستمرار بالرياضة تعطي رؤية واضحة ومستفيظة لحياة أجمل وفوائد جمة للوصول الى عمر أطول وشيخوخة صحيحة ولياقة بدنية عالية .

هناك العديد من كبار السن يتناولون الادوية المهدئة بأستمرار ويشعرون دائما بالآرق والكآبة والكسل والانعزالية وعدم المشاركة الفعلية في المجتمع ، ولا يشاركون في الانشطة الاجتماعية وربما بعضهم يصاب بأعراض الاكتآب ، ويعانون من مشاكل نفسية جراء الفراغ وعدم التخطيط لمرحلة التقاعد ويلجأون للعزلة الاجتماعية والابتعاد عن الاخرين ، وبدلا من ان يقوم بنشاطات اجتماعية او رحلات سفر وسياحة جميلة يعود الى النوم مما يجعله يكتسب وزنا بشكل كبير مما يجعله يعاني بشكل اسوأ من العديد من الامراض ومنها امراض السكر وارتفاع ضغط الدم وامراض القلب التي يعاني منها كبار السن ، والجميع يعلم ان التقاعد هي مرحلة مهمة ينتقل فيها الناس من ضجيج الحركة والعمل المستمر الى الراحة والهدوء المفاجىء وقد يقلقهم كثيرا هذا الهدوء وحياة الوحدة والانطوائية ، ولكن البعض منهم ينتصر على كل هذه العوامل ويعتبر مرحلة التقاعد بأنها مرحلة جديدة ومثمرة في حياته ، وانه يستطيع أن يستمتع بها مع عائلته واصدقائه وممن حوله من الذين حرمتهم الوظيفة من الاستمتاع معهم ، وفي الوقت نفسه بأنه يدرك ان هناك طاقات باقية لديه يمكن استغلالها والاستفادة منها وتوظيفها لخدمة نفسه والمجتمع من خلال الابتعاد عن العزلة والشيخوخة ، وعدم التفكير بالمرض أو الموت أو الفقر ، ومحاولة بناء كيانه ووجودة الانساني والتخلص من الخوف والاحباط واليأس من خلال الاعتماد على قدراته الذاتية ومواصلة حياتة المشرقة بكل تفاؤل وأمل وأنفتاح .