17 نوفمبر، 2024 1:24 م
Search
Close this search box.

المتعلم والجاهل يتساويان عند اليأس

المتعلم والجاهل يتساويان عند اليأس

داهمت نقابة الاطباء المصريين مع مفرزة شرطة، عام 2005 وكر دجال يدعي قدرة خارقة على معالجة أمراض مستعصية طبيا، فوجدت مراجعين على درجات علمية متقدمة، ينتظرون دورهم في الكشف عليهم، ليذبح حمامة ويمد خرطوما بلاستيكيا، من قرمة عنق الحمامة الذبيحة الى ثقب يحدثه في سرة المريض، قائلا: “سحبت الحمامة المرض منك”.

عزا نقيب الاطباء المصريين، إرتقاء الدجال الى قناعة المتعلمين، الى تساوي المتعلم والجاهل تحت ضغط الألم واليأس! كالغريق يتشبث بقشة…

وهذا ما جعل العراقيين يتداولون على مواقع التواصل نبوءآت العرافين.. منذ نهاية 2020 ومطلع 2021 التي يدور معظمها حول تعافي الارادة الوطنية نهاية العام الحالي، وإستعادة الحكومة لسلطتها على الدولة التي تناهشتها ميليشيات عراقية تنفذ أجندات خارجية، وسط فساد مالي مريع وإنعدام الخدمات وإفتعال أزمات إقتصادية لا وجود لها مثل المشاريع الوهمية ذات الميزانيات المهولة.. شارع خدمي ذو كيلومتر واحد، في حي ثانوي بإحدى القرى، ينفق عليه أكثر من كلفة بناء برج خليفة، ولا ينجز إنما يترك عند المنتصف أو لا يشرع به أساسا، وتصرف ميزانيته وترفق صور أي شارع حقيقي مع ملف المشروع وتوقع عليها لجنة الفحص “أنجز المشروع.. مطابق للمواصفات النصوص عليها في العقد” وكلاهما يضيع طي النسيان.. الملف في أدراج الجهات المعنية والشارع.. ميدانيا على ارض الواقع.

ثلاثة مستشفيات لا وجود لها في بغداد، صرفت عليها عشرات الملايين من الدولارات، وما زالت وزارة الصحة تدفع رواتب أدارة وأطباء ومستلزمات وأجهزة تشترى كل ثلاثة أشهر وبعد عشرة ايام تتعطل وتصلح بأكثر من ثمنها، الذي إشتريت به وهي غير موجودة ولا المستشفى ولا ملاكه موجود!

ومثل هذا كثير في دوائر ووزارات الدولة العراقية.. فساد مكفول بقوة السلاح الذي أبطل سلطة القانون، وفعل شعار: “الحق للسيف والعاجز يدور شهود”.

كل هذه التراكمات وشحة الخدمات والفساد وقلق القتل المشرع لأدنى شبهة، جعل العراقيين يأملون بمنقذ يشق الغيب… يجيء به الدجالون من عباب بلورة الساحر، بعد أن بات الرجاء عسيرا!

الشعب يتمسك بلوح ألقته العرافة اللبنانية ليلى عبد اللطيف، في بحر عاصف: “2021 سيكون عام الحسم والسيطرة، إذ ستستعيد الحكومة العراقية سلطتها، متمكنة من حسم الانفلات، وإعادة هيبة الدستور وإنتشال الدولة من التهميش”.

وتحت هذا الضغط الخرافي من فاقة وقهر ولا قرار، يتلاقف العراقيون نبوءات العرافين بفرح، مبتهجين مثل المتعلمين المتمسكين بشفاء يعدهم به جاهل؛ لأن نبوءة العرافة ليلى عبد اللطيف، لن تتحقق إلا بإنبثاق بطل وطني، يلقي قادة الميليشيات في السجن، ويغلق مقراتها، ويحقق نظرية ميكافيللي في كتاب “الأمير” بشأن المستبد العادل، وما أحوجنا له في ظل فساد أشد سفورا من النزاهة المحتجبة وراء العمائم والسلاح المنفلت والفاسدين الذي يركبون موجات المطالبة بالنزاهة.

أحدث المقالات