قواسم المشتركات بين لبنان وسوريا والعراق وانضمت لها الجمهورية الاسلامية الايرانية اخيراً لا تختلف ولا تسلم وتدخل في سياق عملية دولية تم الاعداد والتخطيط لها تحاك علىها وبنفس المعيار وان اختلفت اساليبها والسبب في الحالات الثلاث هو خلق الفوضى. ومحاولة ايجاد فراغ سياسي وامني ،وخلق الحرب الأهلية فيها ، وقبلها تجربة اليمن عندما انهار نظام علي عبد الله صالح واليوم حرب التخاذل العربي عليها و في فوضى بلدان الربيع العربي في تونس وليبيا والجزائر ومصروهلم جرا ، ودول اخرى وهكذا دواليك في محاولات تغيير الانظمة ومد حبل ” الانقاذ ” كما تقول تلك الجهات وتدعي وهي ابعد من ان تكون ، وهي شريكة في ايجاد وخلق المصائب واستمرار النزيف الموجع لاقتصادياتها . والسعي لقلب موازين القوى بحجج واساليب متنوعة لتستولي على الدول في المنطقة ، متحدية ارادات الشعوب بسلوكيات عدوانية مع الوقت، لانها تريد تضعيف تماسك البلدان بالاساس وكما تحدث مايك بنس نائب الرئيس الامريكي في الانبار مع شيوخها في قاعدة عين الاسد خلال زيارته المفاجئة وفي ظلام الليل لها “بتشكيل اقليم من ثلاث محافظات في المنطقة الغربية في العراق” وهو جزء من التدخل السافر لواشنطن في شؤون العراق والمنطقة من اجل اثارة الشارع الملتهب اساساً “وطمئنهم لاستقطاب قوى إقليمية ودولية لمساندة موقفها ” و التي تعيش على تلال من الخراب وهوامش مؤسسات الدولة التي ليست بالمستوى المطلوب انما تحلم بأن تكون بالمستوى الذي تستحقه والذي يتمناه وخرج من اجله الشعب العراقي الذي يطالب لتحسين أحوالها وهو أمام امتحان صعب ولأن المظاهرات العفوية لن تصلح الأوضاع لوحدها كما يتمنى العراقيون وهناك من يقف بالضد منها ولا يردها سلمية وحضارية ويضع العصي في عجلتها وقد اخترقت من جهات عديدة ، واستغلت من اطراف لا ترغب الاصلاح وبل اصبحت تهدد لاستقرار الدولة ومن عوامل التأخر وتمنح الفرصة للقوى المتربصة للانقضاض على الصالح فيها .
ان هذا الحراك الشبابي بدأ وكله امل تحقيق مطالبه دون قطرة دم واحدة تسفك وهو بريئ من الذي يراق اليوم وكان مما يميزه هو الوضوح في المطالب و في تحديد الحالة التي وصل إليها العراق وبشكل واضح من بؤس وفساد وفوضى ونقد لكافة القوى السياسية المشاركة في الحكومة العراقية وفي العملية السياسية دون استثناء ، بينما الحركات السابقة كانت خجولة في تحديد المسؤولية وهي ردة فعل لما خلفتها من تركمات الحكومات السابقة من فساد وسرقة وجريمة ضد جميع مكونات الشعب الذين نهبوا خيراته وثراوته وصعد البعض على اكتاف الاخرين وكسرت هيبته وكان من حقه ان يعيش في بيوت تحمل ابسط المقومات الحياتية لا بيوت بنائها من الطين او الصفيح او عشوائيات تقع فوق رؤسهم مع اول زخات المطر. إنها ليست إلا احتجاجات شبابية مطالبة بحق الحياة والعيش الرغيد وايجاد فرص للعمل وصيحات جياع و رياح للحرية لارتقاء البلاد نحو مستقبل افضل و طامحة حتى ترى بلدها في أحسن الأحوال ومن حقها أن تراه كحال باقي البلدان والتي لا تملك مثل مواردها.
إن معظم الشباب المشاركون يريدون ان يكون العراق لهم وليس للدول المتاَمرة عليه ، فعلا هنالك رياح الحرية التي تاتي مع رياح الشتاء الباردة و تعصف من جنوبه الذي ظل صاماً طوال السنوات الماضية على هامش فشل الإدارة والتنمية ونقص الخدمات والفساد، وتجاوزت لجهة تعبيرها عن مطالب عامة الناس، في ظل حالة إحباط عام من إمكانية تحقيق إصلاحات حقيقية بعيدًا عن أجندات القوى والأحزاب التي عاملتها النخبة السياسية الحاكمة كتهديد لوجود حكمها ، وقد لوحظ أن تلك الاحتجاجات لا تريق لبعض القوى في العملية السياسية على الساحة العراقية ، أو مشاركتها، بما في ذلك القوى المحسوبة على اليسار.
المشكلة التي خرقت الاحتجاجات العنف والاعتداءات التي خرجت من بعض الاطراف المدسوسة و العامل الأساسي الذي ساعد هؤلاء على النفاذ إلى الساحات وجمع الشباب والشابات الذين يقولون كلمة حق يريد أعداؤهم بها باطلاً، هو غياب القيادة وضياع التوجيه السليم واجبرت الحكومة على التشديد في الرد وبلغت الخسائر والتضحيات في هذا الحراك أضعاف ما بلغته المظاهرات السابقة، حتى نددت المنظمات الدولية “بالأسلوب الوحشي الذي مارسته القوات الأمنية ضد المتظاهرين في استخدام القوة المفرطة والمميتة “ولم تدين او تعطي اهمية لما قامت بها العصابات الشريرة والمندسة من جرائم وقتل الارواح البريئة وسرقة وحرق المؤسسات الحكومية والمدنية والتي تحاول الاساءة للمتظاهرين وركوب الموجة واصل الحراك بريئ منهم ومن تصرفاتهم الغبية .
ويظهر بهذه الاساليب الخبيثة أن الاستراتيجيات القديمة للسيطرة على البلدان من قبل الدول الاستعمارية لم تعد مجدية، ففكرت من أهمية تجديد وتطوير استراتيجية الاختراق النظيف ولم يعد ضرورياً أن ترسل جيوشاً وتدفع تكاليفها الباهظة، ولكن البديل كان العمل على اكتشاف العناصر الرخيصة التي تؤيدها في هذه المجتمعات والمخلصة لها وتم تمويلها والاعتماد عليها لإحداث الفوضى التي تريدها والتي تخدم مصالحها أولاً وأخيراً .
تقف الولايات المتحدة الامريكية في المقدمة لتمارس شريعة الغاب بدل ان تقود العالم نحو الخير من دون خجل أو استحياء معتمداً على البلطجية والمأجورين والعواهر من خلال قوتها الاستخبارية القادرة على شراء الضمائر والتصدّي لمن يعترض لصوصيتها وسرقاتها ويعترض على جرائمه بحق شعب دفع ثمناً باهظاً للقضاء على الإرهاب، و يكتشف أنها تكمل مهمة الإرهابيين من خلال سلب القدرات و نهب الموارد الطبيعية وحرمان الشعب من ثروته التي انعمها الله عليه و بالفتن واستغلال غضب الناس واستثمار نقمتهم على الفساد والتقصير والإهمال ونقص الخدمات لتحقيق أهداف سياسية تعيد هذا البلد إلى الوراء، ومن خلال إشغاله بأزمات لا تهدف أبداً إلى اصلاح الخراب ومحاربة الفساد أو معالجة التقصير أو تحسين الخدمات والوضع المعيشي للشعوب المعنية بل تهدف بدلاً من ذلك إلى ضرب أي عامل قوة فيها تمكّن هذه البلدان من استجماعه رغم الحروب والفتن التي فرضت عليها،ومن اجل ان تخلق حمامات من الدم واستنزاف قدراته وطبعا هذه القوى لا تريد الخير للعراق ولانها تريد ان تسلم العراق تراباً كما قال كبيرهم قبل سقوط نظامه .