22 ديسمبر، 2024 11:52 م

المتبقي من سيادة الدولة

المتبقي من سيادة الدولة

عُدّت التظاهرات والإعتصامات؛ من ظواهر الرقي والتعبير عن الرأي بسلمية، وإيمان الشعب بمصدرية السلطات، ووسيلة ضاغطة على منتهكي سيادة القانون والمستهينين بشعبهم، وثمة طرفان يعملان بتضاد لإخراج المطالب من معناها؛ الى ساحة الفئوية والحزبية وخلاف بوصلة الطموح.الإصلاح مطلب شعبي بمثابة الحفاظ على ما تبقى من سيادة العراق، وعلاج أخير لمرض الفساد المستشري؛ بعملية فوق الكُبرى.ثمة مشكلات بدأت بالظهور والتراكم، وساد النظر بسطحية وتمويه الجماهير عن أصل المشكلة وأسبابها، وتعمقت الحزبية والعائلية وتسلط السراق، وهدرت الأموال وتراجعت الخدمات البلدية والصحية، وتوقف المعامل والزراعة والصناعة، وشاعت المشاريع الوهمية والأتاوات وبيع المناصب، وحديث الشارع عن مزايدات ثمنها الدماء؛ فإذا كان البسطاء يعرفون فكيف لا علم لرئيس الوزراء أنذاك والفساد أحاط مكتبه؟! أن لم يك مأوى لنفايات الأحزاب، وغطاء لسراق كشفت ملفاتهم؟!مغالطة كبرى عند الإعتقاد بأن ما حدث دون منهج وأيادي خارجية وداخلية، وتعمد تدهور الإقتصاد بمحافظات أمنة ومصدر ثروات بشرية ومادية، ومئات المليارات سرقت بذريعة المحاصصة والصراعات الطائفية وعرقلة الأحزاب، وكذب على الفقراء بشعارات الإنتخابات، وقرقوزات إعلام وتضليل وتزيف وفبركة وتسقيط.بدأت مرحلة الإنحراف قبل إنتخابات 2010م، وخطط بعناية لتفكيك التحالف الوطني، وتغيب تلك المؤسسة التي كانت تحكم رئاسة الوزراء، والهدف السلطة والتسلط والإستئثار ونكران تضحيات الجماهير ورمي المطالب في قمامة تفكير العقول السياسية تافهة؛ يتذرعون بحصة الكورد، وينسون أن لا علاقة للإقليم بمنع صلاحيات البصرة والناصرية وكربلاء، ويتحججون بإرهاب في المناطق الغربية، والسماوة والديوانية والنجف بحماية أهلها، وإحتموا بإعلام يعتاش على فتات من كروش الخضراء.إن الضعف الذي أصاب التحالف الوطني؛ مشكلة كُبرى تعمدت دولة القانون لتسطيحها، ولم ينازعها أحد على سلطويتها وتوفيرها غطاء للفاسدين وأفضلية الحزبية على الوطنية، والتركيز على رئاسة الوزراء؛ لأهداف المحافظة على الدولة العميقة التي أسسها المالكي، وأصر على إفشال مشروع مؤسسة التحالف، وإضعافه للسيطرة عليه، ووقائع لا تحصى أيسرها إدخال الشارع من أزمة الى أزمة، وفوضى الشكوك والإعلام المزيف وتعميم الفساد لتضيع سراقهم.تتطلب العملية الكُبرى إزاحة دولة القانون من الحكم، وفوقها التخلص من الدولة العميقة، التي يحكمها مئات الدرجات الخاصة الفاسدة بالوكالة.صار التغيير مطلب مهم لا يحتمل التأخير، ولزاماً على القوى السياسية التخلص من مافيات الفساد المنتظمة، ومن فريقين؛ أحدهما يعرقل الإصلاح لأبقاء دولته العميقة الفاسدة، وآخر يبحث عن إنتهاز فورة الشارع والتسلق مرة آخرى، ولن ينفع المستقل والتكنوقراط؛ في ظل دولة دولة تحكمها عصابات فرضت قوتها على المؤسسات، والبلد يحتاج لشجعان يتحدثون عن الحقيقة بما هي بلا مجاملة، ويعترفون أن دولة القانون هي من أضاع القانون، وفتت التحالف الوطني؛ إذن لا إصلاحات مع بقاء دولة القانون في الهرم، ومن يتحدث غير هذا؛ فأنه يطمح للحصول على مكاسب من بقاءها؛ على حساب إرادة الشعب المتظاهر المعتصم.