كل المساعي مطلوبة من اجل جر العراق من المأزق الذي يغطس فيه الى بر السلام ، عسى ان يستطيع ان يواصل بعد ذلك مسيرته على طريق تحقيق الأمن والسلام والرخاء للشعب العراقي الواحد الموحد ان شاء الله.
ولكن ينبغي ان تكون هذه المساعي وطنية في المضمون وليس في العنوان فقط. فكل المبادرات تطلق على نفسها تسمية المبادرات الوطنية. ولكن وللاسف انتحال البعض منها لهذه التسمية قد يكون ناجما عن قصر الوعي وهذا ما نتمناه. او القصد منه للتعمية وإخفاء الأهداف المريضة التي تخبأ وراء هذه التسمية وهذا ما لا نتمناه.الفشل الواضح في الأداء الحكومي ، والفساد المنفلت عن العقال ، وفقدان الأمن والاستقرار، واتباع سياسة التهميش والاقصاء بحق ناس دون ناس من الشعب العراقي ، والتشريعات غير العادلة والممارسات التعسفية التي تُمارس في الفترة ما بعد الاحتلال ، كلها معروفة للقاصي والداني ، وهي بمجموعها تكون المِحنة العراقية العصية على الحل. ولكن ورغم ذلك ، فلا ينبغي استغلالها من اجل تحقيق مأرب مريضة لهذا او ذاك ، بل ينبغي ان يبقى تداولها محصورا في الإطار الوطني ، كونها تشكل تهديدا وتعسفا لابناء الشعب العراقي دون استثناء ، واينما كانوا في ربوع العراق.كيف تكون مبادرة وطنية بينما ترى ان الحل للمأزق العراقي يكمن في تقسيم العراق. أيا كانت الصورة المقترحة فهي لا تعني غير التقسيم في نهاية المطاف. واُخرى ايضا تطلق على نفسها تسمية المبادرة الوطنية. تشخص المِحنة العراقية بأبعادها تماما وترسم خارطة للنجاة منها ، ولكن ترى ان الحل يأتي من المجتمع الدولي ، يأتي من دوله الإقليمية ودوله العالمية على حد سواء. ما أشبه اليوم بالبارحة.
المبادرة الوطنية التي تحدثنا عنها في المقالة المنشورة على صفحة كتابات الموقرة بتاريخ ٢٠١٦/٦/٢٣ هي فعلا وطنية لانها تخاطب الشعب العراقي دون سواه . انها لا تغفل او تهمل دعم المجتمع الدولي ، بل وتراه ضروريا ، ولكنها تؤمن ان لا احد يدرك عمق المِحنة العراقية اكثر من الشعب العراقي نفسه. وترى انه بعد ان يجد الشعب العراقي نفسه يأتي الدعم الإقليمي والدولي وفق الحاجة والضرورة التي يراها الشعب العراقي ولا احد غيره.
ومن ذلك انها( المبادرة الوطنية) التي تدعو وبكل قوة وحماس الى وحدة الشعب العراقي بكل مكوناته وأطيافه وتدعوه الى التغلب على كل الجراحات التي لحقت به في الماضي والحاضر وتدعوه الى ان يصف لنفسه بنفسه العلاج الشافي للمحنة التي يغطس فيها الان.
وعلى هذا الأساس تطرح المبادرة الوطنية التي نتحدث عنها الفكرة العملية التي تأخذ بها الكثير من الشعوب في أنحاء المعمورة ، التي تأخذ بها ماضيا وحاضرا ، فكرة او تعبير من الماضي ، تعبير من التاريخ ، كي تستطيع ان تخلق فاصلة بين الماضي المؤلم والمر وبين القدر الذي وجدت نفسها فيه ولا مفر من الهروب منه. انها ( المبادرة الوطنية) التي تسعى الى احياء اللحمة الوطنية التي يكاد ان يفقدها الشعب العراقي او المعرضة للخطر في الأقل.
وبذلك تدعو المبادرة الوطنية الى تحقيق العدالة الاجتماعية بين أبناء وبنات المجتمع العراقي. تدعو الى تحقيق المساواة بين المواطنين في الحقوق والواجبات وتدعو الى عدم التمييز بينهم وفق اي معيار كان. وتدعو الى المساواة بين الرجل والمرأة . انها تنظر الى التنوعين الثقافي والعرقي للشعب العراقي كونهما ظاهرة حضارية غير محصورة في الشعب العراقي دون غيره ، بل انها ظاهرة قائمة ايضا وبوضوح في الشعوب الاخرى. فلا شعب ، أينما كان ، يخلوا منها ، فكيف تحقق تلك الشعوب التعايش السلمي بين مكونات شعوبها؟
وعلى وفق ذلك ، تدعو المبادرة الوطنية الى حتمية صيانة الحقوق الثقافية والإثنية لكل مواطنة ومواطن من أفراد الشعب العراقي وتكفل لهم حرية التمتع بممارسة تلك المعتقدات بشفافية.لا شعب استطاع لحد الان ان يتغلب على المشاكل التي احاطت به وحقق انتصار قبل ان يحقق الوحدة الوطنية ، ولا وحدة وطنية سبق ان تحققت من غير المصارحة والتسامح ، ولا شعب انهزم او حتى ضاع من قبل ان تدب الفتنة والشقاق لهذا السبب او ذاك بين ابناءه.