المبادئ والقيم التي يؤمن بها الإنسان تشكل منعطفاً مهماً في بناء هويته التي يُفتخر بها ويجعلها أرثاً لأولاده وللأجيال القادمة , فعندما تُمتحن مبادئه وتتعرض للمحك في ظل ظروف قاهرة وأكثرها فتكاً وقهراً رغيف الخبز فلولاه ما عُبد الله , فهو يقود صاحبه أن فقد من بيته بأن تهتز منظومته القيمية , يرى أطفاله تتعالى أصواتهم وهم جياع , وصوته مكبل ,والقدر على النار ليس فيه سوى الماء , كم سيصبر على جرحه وألمه ؟والفقر أشد غربةً وعزلة , وهو يشاهد أنصاف الرجال وإقزامهم وإمعاتهم متخمين لحد النخاع من اطيب وألذ الأكلات وليس لديهم أي معرفةً بالمبدأ وماذا يعني لهم, جل تفكيرهم السرقة واللصوصية في ضوح النهار دون خوفاً ووجل , صاحب المبدأ يشعر دائماً بالوحدة والغربة مع الذات أذا كان يعيش في وسط الفوضى متجرعاً زعاف الدنيا وغدرها وهي ترمي حبالها لمن لا حسب له ولا نسب , هل هي سنة الحياة بأن يدفع صاحب الحق والمظلومية ضريبة ثوابته التي لا تجزأ ؟ حيث نجد الانتهازيين والنفعين والوصوليين ينعمون في كل زمان ومكان ينعقون مع كل ناعقة , تارةً تجدهم أسلاميين وتارةً علمانيين وأخرى ليبراليين , مع أي تغيير سياسي الغاية يبررون الوسيلة , برغيف الخبز حارب الطغاة والمستبدين أفكار الناس الصادقة المؤمنين بها , وجعلوا منها جنوداً لهم بعد أن بدلوها بأفكارهم ورؤاهم التي تؤمن وجودهم على كرسي السلطة وفق مقولة ( الناس على دين ملوكهم ) بمنهج جديد يضعوه , فالمتصدين للطاغية تم نفيهم خارج أوطانهم , أو هنالك من أتخذ الحياد سلامةً على نفسه وأسرته ليسلم من بطش الارهاب الجسدي والتعذيب , ما يؤلم سيد الأم الإمام علي (ع) أن سخرية الاقدار جاءت بأناس من أراذل القوم رفعتهم لتضعهم في مستوى ندً له طيلة مشوار حياته في بيئة تنكرت لتأريخه وتراثه ومآثره وما قدمه من تضحيات, تألم كثيراً لأن أصدقائه الذين يثق بهم وكانوا عوناً وذخراً له في ملماته ونائباته تركوه ورحلوا للرفيق الأعلى وبقي وحيداً يخاطب قبورهم وهو القائل ) أصعب الفراق … فراق الأحبة ) ,كان الإمام يؤمن رغيف الخبز لجميع مكونات الأمة وبكل عناوينها وانتماءاتها حتى الذين خالفوه وخرجوا لقتاله لم يمنع عنهم قوتهم ,ولم يجعل من الرغيف أسلوباً رخيصاً يضغط به على مناوئيه ,ولم يساومهم على مايعتقدون حتى يحصلوا عليه , بل ترك لهم حق الاعتقاد والاختلاف بما , وهو القائل :{ ووالله لاسلمن ما سلمت امور المسلمين ، ولم يكن فيها جور الا عليّ خاصة ، التماسا لأجر ذلك وفضله }.