الطيران (Aviation) لم يعد حكرا على أحد ، وبأمكان أي هاوٍ بناء طائرة صغيرة ، هي ليست ذلك البعبع كما يتصوره البعض ، وتوجد العديد من الشركات التي تبيع طائرات صغيرة غير مجمعة (Package) ، تستطيع تجميعها (Assembling) في المنزل ، لكن على الهاوي الألمام بالمبادئ العامة للطيران ومعرفة الأجزاء الجوهرية للطائرة ، ومعلومات عن الملاحة (Navigation) ، مع عامل مهم ، وهو روح المغامرة ، فقد كنتُ عضوا في (نادي فرناس الجوي) في بغداد كمصمم لنماذج الطائرات ، والذي أغلق لدواعٍ أمنية (!!) ، ومنذ سنوات ، تمكن أحد زملائنا في (السماوة) من بناء طائرة صغيرة وبمحرك (Astra) خاص بالمولدات ، وقام بصنع المروحة بنفسه ، وتمكن من الطيران بها لفترة قصيرة ، ليتم أعتقاله ومصادرة طائرته لفترة قصيرة ! ، على أي حال تتكون الطائرة من الأجزاء الرئيسية التالية :
1.الجناح : وهو أهم جزء في الطائرة والسؤول الأول عن رفعها في الجو ، وأبسط أشكاله في الطائرات الصغيرة هو الجناح المستطيل المتجانس والذي يشبه المسطرة ، ويكون الطول عادة بمقدار 7 أضعاف العُرض ، وقد يكون من النوع الغشائي المصنوع من القماش المقوّى بالبلاستيك ، لتكوين جناج مثلث الشكل ، تتم تقويته بقضبان من الألمنيوم بما يشبه عظام جناح الخفاش ، وهو ما تنبأ به (ليوناردو دافنشي ) منذ 500 عام ! ، كما في طائرات الهواة الصغيرة التي يسمونها (Micro Flight) ، أو قد يكون على هيئة جناح مستطيل مصنوع كليا من القماش ، ويتعلق الطيار بخيوط مدلاة منه بما يشبه تماما المظلة (Parachute) ، وقد يحمل الطيار على ظهره محركا مزودا بمروحة لأدامة بقاءه في الجو ، وتسمى هذه الطائرة (Para- Glider) .
أن مقطع الجناح العرضي يسمى (المطيار Air Foil) ، ويعتبر اتقان شكله الفيصل بين نجاح الطيران من فشله ، ويشبه الى حد كبير حاجب العين أو الدمعة ، الا انه أكثر استطالة ورشاقة ، وبهذا تكون حافة الجناح الامامية (Leading Edge) ، مقوسة ومستديرة ، والحافة الخلفية (Trailing Edge) حادة ، المسافة بين الحافتين (عرض الجناح) تسمى (وتر الجناح Wing Cord) ، والمسافة بين طرفي الجناح (Wing Tips) تسمى (باع الجناح Wing Span) ، كما تسمى منطقة اتصال الجناح بجسم الطائرة (جذر الجناح Wing root) .
لن تطير الطائرة مهما كانت سرعتها ، طالما كان وتر الجناح موازٍ للأفق ، ولكن عند أمالة وتر الجناح ، أي بجعل زاوية الحافة الأمامية أعلى من الحافة الخلفية بالنسبة للأفق ، والتي تسمى (زاوية الهجوم Angle of Attack) يحدث الرفع ، فتقوم الحافة الأمامية بفلق الهواء الى شعبتين ، الأولى على السطح الأسفل للجناح فتؤدي الى توليد ضغط هوائي عليه تكون محصلته للأعلى ، والثانية تتدفق على السطح الأعلى للجناح فتسبب انخفاض في ضغط الهواء عليه ، وكأن هنالك تأثير (شفط) ، لأن الهواء يقطع مسارا أطول مما للسطح الأسفل ، ثم تلتقي كلا شعبتا الهواء عند الحافة الخلفية للجناح ، فلو ضممت أصابع كفك وأنت تخرجه من سيارة مسرعة ، ستشعر بهذا التأثير .
في الطائرات البسيطة ، والبطيئة الى حد ما يكون الجناح سميكا ، لأعطائه اتزان عند المرور في المطبات الهوائية والدوامات ، ويقل سُمك الجناح كلما زادت سرعتها ، لتقليل مقاومة الهواء المعروفة بأسم (قوة الجر Drag Force) ثم ينحرف طرف الجناح للخلف وجعله بالشكل (˄) ويكون وتر الجناح في طرفه أقل منه عند الجذر ، لتقليل الرفع عند حافة الجناح مما يسبب ضغطا شديدا على منطقة الجذر حسب قانون العتلات ، كون المساحة تتناسب طرديا مع قوة الرفع ، أو يكون على شكل مثلث (دلتا Δ) .ولغرض الأقلاع والهبوط والدوران حول محور الطائرة ، يجب أن يحتوي الجناح على اسطح التحكم (Control Surfaces) ، وتكون على نوعين :
· لوحات الأقلاع /الهبوط (Flaps) ، وهو جزء من حافة الجناح الخلفية ، وتكون متحركة للأسفل فقط ، وهي متمفصلة مع الجناح وفي كلا جانبيه ، وتكون بطول ثلث الجناح تقريبا ابتداءً من الجذر بأتجاه الحافة ، وتمثل الربع الأخير من وتر الجناح ، وظيفتها المساعدة في اقلاع الطائرة بأضافة (تقويس) مقعر لسطح الجناح الأسفل لمقدار يصل الى 30° ، لكنه يزيد من قوة الجر ، وما أن تصل لأرتفاع مطلوب ، حتى تُرفع للأعلى وتتساوى تماما مع سطح الجناح ، كما تفيد في الهبوط لأضافة المزيد من الكبح الهوائي مع زيادة الرفع المترافق مع بطء الطائرة في الهبوط ، لغرض الهبوط السلس .
· الجنيحات (Ailerons) ، وهي أيضا تمثل جزء من حافة الجناح الخلفية ، الا أنها في طرفي الجناح وتمثل الثلث الأخير القريب من طرفه ، كما أنها تتحرك احداها عكس الأخرى في طرفي الجناح ، وضيفتها الحصول على ميل الطائرة حول محورها لغرض الدوران ، فتصور أنك الطيار ، فرفع الجنيح الأيمن للأعلى يرافقه خفض الجنيح الأيسر للأسفل ، سيولد عزم دوران يميل الطائرة الى اليمين حول محورها ، لأن قوة الرفع عند الجناح الأيمن ستقل ، يرافقها زيادة في رفع الجناح الأيسر ، كل ذلك يتم بواسطة عجلة القيادة (Steering Wheel) ، المرتبطة بأسلاك بتلك الأسطح ، ولكن في الطائرات الضخمة ، تُستخدم (جگات هيدروليك) لتقليل الجهد على الطيار .
· كوابح الهواء (Air spoilers) ، وهذه موجودة في الطائرات المدنية الكبيرة ، يتم بمقتضاها ، فتح جزء من الطبقة المعدنية لسطح الجناح العلوي بما يشبه الباب الا انها ذات مفصل طولي موازٍ لحافة الجناح الأمامية ، لرفع مقاومة الهواء عند الهبوط لحظة ملامسة العجلات الأرض ، وبالتالي مساعدتها على سرعة ايقافها بالتزامن مع كوابح العجلات ، وللمقالة بقية وهذا رهن بعدد القراء الكرام .