23 ديسمبر، 2024 5:33 ص

المبادئُ الإنتخابية بين الموت والولادة

المبادئُ الإنتخابية بين الموت والولادة

قبيل كل دورة انتخابية للبرلمان أو لمجالس المحافظات، ترتفع ضوضاء الدعايات للمرشحين، وليس الحديث هنا عن الطرق والكيفيات وأفضلها رواجا واجمل تقبلا، بل مَن الأحق بأن يُنتخب؟ وماهي المقومات التي يجب توفرها بالمرشح للظفر بصوت الناخب؟ وهل لهذه المقومات دور أم ان الفساد الإداري في البلاد غيبَ المبادئ؟

فعلى مرِّ أكثر من عقد مضى وهناك سياق متبع وصل حد (الواجب) على المرشح اتباعه وتكراره، لكنه بحقيقة الحال سنة سيئة يحمل وزرها متعاقبو مقاعد المنطقة الخضراء-مقر الحكومة العراقية-، إذ تبرز النشاطات بمدة لا تزيد عن الشهرين قبل بدء السباق الانتخابي، والأدهى من ذلك أنها السيناريوهات والأفلام بحد ذاتها تعود بكل سباق ربما يتغير مسرح العرض لا غير، فإقامة بطولات كرة القدم، وزيارات المضايف، ووعود لم تترجم على ارض الواقع لأسر المفقودين والمغدورين، كل هذه وأخواتها محلها الإعرابي لا يقبل سوء (النصب).

. إلّا أن الشارع العراقي يبدو اليوم ساع فعلا لوضع لمسة جدية تعكس مدى انتباههوتصديه لمسرحية الشعارات المنمقة، من خلال اعتراضه ومقاطعته الشبابية الواضحة لكثير من المؤتمرات والتجمعات للأحزاب والتحالفات، حتى وصل الحال الى التمزيق والاستهزاء بكثير من صور المرشحين الدعائية، وخاصة في الواجهة الشيعية من المشهد السياسي

. اما المشهد السني فقد اختلف نوعا عن نظيره الشيعي، إذ ان محاولات تغيير فكرة الابتعاد عن الحلبة السياسية بدأت لا تجد قبولا لدى الكثير من أبناء المحافظات السنية، فصار الالتفاف حول مرشحيهم الجدد بمثابة انبعاث الأمل لمستقبل يخرجهم من دائرة التهميش والاضطهاد الذي عانوه لأكثر من عقد مضى، ودليل ذلك الحشود الجماهيرية التي حضرت الحفل المركز لتحالف القرار العراقي في العاصمة بغداد، وهذه الجمهرة لم تكن لوجوه سئمها ابناء السنة على اغلب الحال، بل ذاك لدخول حزمة جديدة تمثلت بمرشحي المشروع العربي في العراق الذي يتزعمه السني خميس الخنجر الذي انسحب مؤخرا بعد أن كان التسلسل رقم واحد على مرشحي بغداد وربما كانت هذه الخطوة واحدة من برنامجه الذي يكرر مرارا فيه فتح مجال للطاقات الشابه.

. من هنا ربما ستضع التحركات السنية أجوبة للأسئلة التي طرحت في مطلع المقال، لتعيد للانتخابات مقومات ومبادئ الاختيار، وذلك من خلال النظر إلى أرشيفات سبقت الدعايات الانتخابية بسنوات طوال، وهذا ربما وجدوه في نشاطات مكاتب المشروع العربي على مختلف الأصعدة، والتي مضى عليها عدة دورات انتخابية، كانت الانطلاقة فيها من خلال البعثات التعليمية عن طريق نواة المشروع الاولى مؤسسة الخنحر للتنمية البشرية، ثم ظهرت ذروة اعمالهم منذ بداية نزوح المحافظات السنية، فكانوا السباقين بالإغاثة في المدن والمخيمات، ليتبعها الدعم الصحي فجاءت فكرة مركز كرامة الطبي في إقليم كوردستان، وغيرها الكثير ليبرز حدثهم الأكبر بشهادات الكثير من الشخصيات والمختصين في الشأن التعليمي مشيدين بالتجربة التعليمية التي اعتبرت الأكبر على مستوى العراق إذ ضمت وخرجت اكثر من خمسين ألف طالب وطالبة وكانوا متفوقين على الكثير من المدارس الأهلية والحكومية، سرد هذه النشاطات التي انجزت على مدى سنوات طويلة هو للتنويه إلى حجم مبالغها التي تعدت مئات الملايين من الدولارات التي كان من إمكان المشروع العربي شراء مقاعد بها دون هذه الصرفيات والجهود التي انتقلت إلى المحافظات بعد عودة نازحيها، هذه المفارقة ربما ولدت ثقة لدى اغلبية المكون السني مفادها: ان دخول مرشحي الحزب ساحة البرلمان هو لأخذ مجال اوسع لرفع الظلم عن محافظاتهم وخدمة أبنائها.

هنا ربما تقترب الإجابة للصواب أكثر، حين نقول يجب أن لا يخدع المواطن بالشعارات الزائفة او الخطابات المنمقة، ويجب استغلال الوجوه الجديدة بأرشيفها الذي يبدو ظاهر نواياها صادقة، لتكتمل خطوة حفل التحالف في بغداد بدخولٍ جديد قد يحدث تغييرا واقعيا في السنوات القريبة المقبلة، بحال وجد السنة الجدد دعما شعبيا من مؤييدهم او حتى إقليميا.
من دول ابصرت الخطر القادم شراره. وحتى في حال لم تنجح محاولة الوجوه الجديدة بقطف ما تتمناه من ثمار، إلا أنها بحد ذاتها بعثت رسالة توعوية وتثقيفية لعدم الانخداع مرة أخرى، وهذه ربما سنة حسنة سنها ابناء السنة للشعب العراقي عموما