23 ديسمبر، 2024 8:53 ص

المانيا تفتح والسعودية تغلق الأبواب أمام نازحي العراق .!

المانيا تفتح والسعودية تغلق الأبواب أمام نازحي العراق .!

هجرتان هاجرها المسلمون من ديارهم في مكة ، أولاهما إلى أرض الحبشة ( أثيوبيا ) حين أمرهم الرسول محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالذهاب إلى هذه الإمبراطورية التي كانت تُسيطر على معظم أواسط أفريقيا وجزء من أرض الجزيرة والحجاز واليمن ( آنذاك) .. وإمبراطورها العادل الذي لايُظلم عنده أحداً كما أخبر الرسول أصحابه بذلك .. النجاشي وهو نصراني يستقبل ثلةً مؤمنةً من صحابة رسول الله وآل بيته يقودهم شبيه الرسول وإبن عمه جعفر بن أبي طالب .. ولم يطل حسم الموقف بين المهاجرين من المسلمين ومطارديهم من قريش يقودهم عمرو بن العاص أحد اثرياء قريش ودهاتها وشبانها المناهضين للرسالة المحمدية وأتباعها .. إذ تبارى الطرفان أمام النجاشي في حوار وصراع عقائدي بينهما إستخدما فيه كل مايملكان من فصاحة وبلاغة وإدراك وذكاء وشواهد .. ورغم الإلتفاف والمحاولات القاتلة لإبن العاص في تغيير دفة الحياد الذي أبداه النجاشي كما يتفق أغلب المؤرخين ، لكنَّه أمرَ بإستقبال قومٍ ليسوا من قومه ولا من دينه ورحب بهم في بلاده الشاسعة آمنين مطمئنين حتى عودتهم إلى ديارهم ثانيةً .. الهجرة الثانية كانت إلى المدينة ( المنورة بعد أن إستقر فيها الرسول ) وتبعد أكثر من ( 400 ) كم عن مكة وهي مفاجئة كبرى للمهاجرين ..  فقد إستقبل الأنصار بدءاً آل بيت الرسول وأصحابه ، ثم ما لبثوا أن إستقبلوه جميعاً في حادثٍ مشهور وجميل يتغنى به المسلمون حتى يومنا هذا .. العرب في المدينة كانوا قد سمعوا بمحمد فقط من القبائل التجارية ومن بعض الأعراب والرحالة وغالبيتهم العظمى لم يُسلِم إلا بعد إستقرار الرسول العربي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة وبناء أول مسجد في الإسلام ونجاح الرسول في مؤاخاة ومصالحة الأوس والخزرج ، العدوان اللدودان طيلة عقود وإنهاء الحرب المدمرة بينهما   أقوام أخرى وديانات أخرى وتواريخ ولغات ولهجات مختلفة تماماً تستقبل أتباع دين جديد .. بالحب والود والترحيب وتقديم كل ما تجود به أنفسهم .. بعد أكثر من ( أربعة عشر ) قرناً ومع إختلاف الأسباب وإتفاق المسبب يُهاجر أهل الرُمادي مفارقين ديارهم .. سيراً وركضاً وزحفاً وقعوداً وعلى كراسي المعوقين والمبيت في الصحراء وظلم ما يسمى بالسيطرات المحشاة بثلة  من المتخلفين المرتشين كي يصلوا إلى أرض  آمنة .. منهم من إستقر قريباً من دياره ومنهم من كان أبعد وأغلبهم إتجه إلى بغداد لسبب  واحد وهو الإبتعاد عما يدور من حرب ضروس في مدينتهم .. وبدلاً من فتح الأيادي والقلوب للتخفيف عنهم بعد مفارقتهم لمدينتهم وتركهم لأموالهم وذكرياتهم وتواريخهم وتفرق الأخ عن أخيه والأب عن إبنه والأم عن أولادها .. تخرجُ علينا يومياً وعلى وسائل الإعلام .. كلاب  نابحةٌ ضالة وأنيابٌ مفترسة تُريد أن تبدأ حرباً جديدةً عليهم .. عملاء وجواسيس معتقون بالخيانة يُسمون أنفسهم سياسيين يطالبون السلطات المختصة بالتأكد والمراقبة والمتابعة لكل نازح .. رؤساء تحرير صحف كانوا رؤساء تحرير فلافل وتائهون في المقاهي والمطاعم قبل ( 2003 ) يَخشون على بغداد والجنوب والشمال من موجة النزوح هذه !! مروجون ومنافقون وزعماء كتل وأحزاب يُحذرون من هذه الموجة !!
 زعماء عصابات ومافيات كانت تختص بسرقة السيارات أصبح لها مكاتب ونواب ومتحدثون ومحاورون لمطاردة النازحين ..
بالله عليكم ألا يخجل الآن العراقي من أن يقول أنا عراقي بسبب هؤلاء ؟!
 كيف لنا أن نحافظ على وطنيتنا إذا كان العراق قد إمتلأ بنوع جديد من المحتلين والعصاة من أبناء بلده .. أين من يُسمي نفسه حاكماً وأين من يُسمون أنفسهم محايدين وضد الطائفية وضد التقسيم وضد الأقلمة ؟
أين ما تبقى من العراقيين الشرفاء بعد هذا البلاء وهؤلاء العصاة الضالين .. نصيحة لوجه الله والعرب قديماً كانوا يشترون النصيحة بجمل .. نصيحة إلى الدولة وحكومتها والعراقيين جميعاً من لم يكن نازحاً أن تستبقوا الأمور وتُحركوا ضمائركم وعقولكم كي لا نقول بعد سنين ( سَبَقَ السيفُ العَذَل ) للفقراء المهاجرين الّذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم يبتغون فضلاً من الله ورضواناً وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون ( الحشر –  8 )