الاحداث و التطورات الدراماتيکية في العراق و التي تجري بوتائر متسارعة و تلقي بظلالها و تأثيراتها بقوة على مختلف الاصعدة بحيث أجبرت الحکومة العراقية و المرجعية الدينية على التصرف و التحرك وفق إملاءاتها، قد تٶسس لمرحلة نوعية في العراق مالم يتم الاجهاز عليها و تحريفها و إفراغها من مضامينها من قبل أطراف ليست لها مصلحة في هذا التحول النوعي في موقف الشارع العراقي وخصوصا في المحافظات الجنوبية.
الطرف الاول الذي يقف ضد هذه التظاهرات العراقية بتأثيراتها و تداعياتها المختلفة هو نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية، حيث يرى بإن هذه المطالب التي يدعو إليها المتظاهرون سوف تکون نتيجتها إقصاء و إنهاء دور الوجوه المعروفة بعمالتها و إرتباطاتها بطهران، ولذلك فإنه ليس من الغريب أبدا أن تتابع طهران هذه التطورات و تسعى جاهدة الى إفراغها من محتوياتها و مضامينها الاصلية تماما کما فعلت مع المساعي التي کانت موجهة لإبعاد نوري المالکي من توليه لولاية ثالثة و محاسبته على تقصيراته حيث تدخلت و قادت الامور بفعل ذلك الى مفترق قاد الى الاوضاع الحالية.
إتهام رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، اللواء حسن فيروز آبادي، لما وصفها بـ”فئات غير مسلمة”، بتحريك المظاهرات الشعبية في العراق، بعد دعوات طالبت بتشكيل حكومة علمانية لا تنحاز للشيعة أو السنة، هو إتهام يثير السخرية و التقزز و يبدو واضحا جدا النوايا الخبيثة و غير السليمة بين أسطره، وکأن الفئات غير المسلمة هي في أفضل حالة و بإمکانها التحرك و فرض خياراتها، حيث إنه وبسبب التدخلات الايرانية و دخول العامل الديني المتطرف في الساحة، فإن هذه الفئات قد تضررت کثيرا و تراجع دورها الى أبعد حد وهي آخر من يمکن أن يکون لها دور في هذه التظاهرات.
طهران التي لها خبرة واسعة في الالتفاف على مطالب الشعوب و تحريفها و تزييفها، تريد أن تستفاد من تجاربها في قمع إنتفاضة الشعب الايراني عام 2009، وکذلك التأثير السلبي الذي ترکته على أحداث الثورة السورية بتدخلاتها المريبة و زجها للتيارات المتطرفة فيها، ولذلك فإنه يجب ليس التحوط وانما أقصى الحذر من المحاولات الايرانية المشبوهة التي ستبذلها عقارب طهران في العراق ولاسيما العقرب السام و عدو شعوب المنطقة قاسم سليماني.
نوري المالکي و تبعات ولايتين فاشلتين مملوئتين بالاخطاء و التجاوزات و الکوارث و المجازر، هو الذي خلف ترکة ثقيلة جدا للحکومة الحالية ومع ذلك ظل يواظب و بأمر و توجيهات من طهران بنشاطاته التخريبية و المشبوهة ضد الحکومة و مصالح
الشعب العراقي العليا، وان المالکي الذي أهدر ليس ثروات الشعب العراقي فقط وانما دماءه و کرامته و مستقبل أجياله، من الضروري جدا أن يحاسب على کل جرائمه و المصائب المختلفة التي أنزلها على رأس الشعب العراقي وبالخصوص عمالته لطهران التي تجاوزت کل الحدود ويجب أن لاينسى المتظاهرون أن طهران کانت وراء کل شئ وانه من دون وضع حد لدورها و نفوذها في العراق فإنه لن يکون هناك أمن و إستقرار و طمأنينة في العراق کله.
[email protected]