المراقب لوضع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي يشعر بالاسى لحالة التخبّط التي يمر بها مما يدفع بالكثيرين للاستفسار عن وضعه العقلي والنفسي! فخلال الشهرين الماضيين وضع المالكي نفسه في مطبات لا يحسد عليها ابتداءاً من اقالة مدير البنك المركزي والذي يبدو انه كان عقبة امامه في احكام قبضته على ثالوث الحكم, المال والسلاح والسلطة, وبذلك فجر المالكي اول ازمة سياسية, اذا ان شخصية الشبيبي التكنوقراطية معروفة لدى القاصي والداني ولم تنسب اليه لحد الان اية تهم بالفساد والاختلاس سوى تهديدات بكشف الفساد في البنك المركزي والذي ينتظره العراقيون منذ ذلك الحين شانها شان الكثير من ملفات الفساد التي تنتظر الكشف عنها, تلا ذلك فضيحة صفقة الاسلحة الروسية التي انقلب فيها السحر على الساحر, وكان المالكي ينوي من وراء الصفقة الضغط على حكومة الاقليم من خلال التلويح بتلك الاسلحة فاذا برائحة فساد الصفقة تزكم الانوف في كل مكان بل وعلى مستوى العالم مما دفع به الى الغاء الصفقة. تبع ذلك التخبط قرار الغاء البطاقة التموينية والتي كشفت بشكل لايقبل الشك عورة هذه الحكومة في ادارة البلاد ومن ان مستشاري المالكي لا يصلحوا ان يكونوا اكثر من مسؤولي حسينيات ممن يتوجب عليهم اتخاذ قرارت فردية سريعة في ادارة المواكب وخدمة مجالس العزاء, فبنفس الطريقة اتخذوا قرار الغاء البطاقة التموينية دون اية مقدمات او تهيئة اعلامية من خلال ندوات ومناقشات ودراسات مستقيضة حول اثار الغائها والاجراءات التي تحد من غلاء الاسعار بعد تنفيذ القرار وعرض البديل الافضل للمواطن وتسويقه وتروجيه اعلاميا وشعبيا بحيث يكوّن موجة من الدعم الجماهيري للقرار. علاوة على هذا وذاك فلم يذكر المالكي ومستشاريه آلية توزيع المبالغ النقدية وكان الاحرى انشاء البنية التحتية لتوزيع البدائل النقدية كان تكون بطاقة ذكية تشبه البطاقة التقاعدية او غيرها. عموما اضطر المالكي ومستشارو الحسينيات الى سحب القرار الذي كلفهم الكثير من شعبيتهم المنحدرة اصلا ولايخفى على احد الاسباب الخفية وراء قرار الغاء البطاقة, فوزير التجارة الحالي هو كردي تمكن من تجفيف منابع الفساد في الوزارة بنسبة 90% اي ان حزب الدعوة لم يعود بمقدوره شفط المليارات من خلال صفقات تجهيز مفردات البطاقة كما حدث مع فلاح السوداني وبذلك فان اي نجاح في وزارة التجارة يعني نجاح للوزير الكردي, وللتغطية على هذه الاخفاقات المتتالية انشأ المالكي قيادة عمليات دجلة للفت الانظار عن حالة التخبط التي يعاني منها وتوجيه الانظار الى اقليم كردستان التي تمثل المرآة التي تعكس له مدى قبح وفساد حكمه وفشله اليومي في تقديم الخدمات للعراقيين في محاولة لتحويل الصراع من صراع شعبي ضد سلطة فاسدة مرتشية الى صراع بين ابناء الشعب الواحد على اسس قومية بعد ان استنفذت ادوات الصراعات الطائفية اغراضها وحصد المالكي ثمارها, ثم جاءت موجة الامطار لتكشفت عورة هذه الحكومة ومدى دمار البنى التحتية للعراق بحيث انهارت شبكة الصرف الصحي خلال ساعات معدودة من الامطار رغم مئات المليارات التي كانت تحت تصرف المالكي ومستشاريه العباقرة.
لم يكتفي المالكي بكل هذه الاخفاقات وبات واضحا حتى لمن لا يفهم في السياسة شيئاً ان الرجل يعيش ازمات حقيقة وتحديات لا يمكن حلها من خلال دفع اموال لاصحاب المواكب ومجالس العزاء الحسينية, فالعراق اكبر من ان يدار كما تدار المناسبات الدينية والحسينيات, فالبلد منهار وعلى حافة السقوط والعراق يُعدّ من الدول الفاشلة عالمياً وعليه لم يبقى امام المالكي سوى التصريح لصحيفة هولاتي الكردية بانه قرر منع السؤولين الكرد من السفر بما فيهم رئيس الاقليم كاك مسعود البارزاني ليرعب منافسيه بالدرجة الاساس قبل ان يرعب حتى اصغر موظف كردي, وهنا لابد لنا من الضحك باعلى اصواتنا الى ان تدمع اعيننا حزننا وكمدا على العراق الذي يحكمه المالكي منذ قرابة سبعة سنوات, اذا ان صدام حسين لم يجرأ على الاعلان عن قرار كهذا وهو كان يعلم انه لا قدرة له على تنفيذه فياتي المالكي الان ليعلنه في محاولة بائسة لاستعراض القوة ربما للتيار الصدري او غيره داخل البيت الشيعي وليجعل من نفسه ومن قراره اضحوكة للعالم باسره والعالم كله يعرف اربيل ويعرف مطار اربيل, وتتعامل الدول مع كردستان العراق بشكل يختلف كليا عن بقية العراق, فليت شعري كيف يريد المالكي منع كاك مسعود من السفر وهو لايجرىء على الخروج من المنطقة الخضراء ولا يستطيع ارسال ولو شرطي واحد الى داخل الاقليم دون موافقة الرئيس مسعود بارزاني كما ان النفط العراقي الذي يمر عبر تركيا لا يمر الا بموافقة كاك مسعود فهل وصل المالكي الى حالة الخرف السياسي الذي يصاب به من اتعبتهم السياسة ام انه تخريف سياسي يصاب به السياسون الفاشلون عندما يصلون الى سن اليأس السياسي؟ افيدونا آجركم الله!