23 ديسمبر، 2024 9:03 م

المالكي يقتل نفسه بنفسه ؟

المالكي يقتل نفسه بنفسه ؟

حدثني صديق أميركي كبير السن ومتراكم الخبرة، عن قرب وقوع حادثة تصفية على الساحة العراقية لاتقل خطورةً من حيث الحجم والوزن والإنعكاسات سلبية كانت أم إيجابية عن مقتل (رفيق الحريري). سألته من تقصد ياصديقي.. ومن هو المستهدف فيها.. قال من بدء يخرج عن طاعتنا.. طلبت توضيحاً.. قال رئيس حكومتكم.. أجبته.. ألم تأتون به من خلف الكواليس، ثم جددتم له ولايته الثانية في رئاسة الحكومة على حساب الفائزين في إنتخابات 2010 والدستور والعملية السياسية برمتها.. ضحك محدثي.. وأجاب قائلاً.. يابُني شاركت كحلقة وصل بين عواصم القرار النافذ.. كنت موفد واشنطن لفك الإرتباط بعد نكسة حزيران 1967 بين الأراضي التي إحتلتها إسرائيل. وصولاً إلى مساهمتي في صياغة مدى الإستفادة من مشاركة أميركا في صياغتها واستضافتها لتوقيع إتفاقية (كامب ديفيد) عام 1973.. سألته.. ما علاقة هذا بحديثنا عن حادثة التصفية.. طلب مني فرصة وأن لا أُقاطعه ثانيةً كي لا تغيب عن ذهنه الأفكار وعملية الربط بين كامب ديفد وتصفية المالكي.. إعتذرت.. وطلبت منه مواصلة حديثه الشيق.. الذي أطرهُ بكلماتٍ مؤثرة ربطتُ بينها وبين ما يجري في العراق وجواره وفي الإقليم وحول العالم من أحداث متسارعة.. أضاف محدثي الأميركي.. أن هناك عدة أسباب وجهاتٍ خارجية تتمتع بأدوات مصرية داخلية ساهمت في تصفية الرئيس المصري الراحل (أنور السادات).. توسلته حتى يشركني حديثه.. أو على أقل تقدير يكشف لي أهم تلك الأطراف والأسباب.. ضَحِكَ ثانيةً.. مجيباً: إعتبر ذلك سبقاً صحفياً ولو أن الحادثة قد مر عليها 3 عقود من الزمن.. مضيفاً: من قتل السادات هي إسرائيل بالتعاون مع أميركا.. والمنفذ كان مصري منحه الرئيس المصري السابق (حسني مبارك) الغطاء.. ذُهِلت للوهلة الأولى.. كون مبارك كان الساعد الأيمن للسادات.. أشار الخبير الأميركي الذي كان مطلعاً على مجريات الحادثة وما ترتب عليها من نتائج صبت في خانة واشنطن وتل أبيب.. مؤكداً بالوقائع صدقية كلامه.. بإشارته إلى أن الطرفان أميركا وإسرائيل كانتا في حيرة من أمرهما لماذا أقدم السادات (الضابط الكُفؤ) على عقد إتفاقية سلام مع إسرائيل.. فوصلا إلى تحليلٍ منطقي واحد.. ألا وهو.. أن السادات (تاجر) لايقبل إلا بربحٍ مضاعف وأقلُ خسارة.. وإنه صانع للسلام ولديه القدرة مستقبلاً (بعد توقيع الإتفاقية) على تعديل فقراتها التي تضمنتها إتفاقية (كامب ديفيد) بما يضر مصالح أميركا وإسرائيل إن خرجت في ذلك الزمان (مصر) من أزمتها الإقتصادية الخانقة.. لذا وجب إستبداله.. بشخص ينفذ الأوامر والقرارات لا شخص على وزن السادات يساهم في صناعتها.. ومن خلال حديثه فهمت بأن مساهمة واشنطن وتل أبيب في تصفية السادات ثم تنصيب مبارك كان بمثابة إستبدال (صانع السلام- إتفاقية كامب ديفيد) أي السادات المعروف عنه بالنقاش قبل التنفيذ واتخاذ القرار بالمشورة، بـ(حارس للسلام والإتفاقية) أي مبارك المعروف عنه بالتنفيذ ثم النقاش والتفرد.. قلت لصديقي المثقل بالهموم.. ماعلاقة هذا بذاك.. وأقصد حديثنا عن مصير المالكي المحتوم والمجهول في نفس الوقت.. فأجاب.. إن توظيف المالكي للدعم الأميركي في خدمة مصالح إيران وحزبه الديني، وفي تكريس الطائفية ونبش الديكتاتورية من القبور.. فوجدنا أنه من الأفضل ولخشيتنا على مصالحنا في العراق والمنطقة، إيجاد  بديل عن المالكي.. عثرنا عليه وهو من الدائرة المحيطة بالمالكي، بل ومن داخل (البيت الشيعي).. إستدركني الحديث بالقول.. هل عقدت واشنطن العزم على تصفية المالكي جسدياً أو سياسياً.. وتمزيق نسيج البيت الشيعي من الداخل.. هز صديقي ومحدثي رأسه بما يوحي تأكيد حديثه.. مضيفاً بأن المالكي وقع مع (بوش الإبن) إتفاقية (صوفا) الأمنية نهاية 2008 والتي إنتهى مفعولها في تصور غالبية العراقيين وساستهم، لكنه لم يعد قيماً عليها.. هنا فهمت من حديثي المطول مع كبير السن والخبرة (صديقي الأميركي) بأن الولايات المتحدة لن تسمح للمالكي أو من هم بوزنه من الساسة العراقيين بتوزيع الولاءات بينها وبين إيران.. وإن إستطلاعات الرأي التي جمعتها واشنطن من حلفاءها وخصومها في العراق عبر سفارتها هناك تؤكد بأن المالكي بتشكيله جهازاً سرياً للقمع الحكومي والقضائي والجنائي بل وحتى الإعلامي.. وتعيينه (ضباط أمن غير كفوئين) مقربين منه ومن طهران، لمراقبة تحركات وحتى أنفاس قادة التشكيلات العسكرية والأمنية.. إنما لخشيته أو يقينه من أن نهايته ستكون قريبة.. إما بانقلاب عسكري أو بتصفية داخل أو خارج العراق.. ليس على طرق التصفية التقليدية.. بل قد تكون أحدث كـ(دس السُم في طعامه أو في ثيابه).. وذلك بسبب خروجه عن الطاعة الأميركية لحساب الطاعة الإيرانية.. ولهذا وجب على أميركا تصفيته سياسياً ومن ثم جسدياً.. المنفذ سيكون من داخل الدائرة المحيطة بالمالكي.. غالبيتهم أقاربه وحاشيته.. موضحاً محدثي بأن غالبية هؤلاء يتمنون تقديم أي خدمة للولايات المتحدة.. التي ستوهم الجميع أي المنفذين أو المنفذ بأنه بديل المالكي.. ولن تفعل.. خدمةً لمصالحها.. لأن البديل جاهز وينتظر إنتقاله من مقر إقامته خارج المنطقة الخضراء إلى داخلها.. ليجلس على كرسي المالكي.. وينهي الإحتراب الطائفي الذي سيحصل على خلفية تصفية المالكي.. حيث ستوجه الإتهامات لأكثر من طرف.. والقاعدة ستتبنى العمل ببيان رسمي لقاء تلقيها المال الخارجي مضافاً إليها صقة تحرير بعض سجنائها من السجون الأميركية حول العالم.. لإثبات قوتها وإعادة ثقة جماهيرها بها.. وستوظف أميركا هذا العمل في خدمة أجنداتها.. بما يؤمن عامل التوازن داخل وخارج العراق.. ما مؤداه بأن القاعدة مازالت فاعلة في العراق والمنطقة ولذا يستوجب عدم تحرير العراق من تحت طائلة الفصل الأُممي السابع.. وعلى بديل المالكي أن يتنبه لخطورة الوضع وكذلك القاعدة.. وأن عليه طاعة أوامر أميركا حصراً.. سألته في ختام حديثنا.. لكن هذا سيشكل عبءاً جديداً على وجودكم العسكري في الخليج العربي وعلى مصالحكم في العراق وخارجه.. في حال تغذيتكم للصراعات الطائفية كردة فعل على مثل هكذا عمل.. بل وستخسرون حليف إستراتيجي.. ضحك.. وكاد أن يسقط من على كرسيه.. فأجاب باختصار: يابُني في لعبة الأُمم التي تستولد الحروب وتنتج التسوية ومنها السلام المباشر والغير مباشر الذي يستحضر أدواته على وزن المالكي وأقرانه.. كل شيء مُباح كما في زماننا هذا.. قلت هل البديل جاهز.. أجاب نعم وخضع لدورة تأهيلية في الولايات المتحدة تُخرِج الثُقاة (حُماة مصالح أميركا) في بلدانهم.. وهذه الدورة مخصصة لتنصيب من يقع عليه إختيار واشنطن للغرض آنف الذكر.. إذ يتخرج منها رؤوساء الجمهوريات والحكومات والبرلمانات.. إنتهى الحديث بيني وبين صديقي الذي أَكِنُ له كل والود والإحترام.. وفي الختام أقول لدُعاة الحرية الجُدُد.. أي حُماة المصالح الأميركية في المنطقة وحول العالم.. مكرراً قول سيدنا عيسى (ع).. بالكيل الذي تكيل بهِ للناس يُكال لكَ به.. ولله في المالكي شؤون.. تحياتي.. وإلى حديث آخر مع صديق حميم.. أحدِ قُراءِ المستقبل..