هل سمعتم قصة الصبي والذئب التي كان معلمو الأبتدائية أيام زمان يرونها للأطفال؟ أنا لا أعتقد أنها تروى الآن للصغار لأنها أصبحت مودة قديمة. تقول القصة ان صبياً كان يرعى الأغنام خارج القرية، وفي يوم من الأيام أراد أختبار صوته فصاح الحقوني يا أهل القرية الذئب الذئب. وعندما لبى احد الفلاحين النداء وجد الصبي ولم يجد الذئب، فسأله عن الذئب، قال الصبي انما أردت ان ارى هل سيسمعني أحد عند وجود الخطر فاقتنع الفلاح وعاد الى القرية ليروي قصة الصبي. وفي اليوم التالي استهوت الصبي اللعبة فصاح الحقوني الحقوني الذئب يهاجمني. وسمع أحد الفلاحين الصوت فسارع الى مكان الصبي فلم يجد الذئب فوبخه وعاد الى القرية ليروي ما فعله الصبي. وفي اليوم الثالث خرج الصبي الى المرعى وفي منتصف النهار صاح الحقوني ياناس الذئب يهاجمني. وكرر النداء مرة أخرى وسمع الفلاحون النداء فأعتقدوا أن الصبي قد استهواه الكذب فلم يلبوا النداء. ولكن عند غروب الشمس لم يعد الصبي فادرك الجميع ان النداء الأخير كان صحيحاُ و ذهبوا فلم يجدوا الصبي بل مجموعة من الذئاب تفتك بالغنم. أنها آفة الكذب تهلك صاحبها.
دأبت الكثير من الحكومات العراقية المتعاقبة ومسئولي الدولة على الكذب وأنكار بعض الأحداث الى أن يأتي الدليل القاطع عندها يسكتوا ويدخلوا في حالة سبات. الحكومة الحالية دائماً في حالة أنكار، لا نرى أمناً ويقولون أن الأمن تحت السيطرة. لا توجد خدمات ويقولون أنهم يصرفون المليارات لتحسين الخدمات. والصحف تكتب عن الفساد والحكومة تقول أن الفساد الأداري والمالي بدأ ينحسر. والحديث يطول لأن من يقود العراق سياسيون فاسدون فاشلون لا يعرفوا سوى كيف يحافظون على مواقعهم ورواتبهم. بل أنهم ينكرون أعمالهم المشينة و ما أن يظهر الدليل حتى يتواروا عن الأنظار لعدة أشهر ثم يخرجوا بعد أن تهدأ العاصفة. لقد فقد المواطن الثقة بالحكومة التي كانت في كل مرة تصرح وتصيح ايها المواطنون الحقونا وساعدونا ضد الأرهاب وتبين انهم هم الذئاب وهم الأرهاب. أيها الراسخون بالكذب إعلموا أن بدلة الكذب التي خيطت في الظلام لا تليق بشعبنا فلا تحاولوا أن تلبسوها لنا وابحثوا لها عن بزار آخر.
من أين نبدأ ومن أين ننتهي فالموضوع يحتاج الى كتب لتغطيته؟ فقد كثر صبية الحكومة الذين يصيحون الحقونا، بل حتى رئيس القرية أصبح يصيح الحقوني ولكن اهل العراق يعرفون أن هؤلاء كذابون. من المضحكات أن دخان التدخل الأيراني بالشأن العراقي قد تحول الى نار يراها ويحسها كل مواطن، بينما الحكومة تدعي أن سياساتها مستقلة. فمنذ اليوم الأول للأحتلال الأميركي للعراق رافقه الأحتلال الأيراني في جميع نواحي الحياة، وهاهم قادة الحرس الثوري من سليماني الى وحيدي الى نجاد والمعممون الأيرانيون يزورون العراق ويرسموا القرارات للأحزاب الذيلية الذين تراهم كل يوم يحجون الى إيران متى ما ضاقت بهم الأحوال، ويدعون انهم أنما يقوون علاقة العراق بجيرانه. ولأجل ذر الرماد عن التدخل الأيراني فأن مسئولي الأحزاب الذيلية وأعلامهم يرمون كرة التدخل على دول الخليج وتركيا فقط، ولكن العراقيين يعرفون من ثبت المالكي على الكرسي لمرة ثانية؟ وهذا الأشيقر الجعفري يصرح بأن ” الناس بدأت تمارس الفساد ولا تستحي “. أي ناس تعني ولماذا لم تقل الحكومة والمسئولين والنواب هم القدوة الفاسدة للشعب؟ ولماذا تتناسى أنك سكنت أحد قصور المنطقة الخضراء منذ توليك رئاسة الوزراء ورفضت تخليته حتى بعد أن أزف عنك الكرسي واشتريت القصور وأنشأت الشركات بعد سنوات اللجوء والآن تريد ان تثور على الفاسدين، وأنت وحزبك من أتى بالفاسدين في اول أنتخابات بالقائمة المغلقة فلصقتم بالكراسي.
محطة أخرى من الكذب بطلها السيد صادق الركابي المستشار السياسي لرئيس الوزراء الذي زار لجنة العلاقات الخارجية بالاتحاد الأوروبي في بروكسل لتلميع صورة سيده ولكنه قوبل بعاصفة من الأسئلة والاستفسارات من قبل نواب البرلمان الأوربي، والتي جسدت مخاوفهم من “تعاظم النفوذ” الإيراني في العراق، ومن التقارير التي تؤكد سعي الحكومة الإيرانية لتشكيل حكومة عراقية ذات أغلبية دينية “موالية لها” تساعدها في مواجهة العقوبات الدولية المفروضة عليها، وتهريب الوقود والدولار الى إيران وغيرها من العلاقات غير القانونية. وما كان من المستشار الا أن أن لجأ الى الكذب وادعي بأن الحكومة العراقية تريد فقط بناء علاقات ايجابية ومثمرة مع ايران وكل دول الجوار وغيرها من دول العالم. والغريب أن أحدهم يصرح أن العراق يمسك العصا من الوسط في علاقاته مع جيرانه ومع كافة الدول وهو يتجه لأن يكون سويسرا الشرق الأوسط بالحيادية! أنها نكتة الموسم، فقد وعدتمونا بأن العراق سيصبح يابان الشرق الأوسط فأصبح مزبلة الشرق الأوسط.
وهذا هو المالكي يكذب علينا ويقول: أن “برنامج الزيارة الى روسيا لا علاقة له بشراء السلاح وانما سيبحث ملفات اقتصادية واستثمارية” إذا لماذا يأخذ المالكي معه وفدا عسكريا هل للراحة والأستجمام؟ ثم يعود بعد أن إنكشفت أجندة الزيارة فيعترف ان مباحثاته العسكرية مع الروس تنحصر في أطار الدفاع الجوي وتجهيزات تتعلق بمكافحة الأرهاب. اليس توقيت الزيارة يثير الريبة وقد ضرب الأرهاب العراق منذ سنوات فلماذا تذكر الآن أن روسيا لديها تجهيزات لمكافحة الأرهاب؟ أم أن الزيارة لها علاقة بالأزمة السورية؟ لقد رأى المالكي كيف وقفت روسيا مع بشار وهو يريد توثيق علاقاته معها لليوم الأسود بتأسيس محور ايراني عراقي روسي بعد سقوط بشار.
وفي حديث آخر عن ورقة الأصلاح يقول المالكي: ” ورقة الاصلاح حظيت بتاييد القوى السياسية على اختلاف مواقفها من الازمة السياسية”. فردت عليه القائمة العراقية بأنهم لم يتسلموا تلك الورقة، بل إن أعضاء من ائتلاف رئيس الحكومة قالوا لا وجود لورقة إصلاح مكتوبة. لماذا لا تعلن الورقة على الشعب حيث من المفترض أنه المستفيد الأول من الأصلاح، هل نصدق الصبي أم الذئاب بعد الآن؟
في كلمته في أحتفالية جمعية الحقوقيين قبل أيام قال المالكي أنه ضد التدخل بالقضاء الذي يجب أن يكون مستقلا. وما هي الا ثوان حتى يفتي فتواه في الجملة التي أعقبتها والتي ستلاحقه ما دام حياً يقول: ليس للمحاميين الحق بأن يتقاضوا عن المتهمين بالأرهاب. لماذا هذه الأستهانة بالقانون العراقي والدستور الذي يدعي أنه يحميه. بالتأكيد فإن عبارته الأولى عن أستقلال القضاء هي كذبة لم يستطع أخفاءها عندما أنكر على المتهمين حق الدفاع وربما يكون قد أصدر تعليمات الى القضاة بعدم قبول ترافع محامو الدفاع عن المتهمين.
كذبة أخرى وهي تفتيش طائرة أيرانية واحدة فقط متوجهة الى سوريا عن طريق مطار بغداد. من يثق بتفتيشكم أيها الراسخون بالكذب، ثم لماذا لا تفتشوا الطائرات الأيرانية كلها أو تلك التي تعبر الى سوريا من مطار النجف وما أدراك ما مطار النجف؟ لقد أصبح هذا المطار بؤرة لكل أنواع التهريب من أموال الى حرس الثوري الى أسلحة فأين لجنة النزاهة والبرلمان عن هذه المطار الذي كبر فأصبح غولاً.
وهكذا يتوالى الكذب، وليس آخره قانون البنى ” التحتانية ” والطائرات المستعملة التي اشتراها المصرف التجاري ووزارة النقل على انها جديدة وهذا غيض من فيض. أيها الراسخون بالكذب إكذبوا فإن حبل الكذب قصير وحتماً سيلتف يوماً على رقابكم.