23 ديسمبر، 2024 9:06 ص

المالكي و البارزاني وجهان لعملة واحدة

المالكي و البارزاني وجهان لعملة واحدة

كما هو المعلوم عن الشخصيتين السياسيتين الاكثر جدلا في تصرفاتهما و افعالهما السياسية؛ البارزاني و المالكي اللذان يمتلكان من التاريخ المثير، انهما خلقا و ترعرعا في واقع و ثقافة عامة مختلفة شيئا ما عن البعض من حيث النشاة الا انهما حقا ضحية الدكتاتورية في تفكيرهما و عقليتهما و نظرتهما الى الاحداث و ما يتبعان  في سياستهما البراغماتية المجردة النابعة من الدوافع المصلحية الحزبية كانت ام الشخصية الضيقة على حد سواء، و ان كانا مؤمنين بالايديولوجيا القومية و المذهبية المختلفة عن البعض نتيجة تربيتهما المختلفة الا انهما يستغلان العقائد التي لا يؤمنان بها من خلال ممارساتهما التكتيكية من اجل الوصول الى غاياتهما العديدة و في مقدمتها تحقيق الاهداف السياسية و الطموح الشخصية لهما مهما ادعا غير ذلك . صراعهما المعلن منذ مدة قريبة جدا و ما يدعيانه على الملأ من الاعذار و الحجج و يفسرانها على انها من اجل الشعب و من صميم المباديء النقية ! التي يؤمنان بها، الا انها ليست الا محض سياسة مجردة من اي مبدا  فقط ، و هو ما يفيدهما جوهريا في توجهاتهما السياسية و يزيد من رصيدهما قليلا و مؤقتاعند هذا المستوى الموجود من الثقافة العامة للشعب في هذه المرحلة . فان كان البارزاني يستغل العاطفة من اجل اثارة الراي العام من الزاوية القومية لتجميل ما افسدته ستراتيجته و تكتيكه السياسي المخزي طوال الصراع الداخلي الدامي ومما اسفر عن حتى تعاونه مع الشيطان و الدكتاتورية البغيضة، وفي المقابل فان المالكي يستغل المرحلة الحالية من التهيج الحاصل و ما يمكنه من الاستفادة من الفوضى و العزف على الشعور القومي لاظهار وطنيته و الحصول على التعاطف القومي لجمع التاييد و الدعم من مختلف الفئات و المذاهب على خلاف ايمانه باعتقاداته المذهبية و ان استغل اشد الوسائل فتكا في محاربة منافسيه و غرمائه و بحجج و اعذار شتى غير منطقية، و ممارسة سياسات معينة لارضاء كافة الاطراف على حد سواء، و هذا ما نجح فيه خارجيا محاولا الاستفادة من تلك التجربة داخليا في المستقبل القريب . لقد تغيرت الظروف السياسية العامة للعراق و ترسخت الارضيات الملائمة من اجل نيل الاصوات و التاييد من مختلف الفئات بحركات تكتيكية معينة تتقبلها الثقافة العامة و مستوى نظرة الفرد العراقي و تركيبته الاجتماعية الى الامور العامة، و هذه هي النقطة الهامة لتثبيت الموقع من اجل الفوز في الانتخابات المقبلة التي هي من اولويات اهتمام المالكي قبل البارزاني، لانه يستغل العاطفة القومية ايضا كضد مما يستعمله البارزاني و ربما يتحالف هو ايضا مع الشيطان  من اجل اعتلاء كرسي رئاسة الوزراء في الدورة المقبلة، و ان كان المتحالفون معه لتحقيق غرضه من صلب التركيبة البعثية و مخلفاتها و الشوفينية التي اوجدتها الدكتاتورية طوال سنوات حكمها و ما تبقى منها الى يومنا هذا . فليس امام البارزاني الا الاثارة ذاتها اي الدعوات القومية القحة التي توفر له مجالا اوسع لجمع التاييد و المطلوب و مسح او تغطية ما ارتكبه من الاخطاء في هذا المضمار جراء تحالفه و تعاونه المستمر مع العديد من المخالفين و حتى اعداء القضية الكوردية الكلاسيكيين سواء داخل العراق او خارجه من الدول المجاورة، و ان كان ضامنا لهذا الجانب من نتيجة هذه الاثارة اكثر من المالكي لاسباب عديدة و منها عدم وجود دولة خاصة بالكورد على العكس مما موجود من الدول المذهبية في المنطقة .
لقد ابتلى اقليم كوردستان بهذه الافعال السياسية و الخطوات التكتيكية النابعة من ضيق افق الرؤى الموجودة لدى هذه القيادات في تحديد مسار الصراع الذي يضع ما لدى الشعب من المصالح العليا جانبا ويرمي ما يهمه بشكل عام في سلة المهملات كما فعلوا خلال العقدين الماضيين، و هكذا العراق اليوم يسير في الاتجاه ذاته منذ سقوط الدكتاتورية، و الظروف السياسية الثقافية الاجتماعية العامة الحالية ارض خصبة لمساعدة السير نحو الجحر ذاته من ممارسة السياسة ذاتها في عموم البلد. قد يبدا التناطح بشكل مباشر في فترات معينة و تبدا الزيارات المكوكية بشكل مبتسر بين بغدا و اربيل لاسباب تهم الطرفين في المرحلة المقبلة، الا ان المتضرر الاوحد من هذا الصراع هو الشعب بشكل خاص .
من اكبر المآسي التي يجب ان يقف الجميع عندها هو ضرب جوهر الديموقراطية الحقيقية جراء هذا الفكر و التطبيق و السياسة المتبعة من قبل كلا الطرفين او المنصبين السياسيين الرئيسين في العراق و اقليم كوردستان، و ما هو المخيف هو ازاحة المخلصين القلة المتبقية لحد اليوم و تحطيم الافكار و التوجهات و الخطوات الصحيحة في مسار الديموقراطية و اشغال الجميع بالتكتيكات السياسيية المعيقة للعملية الديموقراطية الرضيعة بشكل عام .
من جانب اخر، بالافعال و السياسات ذاتها يمكن اضعاف الموقف و الثقل المتواضع الموجود للدولة العراقية بما فيها ما يخص اقليم كوردستان ازاء المتربصين او الجهات الخارجية التي لها المصلحة في تراجع العراق و مكوناته من جميع المجالات . لذا يمكن ان نعتبر كلا الشخصيتين البارزاني و المالكي حجر عثرة امام المسيرة السياسية الصحيحة و الديموقراطية و الحرية المنشودة، و هذا ما يعود بالضرر التام على افراد الشعب العراقي بكافة فئاته . وهذا ايضا ما يضع سدا منيعا امام الانتقال السلس للوضع العراقي و الكوردستاني العام الى المرحلة الجديدة المقبلة، وبالاخص ما يخص حياة الشعب العراقي من الناحية السياسية و الاقتصادية و الثقافية، و الاحتمال الاكثر واردا و متوقعا هو التراجع عن كل الخطوات الصحيحة السابقة التي اتبعت حتى اليوم ايضا . الحل المطلوب لهذه المعضلة الموجود لدى الشعب العراق و الشعب الكوردي معا و اللذان يمكن ان يمنعا هذا الخطر المحدق يمصيرهم و مستقبل اجيالهم، و يمكنهم النجاح في المهمة هذه من خلال تعمقهم في اختيار الاصح للرجل الملائم في صناديق الاقتراع بعيدا عن الاهازيج و العواطف التي تخبط الحابل بالنابل دائما قبل ان يستفحل الامر و لم نجد الفرص لهذا الطريق و النفق ايضا . و بداية نهاية المشكلة تنبثق في انهاء الدور الرئيسي لهذين الشخصيتين البراغماتيتين، البارزاني و المالكي اللذان يجب ان يوقفا عند حدهما في السياسة التي يتبعانها حتى اليوم رحمة بمستقبل الشعب العراقي و الكوردستاني .