يبدو إن المقابر الجماعية أكذوبة، والانتفاضة الشعبانية مجرد أساطير، وجرائم البعث بحق الشيعة فرية، وإقصاءهم طيلة فترة حكمه الدموية تظليل، وقتل المراجع تبدو تهمة بلا دليل، والدماء المقدسة لآل الصدر وآل الحكيم وآل المبرقع وآلاف العوائل لا وجود لها على مسرح الأحداث ولم يغل فيها (هدام) أو أحد أعوانه وزمرته العفنة، وحلبجة والأنفال وقطع صيوان الاذن والوشم على الجبين لم تكن إلا نسج من خيال أعداء النظام السابق..
هكذا يبدو المشهد أو هذا مايريد أن يوصله إلى أذهاننا دولة رئيس الوزراء في دفاعه عن مدحت المحمود ولا يدري أي منزلق انحدر فيه بعد هذه الخطوة التي تندرج في مجمل الخطوات التي تخبط فيها السيد المالكي وعانى منها اشد المدافعين عنه لإيجاد المبررات لها، حيث لم يكتف بالطلب من هيئة المسائلة والعدالة (المستقلة) التريث بإصدار القرار الخاص بالمحمود وإنما أسرع – وبصورة انفعالية – بإقالة رئيس الهيئة الأستاذ فلاح شنشل ثم ألحقها بإجراء آخر زاد الطين بلة فكلف السيد باسم شريف بادراة الهيئة ليصبح لها رئيسان احدهما مكلف من البرلمان والآخر مكلف من رئيس مجلس الوزراء وهذه مهزلة من مهازل حكومة المالكي..
ونسي – من اجل كرسي الحكم – إن هذه الهيئة مستقلة وتعود مرجعيتها إلى مجلس النواب – وتناسى – من اجل من يعتمد عليه في تثبيت كرسيه – تضحيات الشهداء من حزب الدعوة الإسلامية وباقي الحركات الوطنية التي وقفت بوجه البعث – وأغفل متعمداً – من أجل مصالحه الشخصية – مقولة فيلسوف القرن العشرين ( لو كان إصبعي بعثياً لقطعته). وأغمض عينيه – من اجل البقاء على كرسي الحكم – عن آهات الأرامل ونشيج الثكالى من ضحايا البعث المجرم.
وفي الوقت الذي لم نستغرب من تصرفات السيد المالكي حيث عودنا طيلة فترة حكمه على الخوض في بحر الأزمات وإذكاء الخلافات إلا إنني أجد نفسي حائراً بل مصدوماً من سكوت الكثير من كوادر حزب الدعوة خصوصا العقلاء والحكماء منهم على سلوك السيد المالكي وتخبطه الذي بات يسيء إلى تاريخهم وجهادهم ونضالهم، والأغرب من ذلك خلو بيان الحزب حول التفجيرات الأخيرة في بغداد من الإشارة إلى دور حزب البعث أو ضلوع العبثيين فيها وفي ذلك إشارة واضحة إلى حالة التناغم مع توجهات المالكي والانسجام مع خطواته؟ الانكى والأمر ظهور البعض من أبواق السلطة ووعاظ السلاطين لتبرير أفعال المالكي بداعي مقتضيات المرحلة الراهنة والتي هي بالحقيقة ليس إلا الحفاظ على كرسي السلطة وزيادة المكاسب الدنيوية للدكتاتور الجديد.
نحن إذ نربأ بـ (الدعاة ) أن يتنكروا للضحايا من أبناء العراق الصابر المجاهد ويضعوا يدهم بيد البعثيين نحذرهم من خطوات المالكي اللاحقة فان من يتصالح مع البعثيين ويدافع عنهم اليوم يمكن ن يعفوا غدا عن القتلة والإرهابيين، ونذكرهم بان السلطة لاتدوم وان الشعب لايرحم من يستخف بدمائه.