ان ارتباط الكرسي بالنسبة لشخص المالكي تعتبرليس مجرد ارتباط لامشروط باعثا على اللذة بل تعتبرمن الاشياء الاساسية التي لايمكن العيش بدونها بالنسبه له كالماء والهواء والاكل لاي انسان اخر لذلك فهو شخص يشعر بشعور مبالغ فيه بذاته ويتصور انه متفرد وان لديه امكانات وملكات لايملكها سواه وكلما طالت فترة حكمه ترسخ فيه هذا الشعور الى الحد الذي لايرى احد بجواره فهو يوظف كل امكانته وامكانات البلد في سبيل هذا الهدف للبقاء فيه الى مالانهاية لذلك تراه يعجز امام شهوته ويقف عندها اسيرا حتى الاخطاء التي تبدر منه والسياسية الفاشلة التي يجر البلد اليها انه يحولها الى عدوانتيه تجاه الاخرين لذلك تجده يبحث عن مخطا يحمله كل الاخطاء ويرى في مواجهته انها نوع من الدفاع عن السلطة والتي جزء من نسجيه النفسي لذا فهو يراها دفاع عن النفس مبرر ومشروع ,ان تضخم الانا لدى السيد المالكي ادت الى انيهار الرابط الوظيفي بينه وبين الدولة بل حتى الرابط الانساني بينه وبين الشعب فاصبح اسير ذاته وامراضها وتشوهاتها والتي ترى ماغيره ادنى درجات الاهتمام والدولة في اخر الاولويات.
ان المالكي ليس حالة نادرة او شاذة متمثلة في ذلك الهوس المجنون بعشق الكرسي حتى النفس الاخيربل هو نتاج حالة وظاهرة في جميع شخوص الطبقة السياسية بدون استثناء لذلك فان استمراره لولاية ثالثة او الاكتفاء بولايتين لاتمثل شئ ذي اهمية خصوصا اذا نظرنا الى البديل المحتمل اذا بقيت نفس قوانين اللعبة السياسية وهو لايتعدى المنافسين الفاعلين المجلس الاعلى والتيار الصدري واللذان تخلو كوادرهما من شخص خال من العقد وعوامل الفشل يمكن ان له ان ينهض بالبلد فماهي الا استبدال وجوه فقط ووقت اخر مستهلك ومضاع في متاهات الفشل والفساد.
ان من اهم الاسباب التي جعلت من حالة التمسك بالسلطة للمالكي ولغيره هو انعكاس لدورة العنف فهؤلاء الساسة رضعوا القهر من النظام السابق ليعيدوا انتاجه من جديد فالضحية دوما تقلد الجلاد اما السبب الثاني فهو يمثل مشكلة بنوية في ما كان يسمى سابقا بالمعارضة (الاحزاب الماسكة بالسلطة الان)افان اضطهاد النظام السابق والقبضة الحديدية له كانت من اهم الاسباب التي جعلتها تشكو من قلة الكوادر المنضمة اليها فانها كان بابها مفتوح لكل من هب ودب لذلك ترى هذا البؤس في اغلب وجوه الطبقة السياسية التي جاءت من خارج الحدود والسبب الاخر هو تواطء المؤسسة الدينية والتي خرجت من تحت عباتها هذه العملية السياسية برمتها ففتاواها بخصوص الانتخابات الاولى والدستور لازالت حاضرة في ذاكرة الكثرين على الرغم من تبرير النفعية والانتهازين والسائرين تحت سكر القداسة المزيفه وهي اليوم اول الغاضين النظر وموفقها السلبي فهي كانت تفتي للانتخابات بفتاوى وصلت حد اعتبار الانتخاب اوجب من الصلاة والصوم بينما تقف اليوم صامتة كصمت القبور امام انهار الدم المراق والارقام الفلكية للاموال المسروقة وكل ذلك لم يخرجها من نفاقها الديني ولم يحرك قريحتها لاصدار فتوى ولو خجولة بالحد الادنى لتبرر امام المشككين بها انها لازالت تتمتع بنوع من المصداقية والحيادية وماالنقد الخجول لمتعمد المرجعية ماهي الا محاولة ذر الرماد في العيون وتنصل عن المسؤولية ولي حقائق الواقع البائس والتي كانت من اهم المؤسسين له.
السبب الاهم وهو الشعب فان سنوات طويلة من الفشل الاقتصادي والسياسي والاجتماعي للدولة انتجت شعبا يعاني من اضطراب تجربته الوجودية فهو اسير تضخم الام الماضي وياس من الحلول لمشاكل الحاضر وانسداد افق المستقبل,فبرزت حالة من الإعجاب بالمتسلط، وتضخيم تقديره للمستبد؛ فيعطيه حقًا شبه إلهي في السيادة والتمتع بكل الامتيازات، وبالتالي تنشأ علاقة رضوخ من خلال الاعتراف بحق المتسلط بفرض سيادته، ونشات في هذه المرحلة مجموعة من العقد التي تميز حياة الإنسان المقهور أهمها: عقدة النقص، وفقدان الثقة بنفسه وبأمثاله، والتي تجعله يحجم عن كل جديد، ويتجنب كل تجربة قد تساهم قي تغيير وضعه؛ لذلك هو لا يحرك ساكنًا، وإنما ينتظر ذلك البطل المخلّص الذي سينتشله مما هو فيه! وهذا ما يمهد الطريق للتعلق بالزعيم الفرد، تعلقًا يغري بالتسلط والدكتاتورية، إن هذه الأفكار تجعل عملية التحديث تجابه بمقاومة شديدة تحبط البرنامج التنموي, ومما زاد في ذلك هو جيش المتزلفين والمنتفعين والمتملقين والتي مارست الكثير من التضليل والخداع لتبرير الفشل والخطا.
لذلك فان تغيير المالكي او بقاءه لايغير من معاناة وبؤس والم هذا الشعب مالم تغير اسس العملية السياسية برمتها والتي اصبحت حاضنة للفشل والفساد والاستبداد.
[email protected]