26 نوفمبر، 2024 8:30 م
Search
Close this search box.

المالكي والحكيم … والمعركة الخفية !!

المالكي والحكيم … والمعركة الخفية !!

من المعروف أن السيد عمار الحكيم متهم بأكثر من قضية , منها ما يتعلق بقضايا أخلاقية ومنها ما يتعلق بالعمالة والتجسس , ففي وثيقة نشرها الباحث عادل رؤوف كشف فيها ان عمار الحكيم يحمل الجنسية الإيرانية وانه قاتل مع القوات الإيرانية ضد الجيش العراقي , وكان له حضور في النشاطات العسكرية والتبليغية داخل أيران فضلاً عن جرائم القتل التي تمتد لتاريخ طويل وتتمثل في تصفيته لعدد كبير من الأسرى العراقيين الذين رفضوا الإنخراط في صفوف التوابين وفيلق بدر الذي قام بعمليات اجرامية بحق العراقيين وخدمة اسياده من العجم , هؤلاء من يتلبسون بالدين ويتبجحون بجلبابه ولكنهم لا يتورعون الانحناء امام ادنى رغبة جنسية عابرة أو التنازل عن قيم الشرف والرجولة مقابلها .. فكيف لهؤلاء أن لا يتنازلون عن العراق وشعب العراق بالمجان؟؟ …وقد تعلموا على يد العجم الإجرام والخيانة فمن يخون اهله ووطنه لا يستبعد ان يخون نفسه وأهله فقد اصدرت المحكمة الجنائية العليا في العراق مذكرة قبض بحق رئيس المجلس الاسلامي الاعلى عمار الحكيم بعد اثبات التحقيق الذي اجرته لجنة من قبل المحكمة ضلوعه في حادثة مقتل عمه محمد باقر الحكيم عام 2003. وقد ابلغت المحكمة رئيس الحكومة نوري المالكي بقرارها وطالبته بالايعاز الى الاجهزة الامنية بالقاء القبض عليه من اجل محاكمته عن هذه التهمة , وكانت لجنة قد شكلتها المحكمة الجنائية العليا للتحقيق في قضية مقتل محمد باقر الحكيم قد عثرت على ادلة قاطعة بتورط عمار الحكيم ووالده عبد العزيز الحكيم في الحادثة من اجل ازاحته من دست السؤولية وخلوا الجو لهما بعد اعترافات شخص مقرب منهما يعمل سائقا ويحمل الجنسية الايرانية .

وعلى الرغم من أن القضاء العراقي مسيس ويعمل في اطار الكيل بمكيالين , وان امر التوقيف يتكرر حتى بتهم لم تثبت صحتها أو التي تعتمد على روايات ينقصها الدليل والتهجم على الخصوم قبل التحري عن الاتهامات … إلا أن المجلس الأعلى هو الآخر له نفوذ في القضاء ولكن السؤال الذي يتبادر الى الذهن هو من يقف وراء اثارة هذه الاتهامات ؟ وهي في كل الاحوال اتهامات معتبرة خصوصا مقتل عمه …لان هناك مؤشرات حقيقية داخل المجلس الاسلامي الأعلى باتهامه ؟؟.

ولكن يبدو أن حكومة نوري المالكي المسماة بدولة القانون بدأت تضيق ذرعا بكل صوت معارض أو منافس لها في الوثوب الى الصدارة وتهديد مركز الحكم أو الطموح في تولي رئاسة الوزراء .. فقد نقلت صحيفة الواشنطن بوست الأمريكية عن السيد الحكيم دعوته إلى ” أحترام التوازن بين القوانين المدنية والسلطات الدينية ” وهو ما فسرته الصحيفة بأنه دعوة الى دولة ديمقراطية علمانية , كما أنه أبدى الرغبة ” في الأنفتاح على المحيط العربي والأقليمي ” مناقضاً سياسة حكومة المالكي وحزب الدعوة التي أفسدت علاقات العراق بالدول العربية , بتكرار الأتهامات لها بدعم ( الأرهاب ) ونكوصه عن تعهدات قدمها للعرب لأصلاح الأوضاع السياسية و أنجاز المصالحة الوطنية , ودعوته ألى أعادة البعثيين ممن لم يشتركوا بجرائم ضد الشعب العراقي الى مزاولة حياتهم الطبيعية وممارسة أدوارهم وحقوقهم كاملة في العراق , والتي اثارت انتقادات شديدة من جهات مقربة من حزب الدعوة و من المالكي نفسه , وكذلك التصريحات المتكررة للمجلس الأعلى بمعارضة ترشح المالكي لولاية ثالثة ومن المتوقع ان تؤدي هذه المواقف إلى صدام بين المالكي والحكيم وإلى مشاكل مستقبلية هي أعنف من تلك التي دفعت مرشح المجلس الإسلامي الأعلى لمنصب نائب رئيس الجمهورية عادل عبد المهدي الى الاستقالة من منصبه مؤخراً , فيما تفسر توجهات عمار الحكيم تفسيرات شتى لعل أكثرها وجاهة , ان الحكيم نزل عند خطورة المتغيرات والتحديات الي تواجه الشيعة داخل العراق وخارجه , وإنه يسعى للظهور بمظهر السياسي الواسع الأفق , الذي يقبل الخلاف ويخدم المخالفين , وان هذا الموقف مرتبط كثيراً بتداعيات وتطورات الملف السوري على الارض .

 من هنا انطلقت معركة المالكي مع الحكيم الذي يحظى بدعم ايراني يفوق الدعم المقدم للمالكي , وهذه المعركة لها أوجه متعددة منها تقليص نفوذ المجلس الأعلى في الجيش وفي المواقع المهمة , واقصاء امين العاصمة السيد صابر العيساوي عن منصبه وسط مؤشرات مؤكدة على ان المالكي متورط في ادارة هذا الصراع , فهو لا يخفي كراهيته للحكيم او لعادل عبد المهدي ولعل حادثة السطو المدبرة على مصرف الزوية شاهد على ضراوة المعركة , ومن غير المستبعد ان يكون ما تم نشره في صحيفة عكاظ من تورط عمار الحكيم بادخال اسلحة وذخائر ومعدات للتفجير في صهريج إلى المملكة السعودية في طريقها الى مدينة القطيف , ان تكون من فبركة المالكي اذ لا احد يستطيع ان يعبر شاحنة مملوءة بالمتفجرات من العراق الا هو (المالكي), والذي يتهم من قبل معارضيه بالوقوف وراء التفجيرات في العراق بهدف خلق اجواء مناسبة لاقصاء منافسيه وخلق مبررات للبطش والدكتاتورية , وتمرير صفقات الفساد الكبيرة , لاسيما ان المالكي يمسك بالملف الأمني ويمنح تراخيص حمل ونقل الأسلحة , وتأتي جميع هذه الاتهامات في وقت يرتبط فيه المالكي مع السعودية باتفاقية لمحاربة الارهاب والمخدرات . وفي المقابل تأتي هذه العملية أيضاً في اطار تسقيط السيد عمار الحكيم على الصعيدين الداخلي والعربي .

في ظل هذه الأجواء المحمومة بالتسقيط  أصدرت المحكمة الجنائية العليا مذكرة القبض على السيد عمار الحكيم وبالتاكيد فإن المالكي هو من سرب معلومة اصدار امر القبض بحق الحكيم لاحراجه وتسقيطه داخلياً أو ابتزازه , وعلى الرغم من أن حكومة المالكي اعلنت انها ترفض تنفيذ مذكرة القبض بحق عمار الحكيم , لكنها في المقابل شكلت اساءة كبيرة للسيد عمار الحكيم  , لاسيما انها اعتمدت على التهجم والإساءة للحكيم فضلاً عن المنة التي تحملها والتي تتمثل بعفو المالكي عنه .

ان السجال بين المالكي والحكيم لم يكن وليد القرار الاتهامي فقد سبق للمجلس الإسلامي الأعلى ان هاجم حزب الدعوة على لسان عزيز العكيلي الذي اشار إلى محاولات المالكي الانفراد بالسلطة ، متهما حكومة المالكي بـ”التخبط الأدائي والسياسي”، ووصفها بأنها “حكومة فاشلة بكل المقاييس”. وإن المالكي “وعلى مدى سبع سنوات من حكمه في رئاسة الوزراء فإنه حاول “حصر القرارات في يده بما يتناسب وطموحاته في الاستحواذ الانفرادي للسلطة، وحتى القانون حاول تسخيره لنفسه وحزبه”…. ثم عاد وكرر اتهام المالكي بالاتجاه نحو فرض النظام الرئاسي “ليعود بالعراق القهقرى إلى عهد ‘حكومة- الريس'”. في إشارة الى النظام السابق , وهذا السجال سينتهي بالتأكيد بحرمان المالكي من الولاية الثالثة التي يطمح لها , ويسعى الحكيم لبناء تحالف شيعي تتفق اطرافه على ان الحكومة تبقى بيد الشيعة ولكن ليس بيد المالكي , وقد خطا بخطوات واثقة في هذا المجال على مختلف الاصعدة ومنها التحرك في الساحة السنية التي نجح المالكي في تشويه صورة الحكيم فيها , وكذلك الساحة العربية التي تتكرر عمليات التدخل فيها من قبل المالكي وتوجه فيها اصابع الاتهام للمجلس الاعلى .

أحدث المقالات