انتهت عاصفة الانتخابات العراقية لمجلس النواب بدورته الجديدة ،وسط أوضاع سياسية وأمنية منهارة،متصارعة متفجرة ،وحرب عسكرية حقيقية في أكثر من محافظة عراقية، يقودها جيش المالكي بحجة الحرب على داعش ،كما هو الحال في الانبار والفلوجة ،وللعودة إلى مسرحية الانتخابات الهزلية وقضية تشكيل حكومة الأغلبية التي يسعى ويصر على إكمالها المالكي بشتى الطرق، سواء أكانت ترغيبية ام ترهيبية ،مع جملة إغراءات في المناصب والاستثمارات والمال أو بإخراج الملفات، وتقديمها إلى قضاء مدحت المحمود (الذي يتواجد الآن في طهران لاستلام التعليمات )،فهل فاز المالكي حقا ب(95مقعدا في البرلمان)، وهل يستطيع تشكيل حكومته الأغلبية ،وما موقف شركائه في التحالف (الوطني-الشيعي) ،من تولي المالكي الوزارة الثالثة بضغوط إيرانية ، هنا سنسلط الضوء على عراق ما بعد الانتخابات ،مع ابرز نتائج هذه الانتخابات المهزلة على الصعيدين السياسي والعسكري للعراق،ابتداء المالكي وحزبه وقياداته، منيت بهزيمة كبيرة في هذه الانتخابات ،فقد هزم ابرز قادته صقوره في الحزب و،منهم حسن السنيد ووليد الحلي((الذي هاجم المالكي بشدة محملا إياه خسارة وهزيمة حزب الدعوة ونهايته في العراق-)) وكمال ألساعدي وسامي العسكري وعزت الشاهبندر ومحمود الحسن وخالد العطية وغيرهم ،في حين صعد (أصهاره ) وأبناء عمه إلى البرلمان ،ماذا يعني هذا أليست هذه خسارة وهزيمة وحقيقة أن شعبنا في الجنوب يرفض المالكي وحزبه لفشلهم في تقديم الخدمات لهم وإنهم مسئولون عن ما يجري في العراق من سفك الدماء وإطلاق يد الميليشيات لقتل أبناء العراق ،وثم عاقب أهلنا الجنوبيون المالكي وحزبه بسبب حجم الفساد والنهب بأموال العراق ،فأسقطوهم في الانتخابات ،أما المالكي شخصيا ففاز بأصوات التزوير الواسع جدا والذي عرضته كتلة المواطن بالوثائق والتسجيلات والشهود وغيرها أمام الرأي العام في الفضائيات ،إضافة إلى اتهامات واعتراضات كتل الوطنية ومتحدون والتحالف الكردستاني للمالكي بتزوير الانتخابات عن طريق الجيش والشرطة وهيمنته على المفوضية اللامستقلة وقيامها بالتزوير المباشر العلني لصالح المالكي ،هكذا فاز المالكي وحصل على 95 مقعد في البرلمان ولكن ؟ كيف سيشكل حكومة الأغلبية هل بأوامر إيرانية أم أمريكية ،يتم تبليغها إلى مقتدى الصدر وعمار الحكيم ،أمس صرح قاسم سليماني القائد السابق للحرس الثوري الإيراني وأطلق تهديدا مباشرا إلى كل من عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى ومقتدى الصدر وحذرهما من الوقوف أمام نوري المالكي في تشكيل حكومة الأغلبية وإنهم سيواجهون مصيرا وصفه(مجهولا)،كما واجهه غيرهم ،إذن صدور (فرمان إيراني ) مؤشر على أن النفوذ الإيراني لا يستطيع الوقوف أمامه لأعمار الحكيم ولا مقتدى الصدر وهذا حذرنا منه سابقا ،ومع هذا يمكن للتحالفات الأخرى ان تشكل حكومة شراكة (وطنية ) من التحالف الكردستاني الذي يقوده مسعود برازاني ويصر على عدم تولي المالكي ولاية ثالثة وشكل مع اياد علاوي وعادل عبد المهدي اتحادا لمنع المالكي من تحقيق حلمه في الولاية الثالثة ،وهكذا كتلة متحدون والعربية وأطراف كبيرة من تيار الأحرار وكتل صغيرة أخرى في المحافظات ممن يعارض ولاية المالكي ،(باعتقادي إن كتلة المواطن ستشق عصا الطاعة الإيرانية بدليل توقيع عادل عبد المهدي على إقامة اتحاد ضد المالكي مع برازاني –علاوي )وحتى جماعة مقتدى الصدر أيضا هم مصرون بنفس الاتجاه (تصريحات حاكم الزاملي وغيره وإصرار الصدر نفسه وبدعمه) ،هنا يبرز موقف إدارة اوباما التي تريد (حكومة شراكة وطنية ) تشمل كل مكونات الشعب العراق للقضاء على الإرهاب حسب زعم الناطق الرسمي باسم البيت الأبيض،أي هي مع توجه الكتل الكبرى وممكن أن تضحي بالمالكي إذا أصرت الكتل الكبرى وضمنت أمريكا مرشحا معتدلا يحقق مصالحها ويحافظ على (انجازاتها في العراق بعد الغزو) ،كل المؤشرات الآنية تؤكد أن هناك (إصرار حقيقي) من قبل جميع الكتل من الحلفاء والخصوم للمالكي برفض المالكي شخصيا بتوليه رئاسة الوزارة مهما تكون النتائج وهذا أصبح عهدا قطعوه على ناخبيهم وجمهورهم وأحزابهم والرأي العراقي ،بمعنى إذا أعيد انتخاب المالكي بصفقة إيرانية –أمريكية ،فان على الأحزاب والكتل والشخصيات الرافضة أن تجلس في بيوتها أفضل من أن تواجه المواطن لأنه سيسمعها كلاما جارحا جدا وسيسقطون في الشارع العراقي الذي انتخبهم ،هذا من جهة ومن جهة ثانية إذا استطاعت الكتل أن تستبعد المالكي وتشكل حكومة لها من شخصية من التحالف الوطني الشيعي ،فان الحكومة القادمة ستخسر الدعم الامريكي(نوعا ما )( والإيراني الذي يصر على شخص المالكي لأجندته ومصالحه ونفوذه في العراق)، لذلك نرى نحن أن نتائج الانتخابات في كل الأحوال ليست بصالح العراق أبدا سواء كان المالكي أم غيره ،والسبب دائما ،المحاصصة الطائفية والنفوذ الإيراني والدستور المسخ، وقرارات بريمر والتهميش والإقصاء والميليشيات الإيراني تعيث قتلا بحياة العراقيين بطائفية وتهجير وحرب مزعوم على داعش ،لان ما بني على أساس باطل هو الباطل بعينه ولذلك لا أمل من أية انتخابات ولا أمل بأية حكومات ،طالما يتحكم بالقرار نفوذ إيراني وأمريكي ،وهو جزء من نفوذ عام تشهده المنطقة كلها ،وما تداعيات الأحداث السورية إلا جزء من الصراع الواضح على النفوذ وتوزيع الأدوار ، وأزمة العراق حلها ليس بيد أمريكا ولا بيد إيران ، ولكنها تعتمد على إرادة شعب العراق كله في وضع حد لما حل، ويحل بالعراق وأهله من خراب وتهجير وقتل وحرب طائفية أهلية بين الحكومات وبين الشعب ،هذه الرؤية ليست صورة ضبابية أبدا ،أنها تجسيد لواقع معاش ضحيته شعب العراق ومستقبل العراق ،وليست مخيال كاتب مفلس ،إن العراق يمر بمرحلة تاريخية خطيرة وعلى أبنائه (شاءوا أم أبوا )،إن يتوحدوا لمواجهة خطر التقسيم والحرب الطائفية الذي أصبح يطرق أبوابنا على شكل فدراليات وأقاليم ودكاكين حقيرة لأمراء الحرب والطوائف، ولهذا نقول لمن يعول على الانتخابات وحكومة الانتخابات انك تعيش مرحلة وردية وبنفسجية وعليك إعادة النظر بمن حولك ستجده ينتظر الفرصة لينقض عليك ، والآن نسأل هل فاز المالكي في الانتخابات ،والجواب المؤكد ،إن المالكي وحزبه وقياداته هزمت في الانتخابات هزمها شعب العراق لأنها نتاج احتلالي لا يستند إلى شرعية وطنية تؤهله قيادة بلد وشعب مثل العراق ،ان من فاز في هذه الانتخابات هو شعب العراق الأبي الجريح ……