ما أثير في سوائل الاعلام مؤخراً أتفاق نفطي بين حكومة المالكي وبين إقليم كردستان في 27/ 3 / 2014 والذي يقضي بموجبه تسليم 100 الف برميل من نفط الى الاقليم الى حكومة المركز مقابل تسليم مبلغ مليار دولار بشكل قطعي مع صرف حصة الاقليم البالغة 17% من الموازنة ، حيث كان مسنداً بالوثائق ونافذاً ويتم العمل به فوراً لقاء الوقوف ومساندة الولاية الثالثة للمالكي .
هذا الاتفاق يكشف أموراً غاية في الاهمية ، خصوصاً انه مذيلاً بالوثائق وبموافقة وزارة النفط الاتحادية في حكومة المالكي ، كما حددت هذه الوثائق الكميات وكيفية نقلها عبر الانابيب .
فريق المالكي من جانبه رد على تسريب هذه الوثائق والتي تدين المالكي وتتهمه بتسليم الاكراد مليار دولار مقابل بقاءه في الوزارة ، وهذا الرد بحد ذاته مستند ادانة لا تبرئة لهذا الانبطاح الذي أضاع البلاد ومصالحه من اجل غايات ومصالح ضيقة يتعكز عليها الاكراد لكسب أكبر عدد من الغنائم في حرب الوجود في العراق الجديد .
الاكراد من جانبهم يتمتعون بوضعاً يسمح لهم باللعب بهذه الاوراق ، لأنهم يمتلكون الارض والثروة والقرار ، ويعلمون جيداً ان المالكي في وضع صعب جداً خصوصاً مع الخلاف المتأزم من السنة في المنطقة الغربية وما تلاها من ساحات الاعتصام واعتقال رموز السنة وقادتهم ، لهذا فان الدعم الكردي آنذاك كان مرهون بمدى ما يقدمه الانبطاحي ” المالكي ” من دعم يتجاوز فيه كل القيود الدستورية والقانونية ومصلحة البلاد العليا ومصالح الشعب العراقي الذي ذاق الويلات والجوع في حكم ديكتاتوري ، وتدمير الشعب العراقي في الجنوب دون أي نظر للأغلبية على حساب الاكراد الذين لا تنتهي مصالحهم ومطامعهم .
ربما الاكراد سيكونون صنّاع الحكام في العراق ، في أي انتخابات قادمة ، وهذا ما يجعل أي حكومة تتشكل خاضعة للمعادلة الكردية وتقديم التنازلات مادامت الاغلبية سيحتاجون الكرد في تشكيل أي حكومة جديدة .
ما يحتاجه الاكراد هي اموال بغداد فقط من اجل تثبيت حكمهم وأركان دولتهم المستقبلية ، وتحقيق احلامهم وآمالهم في الاستقلال ، وبناء جيشاً قادراً على مواجهة التحديات سواءً على المستوى الداخلي او الخارجي ، وتعويض العوائل التي تضررت من حكم نظام البعث ، ودفع مستحقات الشركات العالمية التي عقدت معها اتفاقات نفطية ، والتي لها ديون على كردستان بملايين الدولارات لقاء عملها في العراق ، وهذا ما يجعلنا نقف عند الاختلاف في التفكير بمن يستثمر الظروف ، من اجل بناء دولته الكردية وبين من يبيع مصالح بلده وشعبه من اجل بقاءه ملكه .
المالكي الذي يملك الاغلبية السياسية في دولة القانون ، وفي التحالف الشيعي ذات الاغلبية الديمقراطية في العراق يحاول كسب تأييد البارزاني في ولايته الثالثة ، من خلال الموافقة على كافة شروطه ، في الجانب المقابل نرى ان السيد البارزاني يرفض ذلك ويبلغه “أنك لا امان لك ” ، خصوصاً بعد تجربة عام 2010 والتي وافق فيها المالكي على المادة 140 وتشريع قانون النفط والغاز ، والذي ما لم يطبقه بعد حصوله على الولاية الثانية .
كما ان الوضع الكردي والذي بدى مريحاً خصوصاً مع تمتعه طوال فترة حكم المالكي والذي أنتهى بعقد الاتفاقيات الجادة والتي تحمى فيها مصالح عموم الشعب العراقي من جنوبه الى شماله ، جاء ذلك بعد تنحية المالكي لتعلن قوى التحالف الشيعي الانقلاب الابيض على جميع الاتفاقات السرية والتي عقدت هنا وهناك ، وتكليف شخصية تكون ملتزمة بحرمة المساس بمصالح الشعب العراقي وحقوق الاغلبية التي لم ترى من المالكي سوى الآمال .
يبقى على نواب المحافظات الوسطى والجنوبية من أستثمار هذه الملفات لتكون عامل ضغطاً دائمي من اجل تصويب العمل السياسي القائم على حماية مصالح هذا الشعب ، وتصحيح المسارات الخاطئة في العملية السياسية عموماً ، وبين حكومة الاقليم والمركز وتكون هي نقطة الانطلاق لاخذ كل ذي حق حقه .