هناك مثل انكليزي يقول
When you are a hammer everything looks like a nail
منذ ان تولى المالكي رئاسة الوزراء لم ير الا الحل الامني لاي مشكلة واجهتها الحكومة المركزية في العراق سواءا كانت هذه المشكلة اقتصادية او سياسية او دينية او اجتماعية او امنية, فليس لدى المالكي ومستشاريه غير الطرق على رؤوس الناس التي تبدو مساميرا لمطارقهم.
لعل النزوع الى الحل الامني عائد الى خلفية المالكي الامنية وانخراطه في النشاطات “الثورية” لحزب الدعوة عندما كان معارضا للسلطة, فحزب البعث كان يمارس ارهابا حكوميا ضد الشعب اما حزب الدعوة فكان يمارس ارهابا مضادا كنا نسميه “نشاطات ثورية او مقاومة” لكن في الحقيقة كان يمثل ارهابا مضادا, فتفجير البنايات الحكومية والاماكن العامة والسفارات الاجنبية التي تورط فيها بعض اعضاء حزب الدعوة في ثمانينات وتسعينات القرن المنصرم لاتختلف كثيرا عن الاعمال الارهابية التي تمارسها القاعدة والمجاميع الارهابية الاخرى المنضوية تحت لوائها في العراق والعالم هذه الايام لانها لاتميز بين المذنب والبريء.
وكما يقول مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون ” الضحية تقلد الجلاد” وبما ان المالكي وكثير من عواجيز حزب الدعوة الحاليين عاشوا فترة الثمانينات مطاردين آوتهم بعض الدول المجاورة فدربتهم وسلحتهم للقيام بنشاطات عسكرية (لاأقول ارهابية) لخدمة مشاريع وسياسات الدولة الراعية ومع هذا استطيع تفهم من كان يقول “اضع يدي بيد حتى الشيطان من اجل اسقاط نظام صدام”.
لكي لانجافي الحقيقة فاننا نعترف بان عواجيز حزب الدعوة أنفقوا معظم اعمارهم في مقاومة الارهاب البعثي من خلال الارهاب المعاكس (الثورة او المقاومة) ولانهم عاشوا في ظروف شديدة فكانوا حذرين من ومخابرات واستخبارات النظام البعثي التي كانت تتواجد تقريبا في كل مكان حتى قيل ” لاتنتقد الحكومة لان للحائط آذان تسمع” لذا بلغ تغلغل نظرية المؤامرة في عقولهم مبلغا خطيرا فصاروا يشكون بكل من حولهم وعندما تولوا الحكم لم تفارقهم نظرية المؤامرة التي ورثوها من ايام النشاط الحزبي المعارض, فكل من يختلف معهم من الاحزاب المؤتلفة معهم في الحكومة يرونه متآمرا على الحكومة والعملية الديمقراطية والشعب العراقي ككل, مـتآمرا خائنا ارهابيا تدعمه دول خارجية لاسقاط العملية الديمقراطية والعبث بامن العراق من خلال اعادة حكم البعث الديكتاتوري.
لذا فرط حزب الدعوة في كل الوزارات السيادية الا التعليم العالي والوزارات الامنية فوزير التعليم العالي “المزور لشهادته” يقوم تدريجيا بتحويل العملية التعليمية الاكاديمية الى عملية تثقيف الجيل الجامعي على ايديولوجية حزب الدعوة لاستمرار رفد الحزب بعناصر شابة متأدلجة لضمان استمرار القاعدة الشبابية التي تضمن للحزب السيطرة على الحكم الى ماقدر الله.
اما الوزارات الامنية فقد قرر المالكي ادراتها بنفسه لانه يخاف حتى من رفاقه في حزب الدعوة من الانقلاب عليه. بدأ المالكي يغدق الرواتب والمنح والهدايا على الضباط والمراتب ويعيد الى الخدمة من يشاء ويبتز من لهم سوابق او ماضي اجرامي فيحتفظ لهم ب”ملفات” يهددهم بها كلما حادوا عن الطريق الذي رسمه لهم. وكلما تضخم الجيش تضخمت معه العمليات الارهابية, صار افراد القوى الامنية لكثرتهم يدفعون نصف رواتبهم للآمرين ويبقون في بيوتهم أو يعملون كسائقي تكسيات. وكلما أختلف المالكي مع شركاءه من الكتل السياسية فانه يقوم بتاسييس قيادة عمليات عسكرية ويرسلها الى مناطق الكتلة المختلفة معه في رسالة تهديدية واضحة وفي نفس الوقت يحاول اغراء قادة الكتلة المعارضة بالمال فان لم تنفع هاتان السياستان فيرسل لهم فرق الاغتيالات لتغتالهم وتسجل الجريمة ضد القاعدة وازلام البعث, وان لم تستطع فرق الاغتيالات من الوصول اليهم فانه يلفق لهم تهم دعم الارهاب وتصدر مذكرات القاء قبض بحقهم حسب المادة 4 ارهاب وعندما يرفضون الانصياع يبدون أمام الشعب وكانهم لايعترفون بالقانون ويعرقلون اجراءات العدالة.
لايلام الرجل على مايفعل فالذي يجب ان يلام هو من وافق على تنصيبه ومن لازال قادرا على ازالته ولا يفعل, أقول لايلام الرجل لان الحل الامني هو كلماعرفه ومارسه او مورس ضده في حياته فلاتطلب منه حلولا اخرى لان فاقد الشيء لايعطيه.
لا ينقذ العراق من محنته الا حكومة تكنوقراط يمثلها وزراء اختصاصيين لم ينتموا الى احزاب مارست الارهاب (البعث) أو الارهاب المضاد (الدعوة والاخوان المسلمون-الحزب الاسلامي- والمجلس الاعلى) يقومون باعادة الجيش الى ثكناته وتولي الشرطة المحلية (ليست الوطنية) المهام الامنية وانهاء حكم الطواريء والغاء العمل بالمادة 4 ,التي صارت سيفا يسلطه المالكي على معارضيه, وتفعيل الدستور وتشريع واحترام القوانين ومحاربة الفساد ووضع السياسات الاقتصادية التي تشجع القطاع الخاص الوطني والاستثمار الاجنبي لتوفير فرص عمل للعراقيين وانقاذ العراق من دمار سياسات البطالة المقنعه والاقتصاد الريعي .
[email protected]