من الحقوق المشروعة والتي يحكم بها العقلاء ان الانسان اذا تمكن من الوصول او الحصول على شيء معين هو ان يبذل قصارى جهده في الحفاظ على ذلك الشيء ومهما كان نوعه دنيويا او اخرويا بشرط الا يتم التعدي على حقوق الاخرين وهذه القاعدة دأب عليها الانسان منذ اقدم العصور وهناك امثلة تخرج عن حد الاحصاء بعضها مشرف والبعض الاخر يندى له جبين الانسانية وبقي سبة على اهله الى يوم القيامة كما حدث من قتل الامام الحسين عليه السلام من قبل الطاغية يزيد ظنا منه انه سيحافظ على ملكه وهكذا هي الحياة الدنيا منذ ان خلق الله سبحانه وتعالى ادم وانزله هذه الارض والى ان يرث الله الارض ومن عليها الا ان بعض من يريد ان يحافظ على ملكه تحصل عنده شبهه اي انه يقدم على عمل شيء ظنا منه انه يعمل على تثبيت ملكه ولكنه في الحقيقة يعجل في انهاء ذلك الحكم وانا هنا لااريد ان اسوق مثلا قد يكون بعيدا عن ذهن القارئ الكريم ولذا فسيكون المثل الذي اطرحه هو رئيس مجلس الوزراء العراقي الاستاذ المالكي فالرجل عندما تولى منصبه الحالي قد نسى شيئا مهما وهو ان نظام الحكم في العراق قد تغير فليس هناك قائد الضرورة وليس هناك الرئيس الخالد والرئيس القائد على اعتبار ان هناك نظاما برلمانيا قد يتيح للشخص تولي دورة او دورتين في الرئاسة ولكنه سيتغير سواء رضي بذلك ام لم يرضى ولذا فان السيد المالكي عندما وقع في هذه الشبهة وانطلت عليه اللعبة اخذها وكأنها حقيقة واعتمد عليها وبنى عليها سياسته في الحكم واول ما فعله هو البحث عن الامور التي تؤدي الى تثبيت ملكه وتقوية اركان حكمه فلم يجد غير العداء لآل الصدر الكرام وممثلهم في الوقت الحاضر السيد مقتدى الصدر واما الذي دفعه الى الاعتقاد بان العداء للسيد مقتدى الصدر هو الذي سينجيه وسيطيل من عمر حكمه فهو :
1. ان السيد مقتدى الصدر هو الجهة الوحيد التي قاومت الامريكان واذلتهم برغم الامكانيات الهائلة التي تمتلكها الترسانة الامريكية وهو مطلوب للأمريكان حيا او ميتا وعاجلا ام اجلا لذلك وكاعتقاد من السيد المالكي ان العداء للسيد مقتدى الصدر سيجعله صاحب حظوة ومكانة الامريكان وانطلاقا من قاعدة عدو عدو صديقي .
2. السيد مقتدى الصدر هو ابن المرجع الديني الذي فضح الكثير من الامور السيئة التي كانت سائدة في الحوزة العلمية وأظهر الكثير من الاخطاء التي كانت متبعة في تشخيص المرجع بل والاكثر من ذلك ابطل مرجعية قسم ممن كان يدعي الاجتهاد ولان الابن على سر ابيه وانطلاقا من (انما نقاتلك بغضا بابيك) فالسيد مقتدى الصدر شخصية غير مرغوب فيها في اوساط المرجعية الكلاسيكية والتي اسمها السيد الشهيد بالصامتة ونعت المرجع الذي يسلك اسلوب السكوت ب(سكوتي كالصنم) ولذا وكخطة من المالكي لكسب ود وثقة المرجعية في النجف وكسب تأييدها اظهر العداء للسيد مقتدى الصدر انطلاقا من (اشهدوا لي عند الامير) .
3. الجهة الفعالة والحركية والتي تمتلك اقوى واكثر قاعدة شعبية في العراق تلك القاعدة التي هي طوع بنان قيادتها وتمتلك جيشا عقائديا يتقاتل على اخذ المنديل الورقي (الكلنكس) الذي يرميه قائده على الارض هي التيار الصدري وقائده السيد مقتدى الصدر لذلك حتى يثبت المالكي لكل خصومه او غير الراغبين به او لعموم الشعب العراقي اقدم على عداء تلك الجهة النشيطة والفعالة وتمثل العداء بشخص قائدها انطلاقامن (اضرب القوي يخاف الضعيف).
4. الجهة التي تحاسب وتراقب ولاتخشى في الله لومة لائم وليست لديها اطماع في منصب معين وتتابع الحكومة في كل صغيرة وكبيرة هو التيار الصدري وقائده السيد مقتدى الصدر لذلك كان لزاما على المالكي ان يشن حربا شعواء على قيادة التيار المتمثلة بالسيد مقتدى الصدر وحتى يخلو الجو له انطلاقا من :
يا لك من قنبرة بمعمر … خلا لك الجو فبيضي واصفري
ونقري ما شئت أن تنقري … قد رحل الصياد عنك فابشري
5. هناك جهات خارجية لاتريد للعراق خيرا ولاتريد للشعب العراقي ان يعيش بخير وسلام وكطريقة من السيد المالكي في كسب ود تلك الجهات بمحاربة الجهة الوطنية التي شمرت عن ساعدها لخدمة العراق والعراقيين والمتمثلة بالتيار الصدري وقائده السيد مقتدى الصدر وانطلاقا (مارفعت شأن عمر حبا بعمر ولكن بغضا بعلي بن ابي طالب ) .
هذه بعض الامور التي دفعت المالكي الى عداء السيد مقتدى الصدر ظنا منه ان ذلك سيساعد في تقوية اركان حكمه واطالت عمره ولكن ما لذي حدث وماذا كانت النتيجة لاحظوا :
1. تنبه اعداء الاسلام والمذهب الى خطأ المالكي وانشغاله بمتابعة وابناء التيار الصدري وقائدهم فاقدم هؤلاء الاوباش على قتل ابناء الشعب العراقي بطريقة لم تشهدها البشرية من قبل .
2. بدلا من ان تقوم بعض الجهات الدينية بشكر المالكي على مواقفه من الصدر قامت تلك الجهات فعل الكثير من الامور التي كان السيد مقتدى الصدر يقوم بها او يروم القيام بها والى درجة ان تلك الجهات قامت بمدح التيار الصدري وقائده في مجالسها الخاصة .
3. بدلا من ان يكسب المالكي ود وتأييد الامريكان لأنه حارب غريمهم وعدوهم السيد مقتدى الصدر بدأ الامريكان بالتفكير جديا بسحب يدهم من تأييد المالكي كونه لم يحقق ما ارادوا منه باتجاه السيد الصدر .
4. بدلا من ان تقوم الجهات السياسية والدينية بمدح المالكيلأنه حارب ماكان يسميه بالمليشيات اقدمت تلك الجهات على تشكيل مليشيات خاصة بها واصبحت تهدد المالكي نفسه .
5. اصبح السيد مقتدى الصدر محط احترام وتقدير الدول المجاورة للعراق ونلاحظ ذلك في زياراته لبعض الدول كالسعودية وقطر والسورية وتركيا وغيرها في حين اصبح المالكي شخصا ونظاما غير مرغوبا فيه .
اذن نخلص الى حقيقة وهي ان بعض الناس يحاول ان يعمل كلشيء في سبيل المحافظة على منصبه او مكانته ولكنه في بعض الاحيان يلتبس عليه الامر فيقع في المحذور فيعجل بفقدان ذلك المغنم وهو الذي حصل مع السيد المالكي بعدائه للسيد الصدر حيث انه خسر تأييد اقوى شخصية في الساحة العراقية والذي بخسرانه خسر منصبه الحكومي واصبح طيلة فترة حكمه منشغلا بالتيار الصدري وبقائده اي انه خسر الاثنين وصدق المثل العراقي المعروف (لاحظت برجيلها ولا خذت سيد علي) .