23 ديسمبر، 2024 5:52 ص

المالكي عاود , بعد هضم هو “الأعسر”

المالكي عاود , بعد هضم هو “الأعسر”

الرجل قوّته الأزمات , المثل العراقي يقول ؛ “الضربة الماتكسر ظهرك تقوّيك” ! , فمن أزمة لأخرى بدأ الرجل وكأنّه يستفيق على تلوّن سياسي معيّن لآخر يعتريه أجبره على ذلك أزمات متلاحقة , حتّى أصبح السيّد المالكي على قناعة أنّ التعويد ليس مقتصراً على المخدّرات أو التدخين فقط ! , فلا يكاد ينتهي من “أزمة” حتّى تداهمه أخرى , تعوّد على ذلك لغاية ما أدرك أنّ الأزمات وقود استمراره “بالولايات” للحدّ الّذي يمكنه الآن فتح مصنع لتصدير الأزمات وبجودة عالية ! , خبرات سياسيّة بات لا يتعامل مع نفسه أو مع المرجعيّات أو مع الأخرين إلاّ على ضوئها لم يتوقّع ستغيّر مفاهيم كثيرة لديه بل وآخرها بدا على أتمّ الاستعداد لأن يقاتل على 3 جبهات في آن واحد كما يحصل الآن ! , دول الجوار زائداً “داعش” مضاف إليها المرجعيّة المختلطة بإتلافه ! لذلك رأيناه اليوم يتصلّب أكثر في إصراره على ولاية ثالثة بعد أن شعر , من رهانه على الزمن كعادته أنّ أزمة “الخيانات” والاجتياح ومهزلة الدشاديش واكتساح ما قارب نصف مساحة العراق الّتي عقدت لسانه و”أعصابه” قدّ امتصّها الزمن ! أو استعرض مقدّمتها , فاستفاق كالعادة فأخذ يعاود العزف على نفس النغمة قبل “ليلة سقوط الموصل” ! .. هو قبلاً كاد يغرق ويتوفّى في “أمّ الفرسان” عندما كان حينها يحبو تهيمن على معنويّاته الذاتيّة “مثاليّات التديّن” الفاشلة , وكسب الرهان على إمكانيّة “الولاية بالنيابة” وأشياء أخرى .. أنا من الّذين توقّع أن تهدّه “أزمة” الأنبار هدّاً , ذكرت في مرّة مع بدأ “الاعتصامات” عندما بدأ يتضايق منها السيّد المالكي لشكوكه الكثيرة بحقيقة نواياها ومن يقف ورائها ؛ “أنّ المالكي ما أن يتحوّل من أزمة الأنبار إلى حرب الأنبار ستكون نهايته السياسيّة على يدها” , ليس من فراغ لكنّ من تجارب ضاق بها الأميركيّون أنفسهم فضاقت عليهم , وبالفعل حصل ما توقّعه الكثيرون , ها هو السيّد المالكي يتهاوى وقد سقط بانتظار الإعلان عن ذلك , إن لم يكن ليسقط في داعش أو بمن استبطن بها إنّ صحّ أنّه من الّذين يمتلكون سيرتها الذاتيّة ! فسيسقط بجملة عوامل الافرازات والعوادم الّتي خلّفتها محرّكات اندفاعاته المتكرّرة القاتلة وهي من التراكم ما يجب أن يوجد من يتبنّي إتلافها فوراً ودفنها في أعماق النسيان مع عودة سياسيّة جديدة لبدء , أيّ البداية “الثانية” على غرار “الجمهوريّة الثانية” تكون أكثر نضجاً بالتأكيد بعدما يكون باب العراق السياسي أغلق بوجه الهواة والحالمون بعودة مجريات الواحد والستّين عاماً بعد وفاة النبي ! فليس من المستغرب بمثل هؤلاء , كالسيّد المالكي أن تصل نتيجة مغامراته السلطويّة إلى حافّات تقسيم العراق وجعله أثراً بعد عين , فبما أنّ “الأثر يدلّ على المأثور الخ” و “من الناس من ينظر للأشياء بعين طبعه” فقد استُدِلّت , أعني فيما لو وُضعت دراسة لسيرته في الحكم طيلة 8 سنوات , أنّ هنالك “مؤشّر” واضح يمكن أن يُلتقط من بداية تلك السيرة , وهو أنّ الرجل كان عازماً , أو خطوط حكمه العريضة الّتي اختطّها لحكمه كانت خالية من تحسّب لعواقب مؤدّيات تلك الخطوط لتكون بالتالي هي المبرّر العملي لتشتيت العراق أو “لتدعيشه” أي لتقسيمه , وذلك “المؤشّر” الواضح في نوايا تقسيم العراق كان قد بدأه السيّد المالكي  “كبروفة” من الداخل العراقي أي من داخل المدن العراقيّة ب”القواطع الكونكريتيّة” , وهي لو دقّقنا كانت عمليّاً محاولة هزيمة فعليّة للنفس العراقيّة من داخلها , لإعداد المواطن لعمليّة تقسيم وطنه في الوقت المناسب , فهل هي صدفة ! .. الرجل لا بدّ , إن لم يكن قد وعيها , وأنّ هنالك من أشار عليه “وهو في غفلة لربّما !” أو هنالك من استغلّ حداثة عهده بالسياسة وبالحكم ؛ بتقسيم المدن العراقيّة بالعوازل الكونكريتيّة و”تزويقها” بأقلام مستأجرة وبفرشاة “رسّامو عشت” لتسييغ المنعزلات الاجتماعيّة بعيون الناس وتهوينها عليهم هي في الواقع كانت أشبه بعمليّة ماكياج لوجه قرد ! , وباعتقادي أنّ من أشار بتلك العوازل على السيّد المالكي هو نفسه من أشار على برايمر بحلّ الجيش العراقي ؟ , زالت تلك الرسوم وسقطت أقلام وأبواق السيّد المالكي في حين بقيت الحواجز على حالها لم تسقط لا زالت قائمةً لغاية اليوم رغم الانسحاب الأميركي من العراق منذ 5 سنوات !