يتشابه التاريخ مع العلوم في مقاربات كثيرة، ومثالها في الفيزياء لكل فعل رد فعل، وتتفاعل الموجودات مع بعضها كيمياوياً؛ لإنتاج بناء جديد، أو إنفجار وخراب ، وناتج كل عملية رياضية، هو محصلة الحساب، وينتهي الإنسان من جراء ما أقترفته نفسه أختياره؛ إلاّ في حالات الظلم والتعسف.
تُشبه الحياة بالدائرة، التي تكتمل صورتها عند العودة الى نقطة البداية، ولكن بصورة معكوسة.
تتناقض البدايات مع النهايات، ويقابل كل شيء ما تضاد معه، فالولادة بالموت، والقاتل بالقتل، والمتآمر بالخزي، والخائن بالغدر، والسارق بالحريق، والكرم وحسن الخلق بالرفعة، ويعيد التاريخ نفسه بأدوات؛ تبعاً لزمانها ومكانها.
تسابق العالم من خلال القفزات التكنلوجية، وأختصرت الزمن، ويبدو أن التاريخ هو الآخر يسابق زمانه، ولا يستغرق كثيراً لإعادة نفسه، وبالأمس القريب كان الجعفري رئيس مجلس الوزراء وحزب الدعوة، وشاءت الأقدار، أن يصبح الملكي في محله الحكومي، ويبقى الجعفري الأب الروحي للحزب.
تغيرت المعادلة بعد إستلام المالكي مقاليد الحكم، حتى أطيح بالجعفري من رئاسة الحزب، وجرت العادة أن يستمر المالكي بالهيمنة على الحزب بالسلطة، وأستغلال الصلاحيات، وكانت نتائجه انتخابات 2014م، التي أظهر وصول اصهاره، وتراجع قيادات مهمة في حزب الدعوة، خير مصداق.
تراجع العراق في مختلف المستويات، وصار التغيير مطلب شعبي ومرجعي، وقادة الدعوة توصلوا، الى عدم وجود اتفاق سياسي على تولي المالكي، ولاية ثالثة كان مصر عليها، وعند ساعة المكاشفة، قبل المالكي التنحي مقابل تعين أحد اصهاره خلف له، وهنا ثار اعضاء الحزب، وتم الإتفاق بدون وجود المالكي على تولي العبادي.
لم يفكر العبادي بإقصاء المالكي، ولكن الأخير يبدو أنه لم يتقبل الواقع، ولم يسلمه حتى القصر الرئاسي، وأستمرت مواقع يديرها جيش الكتروني؛ بالتحريض على حكومة تصفها بالإنبطاحية، وخمسة آلاف كان عملهم بتسقيط كل الأطراف السياسية سوى جناح المالكي؛ يتقاضون رواتب على عدد التعليقات في نهاية الشهر، ومهمتهم إتهام الخصوم بالخيانة؟!
أصبح الإعتراض على الحكومة أكثر وضوحاً،وعدم حضور أجتماع الرئاسات، وكثر التقول على حكومة تحضى بالإجماع المحلي والدولي، وهي تواجه حرب شرسة وموازنة خاوية، وفساد ينهش، وتركيبة مؤسسات بالوكالة، وأستمر الجيش الإلكتروني ببث الإشاعات وإحباط معنويات المعركة، وكأن فريق المالكي يسعى للإنتحار السياسي، وهذا ما دعا العبادي الى توجيه رسالة شديدة اللهجة، وتحذيره من المواقف العدائية، وأثارة الأشاعات من ساسة يبحثون عن السلطة، التي لم يتردد العبادي بالتنازل عنها في حال فشله..
التاريح بالفعل يُعيد نفسه، وبنفس الطريقة التي أسقط بها المالكي رفيقه الجعفري، هذه المرة، ينتحر بسلاحه الشخصي.
يَذكر التاريخ، أن أحد مقاتلي جيش المختار أبن يوسف الثقفي، سأله عن سبب قبوله بيعة عمر بن سعد، الذي قاد الحرب على الأمام الحسين عليه السلام، فأجابه المختار لا تستعجلوا فأن أعماله السابقة هي من تقتله، وبالفعل لم يطول الأمر كثيراً، حتى نقض عمر البيعة، وقاتل المختار، وقتل شر قتلة.