لا يختلف اليوم اثنين الى ان اغلب اجهزة الدولة ومؤسساتها المدنية والعسكرية اصبح يهمين عليها قادة حزب الدعوة واتباعهم ممن اتو الى العراق بعد عام 2003 بعد سقوط نظام حزب البعث الصدامي على يد القوات الامريكية.
ولا نختلف ايضا في مدى الدماء الزكية التي قدمت دمائها شهداء لهذا الوطن من كودار الدعوة وانصارها على يد نظام حكم القوميين والبعثيين امثال كل من الشهداء عارف البصري والسيد نوري طعيمة والسيد عز الدين القبانجي وغيرهم الكثير رمزا لمعنى التضحية والاباء من اجل هذا الوطن الغالي ونصرة الاسلام ، وكانت الجموع آنذاك تتعاطف معهم وتتتبع اخبارهم وتتناقلها حتى قام حزب البعث حينها بجرائمه البشعة بإصدار حكم الاعدام ضد كل من يتعاطف معهم ، حتى ان هناك كلمة للشهيد عارف البصري يقال انه كان يكررها دائما الا وهي ” شعب العراق بأجمعه محكوم بالإعدام مع وقف التنفيذ ” . كل هذا وغيره الكثير لا ينكر وان اختلف الرواة في مدى صحة تأسيس هذا الحزب على يد مرجع الامة وقائدها آنذاك السيد الشهيد محمد باقر الصدر “رضوان الله عليه ” ، ولسنا في صدد التشكيك او مناقشة الامر لان فيه كلام يطول وادلة كثيرة لدى من يقول بعدم قيادة الحزب من قبل مرجعية السيد وادلة من يقول بقيادته وتأسيسه له .
اصبح هذا التاريخ الطويل لحزب الدعوة الاسلامي اليوم مثار جدل كبير في احقيته بالهيمنة على السلطة السياسية رغم ان الدعوة ليس له اي سلطة روحية ودينية داخل العراق ، اللهم الا في ايران حيث مرجعية محمود الهاشمي الشاهرودي التي يدعي الدعاة انهم بارتباط مع هذه المرجعية التي تشغل مناصب عليا في جمهورية ايران الاسلامية .
الدعاة الجدد ممن قفزوا على تاريخ اسلافهم لا نشك بان الدعم البريطاني والاميركي والايراني ( على حد النقيض ) ممن اعطاهم قوة السلطة في الهيمنة السياسية والادارية على هرم المؤسسات العراقية وحتى تصل الى قاعدة الهرم من مدراء شعب واقسام في اغلب بل معظم مفاصل تلك المؤسسات ، خصوصا وان ملف النفظ اضحى ومنذ سنوات تحت هيمنة قادة هذا الحزب حتى وصل بدول الغرب مرادهم في جولات التراخيص المشكوك في صيغ الاتفاق في عقدها ، فليس من المعقول ان تسلم كل مقدراتنا النفطية ولمدة عشرون عاما بعقد يتكون من ورقة ونصف !!! .وغيره الكثير ممن يشوب هذا الملف الذي تسلمه نائب رئيس الوزراء السيد حسين الشهرستاني .
اضف الى ذلك فان الدعوة وبقائدها المالكي اصبح اكثر ذكائا من قادة المجلس الاعلى ومنظمة بدر فهو لم يدمج عناصر برتب ضباط في المؤسسة العسكرية العراقية ، بل عمل مخططا اكبر من ذلك ، حيث استفاد من تقريب القادة العسكر في الجيش من البعثيين الكبار وغيرهم وهم معروفون بكفاءتهم العسكرية ، اضافة الى رتبهم العالية من جنرال ( عميد ) الى فريق ، وبعضهم تم ترقيته الى رتبة اكبر وكلهم ممن خدموا في الجيش العراقي السابق ، فكان بذلك -اي المالكي – اكثر ذكاءا في السيطرة على هذه المؤسسة .
وهلمجرا في غيرها من المؤسسات الحساسة في الدولة العراقية ممن سيطر عليها سيطرة كاملة حزب الدعوة من خلال زج اتباع له وليس انصار لان هذا الحزب لا يوجد لديه خط جماهيري وصعوده الانتخابات جاءت لاسباب عاطفية من خلال قيام المالكي بعمليات عسكرية واشهرها ( صولة الفرسان 2008 ) قبيل الانتخابات ، بحجة تطيهر المناطق الجنوبية وبالأخص كانت العمليات في محافظة البصرة مما اسماه “المليشيات والعصابات الاجرامية “، رغم ان اهالي البصرة قد استنجدوا بالحكومة قبل هذه الصولة بأكثر من سنتين ولكن كان قرب موعد الانتخابات هو الحكم في تحرك الجيش في تنفيذ هذه العلمية وبأشراف مباشر وحضور المالكي ؟!.
ان ما يسميه المالكي بالإنجازات لا يجعل منه ومن حزبه التفرد بالسلطة ، نعم صحيح لا نختلف في ان الكتل السياسية تشارك بالعملية السياسية وان اغلب الوزارات تدار بوزراء من معارضي المالكي ، ولكن نتكلم عن القرار والهيمنة على القرار سواء الاداري او السياسي تحت اسم دولة القانون ، من جعل المالكي الوحيد القادر على اتخاذ القرار في عمليات كبيرة ضد الارهاب ولكنها بنفس الوقت هي تضرب السنة ليعود بنا بذاكرة الطائفة المظلومة ، المالكي كرئيس حكومة له حجج كثيرة وبعضها مقنع ، ولكن لس على حساب التعسف وظلم الاخرين ولو فردا واحدا .
اليوم نحن بحاجة الى شراكة حقيقية بغض النظر عن نتائج الانتخابات ، فالاستحقاق لانتخابي شيء وادارة دولة فيها ما فيها من التعقيد الديني والمذهبي والقومي شيء اخر ، اخطاء المالكي نتاجها المئات من دماء الابرياء من المسلمين الشيعة في عمليات انتقامية ضد تصرفات الحكومة التي باتت تسمى حكومة الشيعة ، رغم ان كل مطامح الشيعة هو اقامة دولة تدعو الى العدل الاجتماعي على مواطنيها ، اما الاستحقاقات فهذا نقاش اخر يحل وليس بعقدة في طاولة المفاوضات والحوارات ، حتى الله عزل وجل حاور الشيطان وانتهى بنتيجة دون ان يطرده ، لماذا نحن الشيعة نتحمل تلك الاخطاء ويذهب ابائنا واخوتنا وابنائنا ونسائنا اخطاء شخص او كتلة .
الارهاب شيء وردة فعل من يستفز شيء اخر وهذا واقع يجب التعاطي معه ، لقد انتهج الاخوان في مصر سياسة الدعوة في الهيمنة على الحكم لكن الفارق ان الدعوة اكثر ذكاءا . حان اليوم ان تقف الكتل السياسية وقفة جادة ودون خجل من مواقف حزب الدعوة والمالكي وان لا يضيع البلد وابناءه باسم ديمقراطية الدستور .