اعتاد اهل الجنوب في العراق ان يتعاملوا مع الامور بواقعية وهذه الواقعية قد فرضتها عليهم البيئة التي كانوا يعيشون فيها من ظلم وقهر وفقر وفقدان ادنى متطلبات الحياة لذلك نرى الفرد العراقي الذي كان يعيش هناك يكون كل كلامه وامثلته من واقعه الذي يعيشه وهذا واضح جدا في الامثال الشعبية التي كثيرا ما نرددها وقد لانفهم قسما منها سوى لاعتقادنا بان هذا المثل ينطبق على هذه الحالة ومن هذه الامثال ” حال السدانة بألماي” والسدانة الواردة في المثل هي عبارة عن حاوية اسطوانية الشكل او دائرية يتم عملها من الطين المنتشر في مناطق الجنوب وتستخدم لخزن المواد الغذائية او الحبوب كالحنطة والشعير والرز او لخزن الملابس وغيرها من المواد وهذه السدانة دائما تكون موجودة بكثرة في البيوت ويتم عملها وصناعتها على الارض مباشرة اي ليس هناك مايفصلها عن الارض كان تكون مرتفعة نوعا ما ونظرا لكثرة الفيضانات في ذلك الوقت فضلا عن وجود الاهوار تتعرض اغلب البيوت لان تغمرها المياه ولان “السدانة” ليست مكلفة بسبب وجود الطين المادة الرئيسية في بنائها نلاحظ ان العراقيين عند حصول الفيضان لايقومون بإخراجها من بيوتهم فتبقى في البيت فتغمرها المياه من كل الجهات فتمتلئ ومع ذلك فهي لاتقع بسبب صناعته الجيدة فتبقى منتصبة ولكن بمجرد ان يلمسها احد نراها تسقط وتتهشم فاستعار ابن الجنوب هذه الحالة ليعبر فيها عن حال الشخص الذي يكون فيها ضعيفا جدا ومع ذلك فهو يقف وكأنه قوي ومتماسك الا انه يسقط بمجرد تعرضه لصدمة بسيطة فقال “حال السدانة بألماي” وهذا المثل الجنوبي الاصيل نراه مطبقا على حالة دولة رئيس الوزراء في هذه الايام التي شارفت على انتهاء فترة حكمه للعراق والذي استمر الى اكثر من ثمان سنوات وسأحاول من خلال النقاط الاتية ان ابين حالة التشابه بين السدانة التي في الماء وبين الاستاذ المالكي :
1. كانت السدانة تستخدم مثلما قلنا لخزن الطعام والحبوب والاموال والملابس اي ان لها استخدامات متعددة وكذلك الحال مع دولة رئيس الوزراء فهو رئيس حزب الدعوة ورئيس وزراء العراق ووزير الدفاع ووزير الداخلية والمشرف على جهاز المخابرات وغيرها .
2. السدانة ومثلما قلت نظرا لبساطة المواد المصنوعة منها فالعراقي لايهتم لفقدانها واستبدالها بغيرها فالطين موجود والصحة موجودة كذلك فان دولة رئيس الوزراء ونظرا لكثرة العراقيين ووجود البديل فالعراقيون لايهتمون كثيرا في حالة فقدانهم له .
3. على الرغم من وجود الكثير من الخيرات المكتشفة وغير المكتشفة في العراق كان الفرد العراقي ينظر للسدانة كونها واقفة وتختلف عن بقية المواد في البيت وكثرة استعمالها على انها الاهم عنده كذلك فعلى الرغم من وجود الكفاءات والقدرات العراقية الخلاقة والتي يعترف بها العالم باسره واخرها التقرير الذي يثبت نسبة الذكاء في العقل العراقي مع كل ذلك فان بعض العراقيين وخصوصا الشيعة ينظرون للمالكي بانه هو ولا يوجد غيره .
4. على الرغم من اهمية السدانة وفائدتها اليومية الا انها بمجرد حدوث شيء لها فان ابن الجنوب وبسهولة يمكن ان يستغني عنها ويبحث عن بديل اخر وكذلك فان دولة رئيس الوزراء على الرغم مما يقوم به من امور قد تصل في بعض الاحيان الى التخلي عن دينه ومذهبه من اجل البقاء في منصبه فان العراقيين وبسهولة يمكنهم الاستغناء عنه .
5. قلت في بداية المقال ان السدانة وعلى الرغم من كونها قد غرقت بالماء واخذ الماء منها مأخذه الاانها تبقى واقفة وكأن شيء لم يحدث لها الا انها وبمجرد لمس او وضع اليد عليها تخر مهشمة وكأنها لم تكن كذلك دولة رئيس الوزراء بالرغم مما يقوم به من زيارات ولقاءات ومكرمات يوزعها وكلماته الاسبوعية التي يلقيها الاانه من الداخل مهشم لايصمد امام ابسط التحديات .
6. الماء ورطوبة المكان والترك المتعمد لها كلها امور تسارع في انهاء معانة السدانة ولا يبقى لها سوى ان يأتي احد فيضع يده عليها فيريحها من هذه الدنيا كذلك دولة رئيس الوزراء فتحديات التيار الصدري والمجلس الاعلى وضغط المرجعية وجماهير السنة وخلافاته مع الاكراد كلها امور تسرع به الى السقوط ولايبقى سوى يوم اعلان نتائج الانتخابات ليريح الرجل من هذا العناء .
7. لان السدانة مصنوعة من طين الجنوب وبأيدي ابن الجنوب فلايمكن ان تكون لها فائدة الا عند الجنوب وليس لها سوق رائجة الا عند الجنوب ولاتسقط الا بماء الجنوب كذلك دولة رئيس الوزراء فهو لايجد نفسه الا في الجنوب وليس له كلام الا مع ابناء الجنوب واما في المنطقة الغربية فلايهتم به احد .
8. يكمن الاهتمام بالسدانةفي الفائدة التي تقدمها فمادامت تلك الفائدة موجودة فهناك احترام واهتمام بهذه السدانة ولكن بمجرد انتهاءالفائدة وانحسارها عنها نجد ان ابن الجنوب يلفظها وتصبح في ذاكرته خبركان كذلك دولة رئيس الوزراء فما دام هوبالسلطة وهناك فائدة مرجوة منه فالناس عبيد الدنيا فهو يلاقي الاحترام والاهتمام المنقطع النظير ولكن بمجرد زوال تلك القدرة على فائدة الناس فأنها ستلفظه وسيكون في خبر كان .
9. على الرغم من وجود الكثير من المواد داخل بيت العراقي الساكن في الجنوب الا ان الماء والفيضان لم يؤثر الا بالسدانة ولم يخسر من اشيائه الى السدانة كذلك دولة رئيس الوزراء فبالرغم من وجود الكثيرمن السياسيين الذي يتولون المناصب في الدولة العراقية الا انه المتضرر الوحيد من التغيير .
10. على الرغم من الفائدة التي تقدمها السدانة طول عمر خدمتها للبيت الا انها وبمجرد انتهاءعمرها وتهشمها فلا يمكن اعادتها والاستفادة منها مجددا كذلك دولة رئيس الوزراء فبمجرد انتهاء ولايته وعدم استطاعته تجديدها فلن تكون هناك امكانية الى عودته مجددا للساحة السياسية .