20 مايو، 2024 11:24 ص
Search
Close this search box.

المالكي بين السياسي والثقافي ..!

Facebook
Twitter
LinkedIn

أنتباهة ذكية جاءت في حديث السيد نوري المالكي رئيس الوزراء في أجتماعه مع المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية حين فصل  أحد أوجه العلاقة بين السياسي والثقافي بأعتبارها تشكل أحد اسباب التراجع والتخلف في المنظومات السياسية والاجتماعية على حد سواء ، العلاقة عادة ماتكون علاقة تضاد واقصاء وعداء لأن السياسي لم يبلغ مبلغا ثقافيا وانما هو يأتي للحكم بواسطة الانقلاب العسكري او الزخم العشائري فيجد في المثقف معارضا له فيزج به بالسجون او يحكم عليه بالاعدام او التهجير والتغييب ، كما اشار الأخ المالكي الى سلبية المثقف الانطوائي الذي يختزل العلاقة بالكتب والعزلة الاجتماعية او السياسية ، وبهذا لن يكون فاعلا في عملية التغيير الاجتماعي  ويترك الميدان للسياسي الحاكم ، وبهذا تشكلت القطيعةوتعمق التخلف الثقافي في البنية السياسية ، وهو أمر صحيح الى حد بعيد لمن يحقق في تاريخ الحكم السياسي في العراق وطبيعة الاحزاب التي هيمنة على السلطة والنفوذ اذ عادة مانجد ان المثقف مقصيا في عملية التكوين او التغيير والتحول والانقلاب والثورة او ملحقا بالسياسي او العسكري  اوالعشائري وهو ما اتضح في التغيير الذي اسقط نظام صدام الدكتاتوري عام 2003 وماتبعها من تحولات وتغييرات كان يفترض ان يعيشها العراق بعمق وملامح تحول وبناء تكشف عن ابعاد التغيير الذي ينبغي ان يشارك فيه المثقف ونحن ازاء مشروع بناء نظام سياسي ديمقراطي ودولة مدنية دستورية تستدعي بنية ثقافية ناهضة وتنمية في المعرفة السياسية بما يعطي فضاءا مفتوحا لتبادل الادوار مابين السياسي والثقافي بل التشارك في أحتزال زمن الوعي الشعبي والارتقاء به الى مصاف التطبيق الحي للديمقراطية وليس التكتل الطائفي والعشائري والحزبي الذي حصل في العراق خلال دورتين انتخابيتين ..!؟؟
 المالكي الذي عبر عن نقد صريح لتلك العلاقة السلبية التاريخية بين السياسي والثقافي لم يلق بالمزيد من الضوء على العلاقة الراهنة والتي تشكل واحدة من المظاهر السلبية البارزة في الواقع السياسيي ومثال ذلك مجلس النواب العراقي حيث يزدحم بالشخصيات السياسية والعشائرية والعسكرية والدينية مع فقر شديد في حضور الشخصيات الثقافية ، والغريب ان الشخصيات الثقافية تحاول اخفاء شخصيتها الثقافية داخل البرلمان وتشدد على ابراز الجانب السياسي في اعتقادها الثابت ان الثقافي مكروه او موضع عدم تقبل من قبل الآخرين ..!
  النظر بعمق للمشكلة ، وهي واحدة من أزماتنا التاريخية المتكلسة للاسف ،يكمن في هيمنة الموروث السياسي والديني بأتهام المثقف بالتمرد والخطر والثورية وعدم احترام التقاليد او الاعراف الزائفة ولان المثقف في العموم يتحدر عن واقع معيشي يتسم بالفقر والحرمان ، بمعنى انه معزول السلطة المالية والدينية والعشائرية ، ومن هنا بقي في قاع المجتمع ولم يكن يوما قائدا ، هذه الظاهرة نجدها اليوم تتكرر بوضوح في سياسة الأحزاب وتحركها وانشطتها الاعلامية القائمة على اهمال ماهو ثقافي ومعرفي والتركيز بل اعادة احياء العشائري والتكتل الطائفي وابراز الشخصيات ذات النفوذ الحكومي والأمني والعسكري وتهمل الشخصيات الثقافية والاعلامية والاكاديمية والفنية ، واذا حضرت هذه الشخصيات في ظروف محددة فأنها لأهداف الديكور السياسي او لاغراض انتخابية محددة توظفها بأغراض شكلية او اعلامية ليس اكثر من هذا اما شغلها الشاغل فيذهب الى اشاعة التعمية الثقافية وذلك بالتعامل مع الجماهير بصفتها قطعات تخضع لسلطات ماهو عشائري او ديني اوحزبي أو صاحب مال ونفوذ وليس سلطة وعي وثقافة ..!
السيد المالكي يستطيع ان يغير بعضا من هذه المعادلة المرضية من خلال دعم الانشطة الثقافية وترشيح القوانين لمجلس النواب الكفيلة بأظهار قوة الشخصية الثقافية وبنائها وتنمية الوعي ودعم الانشطة الفكرية والفنية واسقاط التحريمات التي يتظاهر بها البعض ضد ماهو حضاري وجمالي وثقافي ، ومن هنا نستطيع القول اننا أحدثنا تغييرا في الواقع الاجتماعي والسياسي ولم تكتف بتفسيره ، فالمهم ليس تفسير الظواهر  السلبية بل المهم ان نغيرها لما فيها مصلحة المجتمع وتقدمه .

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب