23 ديسمبر، 2024 2:59 م

المالكي بين أحضان الدب الروسي

المالكي بين أحضان الدب الروسي

أثارت زيارة وزير الدفاع الإيراني الى بغداد الكثير من الجدل في الأوساط السياسية  الدولية ومما عزز هذا الجدل الزيارة التي تبعها المالكي لموسكو وهو مايعطي انطباع أن هناك رسالة معينة نقلها الوزير الإيراني لرئيس الوزراء العراقي تحمل في طياتها مضامين خاصة كلف المالكي بنقلها الى موسكو بالنيابة عن طهران‘ ربما يدور فحواها حول أحياء الحلف القديم بين بغداد وموسكو كأقل تقدير وهو ما يكفل للجانب الإيراني بعض الإنتعاش في موقفها الدولي الذي بات يوصف بالمتأزم جداً نتيجة حتمية خسارتها سوريا وحزب الله مجتمعين ربما في الأيام القادمة.
زيارة المالكي هذه  توحي بأن هناك توجهان أو رسالتان أراد السيد رئيس الوزراء طرح مفهومهما أو ايصال رسائل ضمنية عبرها  تتمثل الأولى بمحاولة الإيحاء بأن حكومته قادرة على عقد تحالفات خارجية وربما بأمكانها الخروج من البوتقة الأمريكية بأتجاه تنويع مصادر السلاح والإتفاقات السياسية  أو الانفتاح بشكل مباشر سياسياً على دول كبرى غير الولايات المتحدة واطارها أو الخروج من التبعية الأمريكية غن امكن ‘ وهذا غير وارد الأن بحكم طبيعة الحكومة التي يديرها السيد المالكي والتي أثبتت فشلها في حكم الداخل العراقي أو بمعنى أدق فشلها في فرض ابسط مفاهيم الانسانية ألا وهو الأمن وتوفيره  في الشارع العراقي ‘ فكيف تدير ملفاً بحجم أحياء التحالفات أو خلقها والقفز على حبال السياسة التي لايجيدها لا المالكي ولا وزير خارجيته المعين من قبل الامريكان أنفسهم.
وتحمل الرسالة الثانية أو المفهوم الثاني كما ذكرنا في بداية الموضوع محاولة من طهران لإحياء الحلف القديم بين بغداد وموسكو لكن بوجوه جديدة وتوجهات تختلف كلياً عما كان سائداً في السابق ‘ هذا الحلف قد ينعش من وجهة نظر طهران أحلامها بالسيطرة على المنطقة عبر البوابة الروسية إن هي وفرت الدعم للعراق بأعتباره الحديقة الخلفية للسياسة الإيرانية في الوقت الحاضر ‘ وهي محاولة أيضا ًإن تم لطهران عبر موفدها السيد المالكي ماتريد قد يجمع هذا الحلف موسكو وبغداد وطهران ودمشق يضاف لهم حزب الله ‘ ليكون بموازاة الحلف الأخر غير المعلن والذي يضم الولايات المتحدة وتركيا ودول الخليج والأردن.
لكن بالمقابل نقول هل يستطيع رئيس الوزراء العراقي المضي قدماً خارج الإطار الأمريكي بعد أن دافعت عنه الأخيرة ومكنته من البقاء طيلة هذه الفترة رغم مايوصف به من فشل في الأ داء.
وهذا التصور يعود بنا الى أيام الحرب الباردة التي كانت دائرة مابين المعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة والشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي قبل تفكيكه.
والسؤال الذي لابد منه هنا اثر هذا التصور هو هل تسمح الولايات المتحدة للمالكي الذي اعدته ليكون رجل المرحلة الحالية ليخوض في هذا المعترك ‘ بالطبع لا وقد أستبقت أمريكا الحدث لتعلن عن إعادة انتشار قواتها في المنطقة عبر إرسال قواتها الى كل من العراق والأردن بالإضافة الى قاعدتها الدائمة في أنجرلك التركية وأساطيلها التي تمخر عباب الخليج ‘ يضاف الى ذلك تواجدها في العسكري في كل من قاعدتي العديد والسيليا في قطر.
العقد الذي ابرمه المالكي مع الدب الروسي لايعدو كونه تعويضا لموسكو عما فقدته من جني الثمار بسكوتها علىالإطاحة بالنظام العراقي السابق ووقوفها على الحياد متفرجة على ماحدث ‘ ثم تعويضاص لها عن الحرب التي لم تستفد منها في ليبيا والإطاحة بالعقيد القذافي وهو الذي كان حليفاص لروسيا ايضاً ‘ لذلك نرى الولايات المتحدة غضت الطرف عن مادار في موسكو لدى زيارة المالكي للأخيرة وتوقيعه لعقود تقرب قيمتها من أربعة مليارات ومئتي ألف دولار.
وحسب التصور ان زيارة المالكي رغم ماحملته من معاني ذهب فيها المحللون شتى المذاهب إلا أنها لاتعدوا أكثر من دفع جزء من الكعكة العراقية الى القيادة الروسية لتمييع مواقفها التي بدت صارمة لحد الأن تجاه مايدور في سوريا ودعمها لإيران ولسحبها الى المعسكر الداعي لسقوط الأسد ورحيله عن دمشق التي أحالها الى جحيم.
محاولة الإلتفاف الإيرانية على هذا كله والتخطيط لما أسلفنا تمثل بزيارة وزير الدفاع الإيراني  وإجتماعه مع المالكي وبقية التحالف الوطني قبل زيارته الى موسكو ومن ثم الإعلان عن زيارة الرئيس الإيراني للعراق بعد عودة المالكي من زيارته ‘ وهي الزيارة التي ولدت ميتة ولايأمل لها حظوظ على أرض الواقع ولن يكون لها نصيب من النجاح بقدر تعلق الأمر بمحاولة أحياء صورة الأحلاف القديمة‘ وسوف لن يكون لها أي تأثير على واقع الحال في المنطقة ولن تخرج بحصيلة سوى ما أستفادته روسيا من مليارات نتيجة صفقة السلاح الذي ابرمته مع المالكي ‘ وهذا ماتسمح به السياسة الأمريكة للتخفيف من حدة الموقف الروسي تجاه القضية السورية وهو ماتنبىء به الأحداث اللاحقة والتي تمثلت بوادرها بأعادة الأنتشار الامريكي السريع في العراق والمنطقة‘ فهل يعي السيد المالكي أسباب أحتضانه من قبل الدب الروسي وسط صقيع موسكو.