19 ديسمبر، 2024 2:21 ص

المالكي .. الهاشمي .. المطلك .. فساد الدهر وترقيع العطار

المالكي .. الهاشمي .. المطلك .. فساد الدهر وترقيع العطار

مهاد

لاشك أن خروج القوات الأمريكية  قبل آوان نفاذ الإتفاقية المبرمة بين حكومة المالكي والسيد أوباما  في نهاية العام الحالي 2011 أثار لغطا كبيرا .. فبين ِفرح ومهلل لعودة السيادة للعراق في  حلم  مفاده، رؤية عراق حر تعددي فيدرالي  ديمقراطي جديد ُيبنى  وفقا لمشروع  سياسي عراقي وطني يكون الدستور الدائم  فيه هو الفيصل والحكم ، وبين مشكّكين دائميين  تقودهم نظرية المؤامرة في النظر الى كل زوايا الحياة .. وهناك طرف ثالث  شكلّ  لديه الإنسحاب الأمريكي العسكري الفعلي صدمة مروعة لانه  قد بنى  إستراتيجيات مستقبله ورؤيته للعراق  وفق نظرية البقاء الأزلي الأمريكي وإتخاذ المقاومة المسلحة مهنة دائمة لتمرير مشروعات سياسية وعقد صفقات تجارية بأزهاق أرواح العراقيين حيثما توافرت لها القوة والفرصة .
طرف رابع كافح بضراوة سلمية لخروج الأمريكان وفقا للبديل السياسي الواقعي الأمثل للتعامل مع وجود القوات الأمريكية  وقد أنجز هذا الطرف سعيّه  السياسي  بإقناع الإدارة الإمريكية بالايفاء بوعودها بالانسحاب العسكري .
مثل هكذا محصلة لإطراف أربعة سوف تقودنا الى إشكالية واقعية سياسية  للنظر الى حاضر العراق بعد الخروج العسكري الإمريكي .
الحاضر العراقي الآن  بقيادة سياسة عراقية أشرفت وأدارت ملف التعامل مع القوات الإمريكية .
وهذه إلاشكالية أنتجت أنماطا مختلفة من ردود الفعل ، وكان الخطر الأكبر هو السعي  الى إختصار المشهد العراقي كاملا  ومصادرته من قبل  جهة سياسية مخصوصة .. هذا القلق قد بانت ملامحه من خلال الصراع الذي طغى على سطح الحكومة التنفيذية والمتمثلة في هيئة الرئاسة  ورئاسة الوزراء.
عضو هيئة الرئاسة السيد طارق الهاشمي  ونائب رئيس الوزراء لشؤون الخدمات صالح المطلك  والسيد المالكي رئيس الوزراء هم أطراف هذه المعادلة غير الموزونة  في حاضر ومستقبل العراق بعد انسحاب  القوات العسكرية الإمريكية . لماذا حدث هذا ولمصلحة من؟؟
……………….

طارق الهاشمي  ومهنة الإرهاب 

إن دخول السلطة القضائية العراقية بقوة في حسم ملفات الإرهاب أو الفساد وغيرها  يمثل خطوة متقدمة تحسب لصالح السلطة القضائية في العراق  الجديد ، حيث يكون القضاء غير ُمجيّر  لأيّة  جهة أو طرف أو شخصية ، وماحصل مع السيد الهاشمي يمثل الخطوة الصحيحة لفضح أوراق الجميع مهما بلغ موقعهم الوظيفي أو السياسي .
لقد سبقت مذكرة التوقيف للهاشمي إعترافات لبعض أفراد حمايته تفيد بتورطه شخصيا وأعضاء مكتبه وخاصته في عمليات إرهابية .. سفك فيها الدم العراقي .. بلغت حدا أن صاحب حزب الأمة  العراقي  مثال الالوسي قد أتهم الهاشمي بتسهيل هروب أسعد الهاشمي  قاتل  أولاده .   وبغض النظر عن نوايا المالكي في تسقيط خصومه كما يدعي البعض  حقا أو باطلا ..
فأنني أرى ان السيد طارق  الهاشمي صار موضع شبهة  قضائية جنائية  يجب على السيد نائب رئيس الجمهورية أن يواجهها بمسُؤولية عالية  وُيثبت للقضاء انه بريء حسب ما جاء في إدعائه في المؤتمر الصحفي الذي عقدة في أقليم كردستان العراق !
الادهى والأمر أن الهاشمي المعروف برده القوي لكل إتهام يوجه لقائمته ولحزبه  سمح لنفسه أن يكون  طوع رجال أمن  ينزوله من الطائرة المتوجهة الى السليمانية بمعية النائب الثاني لرئيس الجمهورية  خضير الخزاعي ويعتقلون بعض من إفراد  حمايته ليسمحوا له بركوب الطائرة بعد ساعتين تقريبا ..!!
هل يصح أن يتعرض مسؤول كبير في الحكومة العراقية  ويبقى مستسلما لقدره دون ممارسة صلاحياته  ورفض مغادرة بغداد  والتوجه الى القضاء كما يفعل كل بريء لإثبات براءته ، سيما وأن الهاشمي يملك من الحصانة  الرسمية والقوة السياسية بما يكفي  للمواجهة، وإذا صح الخبر، عن وجود مقايضة سياسية  بين الهاشمي والأقاليم السنية  ، فعلى الهاشمي  أن يكون أكثر قوة  لوجود أوراق ووقائع ثبوتيه  لتورط المالكي والقضاء في   التورط  لإصدار مذكرة التوقيف القانونية ، لكن الهاشمي الذي طار من بغداد ربما في شعور غامض  وهو غير مصدق ، انه سيحط في كردستان ..بعد صدور  مذكرة توقيفه  من قبل  القضاء العراقي ..
ُترى  ماالذي حصل ؟؟
السيد الهاشمي يقسم بأغلظ الإيمان ببراءته من التهم المنسوبة اليه والتي أدلى بها  بعض رجال حمايته .. لم يستطيع أن يفند إلاتهامات  ويبعد نفسه عن الشبهات ، بل أوقع نفسه في خانق  جديد وهو نقل ملف التحقيقات الى كردستان .
الهاشمي العربي الإسلامي  والذي لم يؤمن بسلطة الأقاليم وينتصر لسيادة المركز ونزاهة القضاء العراقي قبل أيام .. يعود لينسف ما بناه العراقيون من جهود لبناء دولة القانون والدستور .. الهاشمي يشرخ الدستور ويشكك بالقضاء وهذا من حقه تماما لو َمثل أمام القضاء بما أوتي من قوة وسلطة لتبديد الصورة التي رسمها له القضاء العراقي أو غريمه المالكي مثلا ..
لا نريد  نهاية للسيد الهاشمي مثل الذي حصل مع ”  حارث الضاري ، عدنان الدليمي ، مشعان الجبوري ، ومحمد الدايني  وغيرهم “.. على العراقيين ساسة وجمهور ان يتجهوا الى أعلاء صوت القانون .. ولا أحد فوق القانون . وعلى الغرماء السياسيين أن يقدموا للقضاء ما بأيدهم من وثاثق تدين كلّ مسؤول من هرم السلطة كالمالكي الى رئيس الجمهورية ..
علينا تفعيل دور القضاء وكما نرى من فعالية لدور مجلس النواب الرقابي والتشريعي ..
أنشروا غسيلكم يا ساسة  العراق .. فالعراق الجديد لا يستقيم بالدسائس والخديعة والمؤمرات .
كما أن على  حكومة الاقليم أن  لا  تكون حاضنة وورقة للضغط على الحكومة المركزية .
على حكومة أقليم  كردستان  أن تمتثل دستوريا لتسليم المتهم طارق الهاشمي  للحكومة المركزية .. ولا تتورط في  إشعال الازمات ..
………………………………………….

صالح المطلك
 ….. في الحفرة
لقد كان وجود السيد صالح المطلك في موقع المسؤولية  مبعث قلق وشك وريبة  لما يحمله هذا الرجل من تاريخ غير بريء بالانتماء الى الماضي العراقي  البعثي .. ولكن صوت المحاصصة كان أقوى فحصل المطلك  على منصب رفيع في الحكومة العراقية  وهو نائب  المالكي  لشؤون الخدمات ..
هذا موقع يتيح  للمطلك ان يكون فاعلا في تنفيذ السياسة الخدمية  الحكومية للعراقيين .. ولكن الرجل الذي بدا اكثر ليونة وشفافية في أول أيام خدمته  ووصف الحكومة  مرارا بالمتناغمه وأثنى على جهود رئيسه المالكي وطاقم العمل الوزراي.. وهو بهذا شريك سياسي  ومسؤول عن الحكومة ايضا . نراه ينقلب وبشكل غير  مهني ويصرح  للأعلام بأن رئيسه المالكي “دكتاتور لا يبني، بينما كان صدام حسين دكتاتورا يبني وعمر العراق”!!
كان بإمكان المطلك أن يوجه نقده لرئيسه ضمن سياقات  العمل في الحكومة العراقية ، ويسجل كلّ ملاحظاته  على إدارة المالكي  ونقلها الى البرلمان أن  حصل شيء غير قانوني عبر قائمته العراقية ،
 هل يعقل أن يكون استخدام الديمقراطية بهذا الشكل الساذج والمستفز؟؟
صالح المطلك  القيادي في القائمة العراقية وّقع على إستقالته من منصبه قبل أن يقيله المالكي  رسميا وفقا  لنص المادة 78 من الدستور العراقي التي  تمنح الحق لرئيس الوزراء إقالة نوابه والوزراء ويرسل الإقالة إلى مجلس النواب لغرض المصادقة عليها”.
وتنص المادة 78 من الدستور العراقي على أن “رئيس مجلس الوزراء هو المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة، والقائد العام للقوات المسلحة، يقوم بإدارة مجلس الوزراء، ويترأس اجتماعاته، وله الحق بإقالة الوزراء، بموافقة مجلس النواب”
…………..

خاتمة
 
 لسنا مع المالكي أو سواه ، ولامع  الذين يبحثون عن حلول توافقية ” طمطمه القضايا” وحلحلة  الأمور طائفيا ” 
.. أنا مع إنتصاب بناء الدولة العراقية الدستورية الحديثة .. الدولة ذات التقاليد الراسخة  في توزيع السلطات الثلاث بعدالة وفصل تامين .  فإذا كان  ” مونتيسكو” يقرّ أن العدالة هي فصل السلطات ، فنرى ان اللعب  بنار المحاصصة والطائفية في مستقبل الدولة العراقية حدّ أحمر لا يجوز  تجاوزه .. فإذا  كان بين المطلك والهاشمي  والمالكي  خيوط سرية  وثارات وعداوات  .. لا نريد أن تطفو على سطح العراق الجديد .
نريد دستورا مع قوة تنفيذية لحمايته  .. نريد ثقافة الإمتثال الى القضاء ليس بالضرورة أن يكون الماثل  مجرما  .. علينا أن نتحلى بثقافة المتهم  بريء حتى تثبت إدانته ,   قبل  المثول  الى قوة العشيرة والحزب والطائفة  .
 إننا شهود لمرحلة جديدة تحتاج الى الانتماء الى مفهوم الدولة والحكومة
[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات