المتتبع للشأن العراقي يجد ان كل من هب ودب أخذ يدلو دلوه في هذا الشأن، فكثرت الكتابات الهابطة والافكار الرخيصة لتبدي رأيا في كل منحى من مناحي الحياة في العراق وعلى وجه الخصوص في المناحي السياسية، وأصبحت الشبكة العنكبوتية تئن من الحمل الثقيل الذي تحمل به في كل ساعة ودقيقة وثانية. ولكن لو دققنا النظر في هذه الكتابات نجد ان معظمها تحمل الافكار والطروحات ذاتها، الأمر الذي لا نحتاج الى نباهة لكي نقول انها كتبت بهدف معين، وبتكليف من جهة أو جهات معينة لها مصالح معينة ومعروفة في هذا الخصوص، أو انها كتبت من منطلق طائفي ومذهبي ضيق. ولا يستهدف اصحاب هذه الكتابات اشخاصا معينين في القارب الذي يستقلونه فحسب، بل يستهدفون كل القارب، دون ان يدركوا ان ما يطرحون من أفكار ستنعكس عليهم وينقلب سحرهم عليهم.
لا ابالغ اذا اقول ان المستهدف الأكبر في العراق هو المالكي، وحده وليس حكومته، ويكال عليه الاتهام دون هوادة: ايراني، طائفي، رافضي، حاقد على السنة، لا يريد الخير للعراق، سارق قوت الشعب، اكثر السياسيين فسادا، يقود البلاد الى الانهيار، ينفرد بالسلطة، وبالتالي هو دكتاتور اسوأ من صدام حسين و.. و…
الى جانب هذه الطروحات يطل علينا احيانا بعض الشخصيات من الجبهة نفسها/ الجبهة المعادية للمالكي ممن استردوا وعيهم المسلوب ليطرحوا افكارا أخرى مخالفة لآراء أسيادهم، أو يتحركوا ضد تيار توجهات قادتهم واضعين نصب اعينهم مصلحة البلاد فوق كل اعتبار، فنراهم يرون في المالكي شخصية اقل ما يقال عنه انه وطني كما صرح به خلف العليان في احد البرامج التلفزيونية، أو كما تحرك بعض قادة العراقية عندما تمردوا على توجهات قادتهم، واعلنوا اما انسحابهم من القائمة أو مشاركتهم في جلسات البرلمان ضاربين عرض الحائط حظر قادتهم في المشاركة في جلسات البرلمان الذي يفترض فيه ان يكون فوق كل اعتبار..
ويبقى الشعب المسكين حائرا امام هذين المشهدين المتناقضين ولا يتمكن من ان يتمالك نفسه من طرح جملة من الاجوبة التي باتت تثقل اذهانه:
* اذا كان الانتقاد الموجه الى حكومة المالكي صادرا من بعض الفئات المشاركة في الحكومة فما الذي يبقيهم جزءا من هذه الحكومة الفاسدة؟
* إذا كان المالكي دكتاتورا أسواء من صدام حسين فما الذي جعل صالح المطلك لا يصفه بهذه الصفة عندما كان يتربع على كرسي جنب كرسي المالكي؟ وما الذي جعله يستمر معه في “حكومة فاسدة”.
* واذا كان القضاء العراقي غير نزيه ومسيسا كما يصفه طارق الهاشمي ويبرر بذلك سبب عدم تسليم نفسه الى هذا القضاء بعد الاتهام الموجه إليه، فلماذا لم يعترض عليه طيلة هذه السنوات التي كان يتربع بها على ارفع منصب سيادي في الدولة العراقية؟ بل كان دائما يشيد بهذا القضاء العادل غير المنحاز لأي جهة سياسية؟
* ثم ما الذي جعل طارق الهاشمي يستجير بالأكراد ويغير رأيه بهم بعد ان كان يصر على وجوب تعيين عراقي عربي لرئاسة العراق بدلا من “فخامة الرئيس” الحالي كما اعتاد على تسميته بعد الاستنجاد به؟ وهل غير الطالباني قوميته ولبس العباءة العربية ليغير الهاشمي رأيه فيه؟
اسئلة ستجبرهم على مواجهة شعبهم عاجلا أو اجلا امام التاريخ الذي لن يرحم احدا منهم، حيا كان أو ميتا!
ان هناك وبلا شك خللا في جبهة المالكي لافتقادهم الى من يرد على مشوهي سمعتهم وواضعي العراقيل تلو العراقيل امام حكومتهم ليفشلوا مشروعها الوطني، ولا اقصد هنا ان يقتنوا كلابا لتسلطيها على كل من ينبح وراء مسيرة هذه الحكومة، بل ان يواجهوا شعبهم بالحقائق بكل شفافية ويفضحوا خصومهم دون تردد أو تأجيل، لان القارب الذي يسير بهم في عرض البحر قد لا يوصلهم الى البر ابدا.. وعند ذاك لا ينفع العمل في الوقت الضائع. وينبغي الا ينسوا ان التحشد الاعلامي الهائل والقذر الذي تسخره جهات غير عراقية لا تريد الخير للعراق لتشويه صورة الوطنيين والنيل منهم وتجميل الصور البشعة لخصومهم باختلاق الازمات والاكاذيب والافتراءات اصبح ينخر الجسد العراقي واللحمة العراقية للقضاء على العراق الواحد الموحد.. والا لن تنفع الندامة ولن يتسنى للشعب القيام بانتفاضة شعبانية ثانية…
[email protected]