18 ديسمبر، 2024 9:59 م

المالكي اضاع الفرصة

المالكي اضاع الفرصة

اشهر عديدة مرت على الاعلان عن الحملة الوطنية لالغاء تقاعد النواب واعضاء مجالس المحافظات والمجالس البلدية والوزراء واصحاب الدرجات الخاصة . لاقت الحملة تأييدا واسعا من كل اطياف المجتمع وفي اغلب المحافظات وحتى القوى السياسية الحاكمة ابدت تأييدا خجولا بعد ان فشلت في تجيير الحملة لمصلحتها والاستيلاء عليها . هذه الحملة ، لوحدها ، تشكل تجسيدا حيا واستعادة للحمة وطنية وتعايش وانسجام مجتمعي تراجع و اختفى وسط دوامة الحشد والتجييش الطائفي والعرقي ، وهي اكثر جدوى من الملايين التي تصرف على هيئات المصالحة ولجانها ومؤتمراتها ، هذه الحملة تطبيق حي لنعرف ، جميعا ، ان بامكاننا العيش معا وان المشتركات بيننا اكبر من اي خلاف .
في وقت مبكر تم تحديد موعد التظاهرات ، اراد القائمون على الحملة منح الوقت الكافي للاستعدادت والتحضير من جهة والضغط على  الجهات المعنية لتلبية المطالب قبل موعد التظاهرات إن امكن ، وصلت رسائل غير قاطعة بامكانية ذلك مطلع الشهر القادم لكن سرعان ما تم التعمية عليها وحين اقترب الموعد وصلت الرسالة الحقيقية من البرلمان ومفادها الرفض للتظاهر بحجة الخوف من امور لاتحمد عقباها ، تلك الامور التي لاتحمد عقباها من وجهة نظر لجنة الامن البرلمانية يقصد بها الفوضى التى قد تنجم عن التظاهر وليس حرمانهم من تلك الامتيازات كما اعتقد اصحاب الظن السيء ومنهم كاتب السطور.
حجة الخوف من امور لاتحمد عقباها مبررة اذا صدرت من الجهة المستهدفة بالتظاهر ، وقد تكون لها بعض العذر اذا صدرت من الداخلية وتحديدا في بغداد مقابل الموافقة عليها في المحافظات نظرا لتفاوت الوضع الامني ، رغم اننا لم نكن نتمنى ان نرى الحكومة والجهات الامنية بهذا الموقف المحرج حين تسمح لتظاهرات وتمنع اخرى . لكن الغريب هو موقف الحكومة المائع حيال الامر ، فقد بدأت الحملة قبل اربعة اشهر وتم اعلان موعد التظاهر قبل شهرين وحددت هدفها الوحيد بوضوح  وهذه مدة اكثر من كافية لرئيس الوزراء ان يحسم امره بشأنها . لكننا لم نسمع اي موقف واضح ولم نعد نعرف المواقف الحقيقية من المزيفة ولاندري كيف تفكر الحكومة هل هونت من الامر وفي بالها صورة الاعداد الهزيلة التي نزلت في مرات سابقة ام هي منشغلة بامور اخرى مختلفة تماما ام استجد شيء لانعلمه؟ 
 اغلب الظن ان المالكي ليس شديد الحرص ان يبقى النواب على هذه الامتيازات ، وهو كما نعرف لايحمل لهم ود كبير ولايهيم عشقا بمناكفاتهم وان كانت عقيمة مثلما هم لايطيقون له صورة ولا حديث ، والسياسة والمنطق يقولان ان عليه ان يدعم هذه الحملة ويوظفها بحكمة لمحاربة خصومه واستعادة شعبيته التي بدأت تخفت شيئا فشيئا وان هذه الحملة ورقة رابحة نزلت عليه من حيث لايحتسب وكنا نتوقع من المالكي ان يتصدر احدى هذه التظاهرات ولو بطريقة استعراضية وان يعلن دعمه لها وان يرسل رسائل التطمين للمتظاهرين بحمايتهم وتوجيه الجهات الامنية بعدم الاعتداء عليهم خصوصا وانها لاتستهدفه بل تستهدف خصومه الذين طالما اشتكى منهم ومن اعاقتهم لعمله ولاننا نتفهم القلق من الوضع الامني تأملنا ماهو افضل من هذا ان يبادر الى اقناص الفرصة واستغلالها بذكاء وهذا لايتطلب منه سوى اعداد مسودة قانون يلبي مطالب الحملة ويرفعه للبرلمان وبهذا يتجنب مخاوفه الامنية من نزول المتظاهرين ويحرج النواب برمي الكرة في ملعبهم ويكسب رضا الشعب الذي يرى حكومته تستجيب للمطالب والاهم من ذلك كله الرسالة التي يجب ان تهمه كثيرا انه سيفهم الناس حينها انه ليس دكتاتورا كما يدعي خصومه وان البرلمان اعلى سلطة منه ، فما الذي يمنع المالكي من اقتناص هذه الفرصة ؟ مالذي يفعله فريق الجهابذة المقربين ؟ كيف ينظرون للامور ؟ لماذا لم يُعد مثل هذا القانون ويرفع حتى الساعة ولم يبقى الا القليل الى يوم ٣١ / ٨  ؟  لا احد يعلم او يستطيع التخمين ، لكن الاكيد انه ومن حوله يتحملون مسؤولية مايترتب على تجاهلهم لهذه الحملة وجهلهم في الاستفادة منها .