مثل حكايات ألف ليلة وليلة، هكذا تبدو صورة الإخراج السياسي لعفاريت الجن في كواليس صناعة القرار العراقي، وكما كانت شهرزاد تحكي لشهريار حكايات قبل النوم، يبدو أن رئيس الوزراء العراقي يمتلك مهارة كبرى في التعامل مع متغيرات الواقع، فكما كان الأمس القريب يتكرر الحديث عن التحالف الشيعي الكردي، والعمل المشترك خلال المعارضة لإسقاط النظام الصدامي البائد.
مشكلة الكثيرين أنهم لا يقرأون ما بين سطور التصريحات الأخيرة للمالكي في الأسبوع الماضي وأبرزها تحذيراته لإقليم كردستان في معارضة قرارات الحكومة الاتحادية، حتى وصل الأمر ببعض نوابه في كتلة دولة القانون التي يتزعمها إلى الدعوة لتشكيل قيادة عمليات الشمال ويكون مركزها في أربيل !! وهي المعترضة على تشكيل قيادة عمليات دجلة لأنها تضم فقط ما يوصف كرديا بالمناطق المستقطعة أو المتنازع عليها، فيما وصفها المالكي بذكاء واضح بكونها مناطق مختلطة السكان!! هذه النبرة المستجدة في حديث المالكي مع الأكراد وان انضم إليهم الرئيس جلال طالباني، الحليف الأوثق للأحزاب الشيعية، وطالب التحالف الوطني بإعلان موقفه من تصريحات تضر بهذا التحالف، لكن المالكي رد عليه بأن هذا التحالف هو من منحه منصب رئيس الجمهورية، وهذا صحيح، لأن الأميركان سبق وان منحوه في حكومة إياد علاوي إلى العرب السنة، ومنح منصب رئاسة الجمعية الوطنية إلى الأكراد.
السؤال الكبير الذي تطرحه تصريحات المالكي ومواقف الأكراد بجميع أحزابهم ، أن عراق اليوم وهو على أبواب الانتخابات المحلية ومن ثم البرلمانية، ليس عراق 2003 ، حينما قفز الأكراد إلى خارج حدود الإقليم الذي عرف بـ” الملاذ الآمن” وفقا للقرار 661، ومن ثم قفز مرة أخرى بعد الاستيلاء على أسلحة الجيش العراقي السابق لتكون البيشمركة ليس مجرد شرطة وحرس للغابات، بل جيش نظامي لدولة تريد الانفصال، ولا تفكر بالاستحياء عن الإعلان عن هذه الرغبة ؟؟ كل ذلك يجعل حكايات ألف ليلة وليلة بنسختها العراقية الجديدة، تكشف عن الكثير من خفايا اتفاقات سابقة، باتت من الأمس البعيد وتحتاج إلى اتفاقات جديدة قبل تشكيل حكومة أغلبية سياسية مقبلة.