ضعف الرجل بان للجميع ، وافتقاده لمميزات القائد الحازم الحاسم الذي يتخذ القرار الصحيح في التوقيت المناسب أصبحت من بديهيات التحليل والأستقراء لكل مراقب منصف للشأن العراقي ، لكن حيدر العبادي ، ورغم كل ذلك فهو يشترك مع معظم سياسيوا حزب الدعوة بكثرة (التفلسف) والتمسلت والتبرير والتخدير وترتيب الكلمات بمستوى يضاهي ترتيبها المطول الممل الموجود في كتاب التاريخ للسادس الأعدادي الأدبي .. وبرغم ان الرجل لم يدّعي لحد الآن (الفلاشكوردنية) نسبة الى فلاش كوردن وفق التصريحات الأشيقرية .. إلا أنه ما زال يعتبر نفسه عندما يقف أمام المرآة في الحمّام أنه مصلح جيد وبأمكانه أن يخرج العراق من وحلته ، رغم أنه ما زال لحد الآن لم يفهم وفق الغباء (الدعوجي) المتأصل فيه وفي جماعته ، ما هي مقاصد الثائرين وماذا يريدون بالضبط .
وقد بدأ ضعف الرجل وخوفه وارتعاش يده يؤثر في نواحي خطيرة وحساسة على اسلوب ادارة الملف الأمني والأقتصادي في العراق .. فقد وصل الرجل الى درجة من الخوف والأرتعاش بمكان ، بحيث أنه لم يعد بأمكانه اسناد قادته الميدانيين الكبار ممن ينفذون اوامره هو شخصيا كقائد عام ، أو ممن ينفذون الأوامر العسكرية بحرفية وكفاءة ووطنية دون التدخل في الجانب السياسي منها .. وعلى سبيل المثال فان العبادي ما زال يقف موقف المتفرج من الهجمة الأعلامية الميليشاوية الشرسة التي يتعرض لها قائد عمليات بغداد دون أي تصريح او تلميح رئاسي يبرر للمواطن ان هذا القائد المهني عندما طوّق حي المهندسين في بغداد وغيره كان ينفذ اوامر القيادة العسكرية العليا ، ولكي يحافظ على سمعة الدولة وقوة القانون .. وهو أمر بدأ يؤرق معظم القيادات العسكرية والأمنية التي وجدت نفسها في حيرة بين تنفيذ القانون وأوامر قيادة مرتعشة وبين مداهنة ومسايسة الميليشيات المنفلتة التي أرعبت قائدهم العام ومكتبه الخاص .
أما ضعف العبادي في الأصلاحات الأقتصادية فقد تجلى واضحا في الاستشارات الفاشلة العمياء التي يقدمها له مستشاره الأقتصادي الفاشل بامتياز مظهر محمد صالح العاني والتي كانت الرؤيا الضيقة لها والفشل الذريع في ايجاد مصادر داعمة للتمويل هي السمة الأساسية فيها ، حيث كانت ذات تأثير وحيد حصري ومباشر على راتب الموظف المدني والعسكري على حد سواء ، ولم نجد لها تأثيرا في أي مجل آخر .. فقد اصبح استلام الراتب هو عيد وطني بعد التأخير الشهري المزمن له وعدم الأستطاعة في تحديد مواعيد ثابته لتوزيعه .. ويتحجج العبادي وبلسان مستشاره الأقتصادي الفطحل أن في العراق أكثر من ثلاثة أو اربعة ملايين موظف .. ونحن نسأل العبادي كيف توزع دولة مثل مصر رواتب واحد وعشرون مليون موظف وميزانيتها لا تتجاوز ربع ميزانية العراق وهي دولة ليست لا بالنفطية ولا بالبانزينية ولا حتى بصخام وجهكم .
عوامل الضعف المزمن والمتصاعد تلك أعطت للميليشيات التي انفردت بقراراتها العسكرية والأمنية والأقتصادية والسياسية ، نقول أعطتها الشعور بضرورة سرعة التحرك واستغلال ارتعاش العبادي وحكومته وقياداته الأمنية .. ومن المؤكد أن هجرة مئات الآلاف من شباب العراق الى دول المهجر ، و90% من هؤلاء هم من شباب الحشد الشعبي قد أعطت شعورا لقيادات الميليشيات بضرورة سرعة التحرك والسيطرة (الأنقلابية) على النصف المتبقي من العراق واستغلال القوى المتبقية لها قبل أن تباشر بقايا شباب الحشد بالهروب أيضا الى المهجر بعد أن اكتشف اولائك الشباب المستغفلين ان (التقديس) في العراق قد طال كل شيء إلا حياتهم ومستقبلهم المنشود .. فهم اكتشفوا أخيرا زيف ودجل ومسخرة شعارات تجار الدين عندما جعلوا المرجعية مقدسة ومدينة الصدر مقدسة والموصل مقدسة وسبايكر مقدسة والحشد الشعبي مقدس وحربنا مقدسة وتحالفنا مع الجارة اياها مقدس و(صـُ..م) أو بواسير العطية مقدسة وتفسيرات المحمود مقدسة وخدود عالية نصيف مقدسة وبقاء الحكومة مقدس وبقاء البرلمان مقدس والدستور مقدس وعدم المساس بمجالس المحافظات مقدس واستيراد الكرفس من ايران مقدس وكل شيء مقدس في بلد اوصله التقديس الى المزابل .. ولم يطال ذلك التقديس كرامة ودماء وحرية ولقمة المواطن المسكين المبتلى ، رغم ان ديننا الأسلامي الحنيف عندما ارسل الينا كانت أول راية أو هدفا يرفعه ذلك الدين هو انهاء عبودية البشر للبشر ، وتقديس الروح البشرية ومكانتها عند رب العباد .