رئيس الوزراء الحالي (المالكي) معجب ببرامج الزعيم عبد الكريم قاسم وخاصة مهارته في البقاء في السلطة. نعم، هذا ماقاله المالكي لـ”رايان كروكر”، من ثم تحدث كروكر”كان قاسم بارعاً في التقاطع الثنائي والثلاثي، كان يدعم فصيلاً ضد آخر وعندما يسوء الأمر يدعم الفصيل الاخر كي لاتزيد قوة إحداهما”. لكي يفعل المالكي مثلما فعل قاسم، قال لكروكر” عليّ أن أبقى أرقص طوال الوقت”. هذا مانقله لنا الصحفي دكستر فلكينز حسب ترجمة (المدى).
في اللحظات الأخيرة من الولاية الثانية، أدرك المالكي وفريقه السياسي الصعوبات التي تواجها المالكية قي تحقيق الولاية الثالثة، إن كانت تلك الصعوبات هي خارجية، أو داخلية.. داخل البيت الشيعي بشقيه السياسي-الديني. كان من الملزم صناعة ورقة سياسية تطغي على المشهد السياسي وتعبأ جمهور لصالح دولة الولاية الثالثة، أتباع المالكي لم يجدوا ديمغرافية سياسية-أجتماعية-أمنية، مثلما وجودها في الأنبار بحجج عدة (داعش، اعتصامات، إرهاب)، عبر وسائل تقليدية (جيش، قضاء، سجون و.. و..). كل هذا من أجل صناعة خوف شيعي وعدو يقف أمامهم يهددهم. إذاً أشتراط تحقيق رقم عالي في الإنتخابات موافق على ولاية ثالثة، جعل من الخوف الشيعي وصناعة العدو.. الورقة الوحيدة القابلة لإنجاز ذلك.
دخول الجيش إلى الأنبار يتطلب كسب أصدقاء جدد من داخل الأنبار، يشرعنون دخول الجيش ويوفروا له أرضية للقتال. بمعنى أدق دخول المالكي لظرب اعداءه في الأنبار يتطلب ذلك صناعة “ضد نوعي”، وأعني هنا في”الضد النواعي”، هو من خلال إعلان المعركة من الفريق(أ) ضد(ب)، يفكر حينها الفريق(أ) لصناعة مواجهة داخلية في الفريق(ب) لإضعاف قوته، ولشرعنة توجهات الفريق(أ) في نفس الوقت.
الضد النوعي الذي كان المالكي يرقص معهم، هم وكما معروف كل من: 1- أحمد خلف الدليمي، 2- أحمد أبو ريشة، 3- سعدون الدليمي. وفر لهؤلاء أمكانيات كبيرة (مال، نفوذ، سلطة)، حقق من خلالهم مكاسب واطالوا له المعركة..
ماذا بعد؟ أنتهت الإنتخابات.. ماهي الخطوة الثانية؟ الأنبار لم تعد ورقة صالحة.. كيف باستطاعتهم إيقاف القصف وإطلاق النار؟
اللقاء الودي الذي جرى بين طرفي النزاع على أرض عمان وفي فندق”الفور سيزن” يكفي لإنهاء أزمة أصبحت ورقتها محروقة بالنسبة للمالكي، ويكفي لقلب المعادلة داخل الأنبار، وتحويل الصراع من بين فئتين إلى صراع داخل فئة واحدة.
الشخصيات التي تفاوضات في عمان مع الاطراف الحكومية، خرجت إلى الإعلام لتتخلى فجأة عن الأنتقادات التي كانت توجهها ضد حكومة بغداد، ولتتحول إنتقاداتها من الأنبار- بغداد، إلى الأنبار- الأنبار. بمعنى أن يتحول الصراع من المعادلة (أطراف المجلس العشائري-العسكري، الحكومة) إلى صراع داخلي بين المجلس المذكور وبين الثلاثي الذي صنعَ كـ “ضد نوعي”.
بالتالي أصبح (أحمد خلف الدليمي، أحمد أبو ريشة، سعدون الدليمي) كبش فداء لفكرة الولاية الثالثة، سوف يستفاد منها المالكي من الان، بعد أن يترك ساحة المعركة لفئة تتناحر في مابينها، ويجلس مع طارق نجم للمضي بمشروع الولاية القادمة، ومن بعدها عندما يسأل المالكي عن أزمة الأنبار، سيجب في وسائل الإعلام قائلاً: كان المفروض المحافظ وسعدون وابو ريشة يكَلولي!! مثلما فعلها سابقاً مع حبيبه حسين الشهرستاني…