23 ديسمبر، 2024 3:43 ص

الماضي يعيد نفسه مع الخالصية

الماضي يعيد نفسه مع الخالصية

الماضي ليس ببعيد، فمن يعود ليستنكر الماضي أو يقلب الأحداث التي مر بها العراق، ويقف قريباً منها لا يستغرب مما نحن فيه الْيَوْمَ، من تناقضات وتشتت في الرأي العراقي، فما حدث في الامس هو تسلسل لما نشهده الْيَوْمَ، فلا فرق بين الخالصي في خمسينات القرن الماضي والخالصي في ٢٠١٨، فهما امتداد لبعضهما، أي سلسلة متواصلة لسياسة الأثنين.

يتحدث الدكتور علي الوردي عن الشيخ (محمد الخالصي) أن الشيخ ضَل في ايران بعد النفي حتى عام ١٩٤٩، ثم عاد الى العراق بعد حصوله على موافقة خاصة من (الأمير عبد الإله) الوصي على العرش، بوساطة من نائب رئيس مجلس الأعيان الحاج (عبد الهادي الجلبي)، حيث استقبل استقبلاً رسمياً وشعبياً عند دخوله العراق، وتهافت عليه الناس في اول مجيئه، لكنهم بدؤا ينفضون عنه شيئاً فشيئاً، لعدة أسباب لا يسع المكان لذكرها، لكن من أهمها هو:
أولاً: تحريمه للشهادة الثالثة (اشهد ان علياً ولي الله)، في الآذان والإقامة، في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان سنة ١٩٥٩.

ثانياً: تعريضه بكبار العلماء والمراجع في حوزة النجف الأشرف، بشكل سافر في خطب الجمعة التي يقيمها في الكاظمية، تحت سمع وبصر اجهزة الدولة.

لاقى علماء الكاظمية الكثير من الأذى على يديه ويدي اتباعه، وصل الحال الى التصفية الجسدية، ومن بين من تعرضوا لذلك العلامة المجدد السيد (هبة الدين الشهرستاني)، وابن عمه آية الله الشيخ (محمد صادق الخالصي)، وآية الله السيد (مهدي الواعظ)، والعلامة الخطيب (هادي شطيط)، الذي بقى مصرعه في كمين نصب له من قبلهم، أثناء توجهه لقراءة احد المجاس الحسينية في الكاظمية.

توفى الشيخ (محمد الخالصي) سنة ١٩٦٣، ليأتي بعده ولده الشيخ (مهدي الخالصي) ليكمل ادوار ابيه، وهذا ما راهن عليه (عبد السلام عارف)، كأحد الأدوات التي يستخدمها في معركته ضد المرجعية في النجف الأشرف، وكان يرفدهم بالمال والسلاح، وهذا ما تبين لاحقاً أثناء التحقيق في قضية الاعتداء على آية الله السيد (اسماعيل الصدر)، حيث اتهم الأخير بالتحريض والاعتداء عليه، عندما اقدم شخص بطعن الخالصي، “واصل القضية هي: ان أحداً جاء مسلماً على الخالصي وضربه بسكين، وكان ذلك الشخص هو مدير أمن في حكومة (عبد السلام عارف) تحدث بها شخصياً للسيد (مهدي الحَكِيم)، بعدما تم عزله من منصبه، على شكل اعتذار”، وكيف ألصقوها للسيد (اسماعيل الصدر)، وفيها حديث طويل، من يريد الاطلاع فاليراجع كتاب (السيد محمد باقر الصدر في ذاكرة العراق) للكاتب صلاح الخرسان)، ص291، وبعد هذه الحادثة اشتد عداء الخالصية لعلماء الكاظمية والنجف.

فلا نستغرب الْيَوْمَ عندما يقوم (جواد الخالصي) حفيد (مهدي الخالصي)، بالدعوة الى مقاطعة الانتخابات، على حد قوله “من يذهب الى الانتخابات فهو احمق وجاهل وآثم، ومن يذهب للإنتخابات يخون العراق خيانة عملية” فالخالصية معروفون بالضد لكل ما يصدر عن النجف، لكن لم يسأله أحداً عن البدائل؟ وكيف الخروج من الفراغ الدستوري الذي سيكون فيه العراق؟.

إن مقاطعة الانتخاب حق لكل فرد عراقي، فالقرار قراره وهو حر بما يراه مناسباً، لكن هل هناك بديل آخر بعد المقاطعة؟ أم نرجع الى٢٠٠٣ وننتظر ان يكون العراق تحت وصاية الأمم المتحدة، وان تضع أمريكا #بريمر جديد ليحكم العراق حكم عسكري، وان يأتون #بالعبثية كمعارضين جدد ليحكموا العراق، هذا ما يسعى اليه الكثير.

جواد الخالصي يَتهم الكل بالفساد، والناخبين بالحمقى والجهلة والخونة اذا ما اقدموا على الانتخابات، لماذا لا يتصدى هو للمشهد السياسي؟ ويأتي بسياسيين شرفاء تحت قائمة معينة ويدعمها ليكونوا بدلاء عن ما موجود في الساحة السياسية، فهذا الامر لا ينقص من مكانته, ولا يحرمه من #قيمر_العرب_والعسل، على العكس يزيد من ترفه وعدد حماياته, ويقوي من كلمته داخل المشهد العراقي, ويجعل له الكلمة الطولى على الحكومة والسياسيين، فدعواه تلك تؤسس لإحتلال جديد للعراق بإسم حماية العملية السياسية وحماية حقوق الشعب العراقي الذي لاقى الويلات من تلك الخلافات والصراعات البينية