23 ديسمبر، 2024 8:44 ص

المادة 56 انتخابات

المادة 56 انتخابات

الانتخابات في العراق حالياُ هي محل الجدل الأكبر في وقتها وفي تحالفاتها وفي تفاصيلها كافة، ولن نتحدث عن تفاصيلها كافة قطعاً وإنما سنتحدث عن إمكانية التأجيل من عدمها قانونياً.

فبالنسبة لانتخابات مجالس المحافظات فهي مؤجلة حالياً لأن موعد إقامتها مر دون إقامة انتخابات، والاستمرار بذلك لا يمثل تحدياً كبيراً من ناحية قانونية لأن التأجيل حاصل فعلاً وسهل المؤونة حيث ورد في المادة (46) من قانون انتخاب مجالس المحافظات والاقضية والنواحي لسنة 2008 المعدل ما نصه:

أولاً – يحدد موعد الانتخابات بقرار من مجلس الوزراء بناء على اقتراح من المفوضية يعلن عنه بوسائل الأعلام المختلفة قبل الموعد المحدد لإجرائه بــ (60) يوماً.

ثانياً- يتم التصويت في يوم واحد لمجالس المحافظات.

ثالثاً – في حالة تأجيل الانتخابات تستمر مجالس المحافظات و الأقضية والنواحي في إدارة شؤونها لحين انتخاب مجالس جديدة.

وهذا يعني إن قرار التأجيل ممكن أن يصدر من مجلس الوزراء بتوجيه إلى المفوضية ويمكن إهمال الموضوع لحين الموعد اللاحق للانتخابات في موعدها المقرر أي في سنة 2020 دون أي توجيه استناداً للتأجيل الساري المفعول حالياً.

أما بالنسبة لانتخابات مجلس النواب فالمادة (56) من الدستور العراقي الدائم لسنة 2005 والمتعلقة بهذا الموضوع تنص على :

أولاً :ـ تكون مدة الدورة الانتخابية لمجلس النواب أربع سنواتٍ تقويمية، تبدأ بأول جلسةٍ له، وتنتهي بنهاية السنة الرابعة.

ثانياً :ـ يجري انتخاب مجلس النواب الجديد قبل خمسةٍ واربعين يوماً من تاريخ انتهاء الدورة الانتخابية السابقة.

وهي واضحة في بيان المدة ولعدم وجود سابقة قانونية فالأمر يتطلب مخرجاً قانونياً في حال تم الاتفاق سياسياً على التأجيل.

هذا من ناحية النصوص القانونية أما من ناحية التوجهات السياسية فهناك توجهات طالبة للتأجيل بمعطيات متعلقة بوضع النازحين والمحافظات المحررة وتخوفاً ردود الأفعال والمواقف، وهناك جهات تدعو للانتخابات بقوة كجناح المالكي وأغلب قوى الحشد الشعبية الشيعية والسنية مرة للاستفادة من زخم الانتصارات وتخوفاً من حكومة طوارئ محتملة، وهناك توجهات مع الانتخابات في العلن ومع التأجيل في الواقع ولعلها ليست جهات قليلة.

أما ما متوقع تجاه ذلك فالجدل السياسي والقانوني والتوجهات الخارجية والغضب الداخلي سواء في الداخل الشيعي أو السني أو الكردي فالوضع في غليان مع اختلاف في بعض الأسباب ولكن الجامع بينها الفشل السياسي والاقتصادي، إضافة إلى وضع المفوضية والوضع الاقتصادي والأمني وعدم اكتمال بعض التشريعات وعدم إقرار الموازنة، كل ذلك سيكون له تأثيره في التأجيل من عدمه ونحن وفق ذلك أمام الخيارات التالية:

الأول: إجراء الانتخابات النيابية والمحلية في وقتها المقرر في آيار القادم، وهذا احتمال بدأ يضعف بمرور الوقت.

الثاني: تأجيل إجراء الانتخابات النيابية والمحلية إلى تشرين الأول القادم، وهذا احتمال وارد وبدأ التداول به بشكل كبير باعتبار إنه يعالج الكثير من المبررات ويطمئن المتخوفين من حكومة طوارئ.

الثالث: تأجيل الانتخابات النيابية والمحلية كل واحدة إلى موعدها التالي أي دورة انتخابية كاملة، وهذا الاحتمال وارد وتعمل عليه بعض الجهات والتخوف المهم بخصوصه إضافة لصعوبة الجانب القانوني بالنسبة للانتخابات النيابية هو إن ذلك سيتطلب تجميد عمل مجلس النواب وإعلان حكومة طوارئ ربما وهذا مورد تخوف من كثيرين ومورد رغبة من بعض الجهات وربما بعض الضواغط الخارجية.

الرابع: تأجيل الانتخابات المحلية فقط وإجراء الانتخابات النيابية أما في موعدها المقرر أو في تشرين القادم ولعل هذا هو الاحتمال الأرجح وفق المعطيات الحالية وهذا الاحتمال تعمل عليه عدة جهات لأنها ترى إنه يرضي أغلب الأطراف المتصارعة بشأن موعد الانتخابات.

بقي أن نشير إلا إنه في الثقافة الشعبية العراقية الحالية يستخدم الرقم (56) للإشارة إلى الاحتيال، وقصة ذلك إن المادة من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969م المعدل النافذ والتي تتحدث عن عقوبة النصب والاحتيال هي المادة (456) والتي تسمى اختصاراً في المحاكم وبين أفراد الشرطة بالمادة (56) ومن هنا نشأ استخدام هذا المصطلح للدلالة على الاحتيال والنصب، وصار هذا الرقم يمثل إشارة غير مرغوب بها يتجنبه الكثيرون كما تم تغيير رقم القرار الصادر بتشكيل لجنة بخصوص خور عبدالله في مجلس النواب من رقم 56 إلى رقم آخر نتيجة التخوف من السخرية واستخدام ذلك في الكلام ضد اللجنة، فيبدو إن كون المادة (56) من الدستور العراقي نذير شؤم من هذه الناحية ولكنها إضافة لكونها صعبة في التعامل معها لتأجيل الانتخابات فهي صعبة في التعديل جداً لأن الدستور العراقي من الدساتير الجامدة وتغييره يتطلب إجراءات صعبة جداً ولعلها شبه مستحيلة في الظروف الحالية.