تعتبر فحوى القرارات السياسية هذه الايام من القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي علي انها قرارات دستورية المبدأ، عقلانية التطبيق، الا ان المؤسسة العسكرية في الجزائر وعلي غرار المؤسسات الصلبة تعتمد علي منهج لين وتوافقي، مما يوحي ان هذه المؤسسة اصبحت والي حل قريب مؤسسه ذات ابعاد سياسية، وتوجهات دستورية، لا تقارن مع اقرانها من المؤسسات الصلبة في دول العالم النامية او (محور العسكر)،واذا لاحظنا، تجارب المؤسسات العسكرية في غمار الساحة السياسية وتغيير الانظمة، في افريقيا عامة، نري ان منهج المؤسسة العسكرية في الجزائر اخذ منحي مغاير تماما، من حيث المبدأ، ومن حيث التوجه، ومن حيث التطبيق، فأما، من ناحية المبدأ فنلاحظ ان المؤسسة العسكرية الجزائرية ذات مبدأ شعبي ونتيجة ثورة مجيدة حيث ان الجيش من مهد لبروز الدولة، والدولة من احتضنت الجيش اي ان العلاقات هنا علاقات تاثير وتاثر، فالجيش الجزائري جيش من الشعب وليس جيش مرتزقة جيش ذو توجه وطني. وذو ابعاد نوفمبرية محضة تربط بين بيان نوفمبر والافكار العصرية للدولة الوطنية، و اما من ناحية التطبيق فان قرارات المؤسسة العسكرية كانت قرارات موضوعية ودستورية، تخدم اغلبية الشعب، وهي الذهاب الي انتخابات نزيهة وشفافة تضمن للشعب صندوق شفاف وضمانات سياسية وقانونية اولها الحوار واخرها الهيئة المستقلة لتنظيم الانتخابات، غير انا هناك من يريد اقحام المؤسسة العسكرية في الجزائر الي نفق الفراغ الدستور او الشاطي الخطير لسياسة التعيين المبرمة، والتي لا تخدم الجزائر كدولة، ولا تخدمها كسيادة، ولا تخدم حقوق الشعب، فحق الشعب مربوط بالانتخاب، لا بالتعين، مربوط بالصندوق، لا بالمجالس التأسيسية، فالمؤسسة العسكرية تخوض غمار سياسي دستوري، ويعود ذلك الاقحام الي غياب المبادرات والحلول السياسية الدستورية، فهي تقحم نفسها بطريقة غير مباشرة، وبدور دستوري، وتقنيات عصرية وهذه عادة لا تحدث في دول العالم الثالث، وما يعرفه منظور العلاقات المدنية العسكرية، من هيمنة المؤسسات الصلبة دائما، فالمؤسسة العسكرية في الجزائر تخوض غمار سياسي، بطرق عصرية، وتقنيات حديثة، اولها الاعتماد علي المعلومة الصحيحة، واخرها الحرص علي امن الجزائر والجزائريين، فالتوجه الجديد للمؤسسة العسكرية هو ذو طابع لين، عقلاني، وموضوعي، منبعه العقل وذو توجهات استشرافيه، فقرارات المؤسسة العسكرية (اقتراحاتها)اصبحت تأييد الاغلبية لها ولهذا فان هذا التأييد جعل الاغلبية الغالبة تثق في قرارات المؤسسة العسكرية، مما يؤكد ان هذه المؤسسة غيرة كل توجهاتها السياسية، وذلك من خلال اتباع نهج التبصر والين، والتمسك في المخارج الدستورية، علي غرار ماجري في عدة دول شقيقة مثل، تونس، ليبيا، مصر، والسودان حاليا فهذه الدول انقلبت مؤسساتها العسكرية، وتوقت مطالب الشعب، وذلك من خلال انتهاج سبل القوة، واظهارها، مما ادي الي قمع هذه الشعوب باسم القوة، والحكم للقوي، اما ما تحدثه المؤسسة العسكرية في الجزائر هو عبارة علي دروس مستقى من الماضي، ومبادئ مستنبطة من الحاضر، وقد ادرجت في الميدان علي شكل قرارات، تخدم الشعب، والأغلبية ولذلك نحن نذهب الي ما قاله عثمان بن عفان “الزموا جماعتكم لا تصيروا أحزاباً”وكما قال في اخر خطبة له :
(إن الله أعطاكم الدنيا لتطلبوا بها الأخرة ، ولم يعطيها لتركنوا إليها، إن الدنيا تفنى والأخرة تبقى، لا تبطرنكم الفانية، ولا تشغلنكم عن الباقية، وآثروا ما يبقى على ما ينفى، فإن الدنيا منقطعة وإن المصير إلى الله، اتقوا الله فإن تقواه جنة من بأسه، ووسيلة عنده، واحذروا من الله الغِير، وألزمو جمــــــــــــــــــاعتكم ولا تصـــــــــيروا أحزاباً.
(وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخوانا))، وهنا وجب التفريق بين التحزب السياسي والتحزب الأيديولوجي، لذي وجب الحرس علي تماسك الامة الجزائرية كشعب واحد وامة واحدة، ولها هدف واحد، وتوجهات واحدة، كما ان الشعب ملزم بالتمسك بالمؤسسة العسكرية حتي يثبت العكس.